الانتخابات الاميريكية: المرأة الحديدية القادمة و المهرج الساخر / خالد عياصرة

ينتخب الشعب الاميركي في الـ8 من شهر نوفمبر/تشرين الثاني عام 2016. رئيسه الجديد خلفا لباراك اوباما.
السباق على الترشح في الحزبين الديمقراطي والجمهوري على اشده، ففي اخر استطلاع للراي اجرته جامعة كوينباك الامريكية اظهر تقدم الجمهوري دونالد ترامب بنسبة 24 بالمئة مقابل 23 بالمئة للمرشح بن كارسون، فيما جاء ماركو روبيو 14 بالمئة ، ولحق به تيد كروز 13 بالمئة ، فيما حل جيب بوش في ذيل القائمة بنسبة 4 بالمئة.
الحزب الديمقراطي تصدرت الاستطلاع فيه هيلاري كلينتون بنسبة 53 بالمئة ، فيما جاء منافسها الرئيسي بيرني ساندرز بنسبة 35 بالمئة.
كما يظهر الاستطلاع امكانية خسارة هيلاري كلينتون إن فازت بترشيح الحزب الديمقراطي، اذا واجهت المرشح الجمهوري بن كارسون، بنسبة 50 بالمئة ، مقابل 40 بالمئة لهيلاري كلينتون.
كما اظهر الاستطلاع تفضيل النساء بن كارسون بنسبة 45 بالمئة ، مقابل 44 بالمئة لكلينتون، فيما يفضل 55 بالمئة من الذكور انتخاب بن كارسون، مقابل 35 بالمئة لكلينتون.
الاستطلاعات تبين ، حسم صراع في الحزبين الجمهوري والديمقراطي لصالح دونالد ترامب، وهيلاري كلينتون.

الانتخابات الاميركية حرب علاقات عامة واعلان واعلام، الاقدر والاجدر على ادارة الملفات الثالث هو الاقرب الى الكرسي الرئاسي، بل ويمكن القولك: ان الاقدر على اقناع قادة الرأي الاميركي، من فنانين ومغنين، ورياضيين، واعلامين وكتاب، هو الاقرب للفوز ببطاقة البيت الابيض ومفتاحه.
فهؤلاء ذو تاثير كبير على الناخبين، ودعمهم للمرشح يعني اقتناع عدد كبير من محبيهم ومتابعيهم به. اذ ان قوة المرشح الحقيقية تكمن في مقدرته على اختراق هذه الفئات اولاً، لمخاطبة المواطن، والتأثير عليه.
الهدوء والاتزان مطلوبان، في هذه المسابقة، فالمرشح الرئاسي قد يستطيع اسعاد الجمهور الاميركي لحين من الزمن، الا ان تقلب المجتمع الاميركي يقود لنتائج عكسية غير متوقعة، خصوصا ان عاد الى وعية، وافاق من غفوته، واتزن مع مصلحته اولا، قبل مصلحة المرشح الحزبي – الرئاسي .
وهنا مكمن الفرق بين هيلاري كلينتون و دونالد ترامب، اذ تتسم كلينتون بالعقلانية والاتزان والتحفظ، في حين يوصف الأخر بالتسرع والعجرفة وسهل استثارة اعصابه، كما يوصف المهرج الذي يضحك الناس.
لدى ترامب عقدة ” الاسلاموفوبيا ” وضد الاجئين و المهاجرين الى جانب الاقليات الناطقة بالاسبانية خصوصا ذات الاصول المكسيكية، اذ يصفهم بالسيئين، و المجرمين واصحاب المخدرات، كما يعتبرهم قنابلاً موقوتة. نظرة ترامب في الحقيقية تلخص نظرة الحزب الجمهوري القائمة على مشر الخوف من الآخرين، والبناء على مشاعر الكراهية والخوفن لاثارة القواعد الانتخابية.
ينظر الى دول الخليج خصوصا السعودية كحزائن اموال، يتوحب عليها الدفع لاميركا مقابل حمايتها، لا يكترث للعلاقات الدولية وتوازناتها، يعتبر عدوا لدودا للصين، واميركا بالنسبة له مجرد شركة يمكن ادارتها بسهولة، هو مسيحي كاثوليكي مشيخي، صديق حميم لرئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، اعتنقت ابنته اليهودية عام 2009، بعد زواجها من من رجل الأعمال اليهودي جاريد كوسنير، صاحب صحيفة ابريرمير. يقارن في بعض الاحيان جؤاء تسرعة بجورج بوش الصغير، كما يتهم بعدم الوعي للعالم وحقيقة قضاياه. تجدر الاشارة الى ان صمود دونالد ترامب الى الان ةتقدمه على منافسيه في الحزب الجمهوري، شكل احراجا كبير للحزب، بعدما اثبت ترامب مقدرته على الاستمرار، الى جانب هذا يمكن القول: ان صمود ترامب عمل على تحديد خطئ جيب بوش الى الان، لكن، اي خطأ يقترفه ترامب يعني بالضرورة منح الآخرين الفرصة للتقدم، خصوصا فيما يتعلق بالاقليات الاميريكية وعلاقات اميركا الدولية، والتي لن يسمح صانعو القرار الحقيقي في اميركيا بالمساس بها.
احد اهم اسباب صمود الرجل لها علاقة بتمويل حملته من جيبه الخاص، وهذا يعني عدم خضوعة لسيطرة المتبرعين في الحزب الجمهوري.
يدعمة اصحاب الرياضات العنيفة، مثل المصارع هاك هوجن، الملاكم مايك تايسون، لاعب كرة السلة دنيس رودمان، اضافة الى بعض رجال الاعمال كما كارل ايكان الملقب بـ ( ذئب ويل ستريت ).

ترامب رجل انيق، ومحاور بارع، يهتم بتسريحة شعره، اكثر مما يهتم بتصريحاته ولقاءاته والاعداد لها !

في حين تتصف هيلاري كما قلنا سابقا بالاتزان والعقلانية مقارنة مع ترامب، كما توصف بالدبلوماسية البرجاماتية المقدرة على مجارة منافسها، و محاورة جمهورها مع انها متحفظة في الكثير من القضايا، لا يمكن استثارتها بسهولة.
تبتعد عن المواضيع الخلافية كثيرا، و تحاول الخروج باقل الخسائر، يدعمها فنانون ومخرجون: مثل شاكرا، كاتي بيري، جينفر لوبيز، جينفر لورينس، ليدي جاجا، دي كابريو، بن افليك، كيم كارديشان، ميريل ستريب، بوسنية، ريكي مارتن، الى جانب الكتاب الساسة ومسؤولين في الداخل الولايات المتحدة وخارجها.
بلا شك تجربة الشعب الاميركي القادمة جديدة، قد تقترب من تجربته في اختيار الرئيس الامريكي الحالي باراك اوباما، اذ يرى ان ثمة ضرورة قصوى لانتاج قيادة رئاسية جديدة، غير متسرعة ولا متعجرفة، ومتزنة وواعية لمصالح المواطن الاميركي في الداحل قبل الخارج، رئيس ليس ضعيفا مثل اوباما، او مجنونا مثل جورج الصغير بوش.
الاقرب الى الفوز بهذه التجربة هي هيلاري كلينتون باعتبارها اول مرشحة نسائية تخوض سباق الرئاسة نحو البيت الابيض، كما انها ستحقق انجازات اخرى عدا كونها امرأة تتسلم قيادة الولايات المتحدة، اذ يشكل فوزها استمرار سيطرة الحزب الديمقراطي على البيت الابيض في ثلاثة ولايات رئاسية على التوالي، وهو ما شكل سابقة منذ الحرب العالمية الثانية.
الى جانب هذا يقول بعض الامريكان: لنتخيل فقط ان يكون الرئيس الامريكي القادم امرأة ! يعتقد البعض ان كلينتون ستتحول الى امراة حديدة كما تاتشر رئيسة الوزراء البريطانية، او انجيلا ميركل المستشارة الالمانية الحالية.

فيما يتعلق بالرئيس القادم وسياسته الخارجية، فانها لن تختلف كما هي العادة، اذ ستبقى كما هي، ولن يقترب منها المرشحين للرئاسة في كلا الحزبين، الا ان المناورة التي يعتمدها المرشحين تتمحور حول السياسة الداخلية وما يريده المواطن الاميركي.

#خالد عياصرة – شيكاغو
kayasrh@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى