مصر تشتري الغاز بأربعة أضعاف سعر بيعه لإسرائيل

سواليف _ تبدأ مصر رسمياً يوم 10 يناير/ كانون الثاني الجاري استيراد الغاز الطبيعي من دولة الاحتلال وفقاً لاتفاقية موقعة بين شركات من البلدين في عام 2018.
ووفقاً للأرقام المعلنة، ستشتري مصر الغاز من إسرائيل في المتوسط، بنحو أربعة أضعاف الذي كانت تبيعه لها منذ عام 2005 وحتى عام 2012.

“سعر بيع الغاز الإسرائيلي لمصر لن يقل عن سعر عقود بيع الغاز داخل إسرائيل أي حوالي 4.8 دولارات لكل مليون وحدة حرارية، وبعد إضافة أسعار النقل والضخ سيتراوح السعر ما بين 5 و5.5 دولارات”

وذكرت هيئة البث (الإذاعة) الإسرائيلية على موقعها الإلكتروني في وقت سابق من الشهر الماضي، أن سعر بيع الغاز الإسرائيلي لمصر لن يقلّ عن سعر عقود بيع الغاز داخل إسرائيل، وأنه سيكون مربوطاً بسعر برميل النفط من خام برنت القياسي، أي نحو 4.8 دولارات لكل مليون وحدة حرارية، وبعد إضافة أسعار النقل والضخ سيراوح السعر فيما بين 5 و5.5 دولارات لكل مليون وحدة حرارية.

ووفقاً لأرقام حديثة حول أسعار الغاز الطبيعي في الأسواق العالمية حالياً، فإنه يصل في العقود الآجلة إلى نحو 2.2 دولار فقط لكل مليون وحدة حرارية.

وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في وقت سابق من الشهر الماضي، إن مصر ستستخدم الغاز المستورد من دولة الاحتلال للاستهلاك المحلي، وأكدت الوزارة في حسابها على موقع تويتر، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أن وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شطاينتس، وقع على التصاريح اللازمة لتصدير الغاز إلى مصر، مشيرة إلى أن الغاز المصدر مخصص للاستخدام في السوق المحلي المصري.

وكان الشركاء في حقلي لوثيان وتمار للغاز قد اتفقوا على بيع غاز بقيمة 15 مليار دولار لعميل في مصر، هو شركة دولفينوس القابضة، لكن الاتفاق عُدِّل بعد ذلك لزيادة الإمدادات 34 في المائة إلى نحو 85 مليار متر مكعب من الغاز.

وقدر مصدر في قطاع الطاقة بإسرائيل قيمة الغاز المقرر الآن تصديره إلى مصر بنحو 19.5 مليار دولار، منها 14 مليار دولار من لوثيان و5.5 مليارات دولار من تمار.

وبحسب الاتفاق المعدل، ستبدأ الإمدادات في الأول من يناير/ كانون الثاني 2020، وستتواصل حتى عام 2034. وستبيع الشركات 2.1 مليار متر مكعب سنوياً، على أن تزيد الكمية إلى 6.7 مليارات متر مكعب سنوياً، اعتباراً من العام الثالث.
وسيدخل نحو خمسين بالمائة من عائدات تصدير الغاز إلى مصر لخزينة الاحتلال كضرائب ورسوم مختلفة، ووصف شطاينتس الاتفاق، عند توقيعه على المصادقة النهائية، بأنه “إنجاز تاريخي” لإسرائيل. وقال إنه أهم مشروع تعاون اقتصادي بين الدولتين منذ أن وقعتا معاهدة السلام عام 1979.

ووصف رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، في فبراير/ شباط 2018، صفقة تصدير الغاز الإسرائيلي المنهوب من مياه إقليمية عربية بأنّه “يوم العيد”، مضيفاً أنّ الصفقة “ستعزز الاقتصاد الإسرائيلي وتقوي العلاقات الإقليمية”. وقال نتنياهو حينها: “أرحب بالاتفاق التاريخي اليوم على تصدير الغاز الإسرائيلي لمصر الذي سيدرّ المليارات على خزينة الدولة لإنفاقها على التعليم والصحة، ويحقق الربح لمواطني إسرائيل”.

ثمن بخس

وتضمن اتفاق تصدير الغاز المصري لإسرائيل في 2005، إمداد شركة الكهرباء الإسرائيلية بنحو 1.7 مليار متر مكعب سنوياً لمدة 20 عاماً، بسعر يراوح بين 70 سنتاً و1.5 دولار للمليون وحدة حرارية، بينما وصل سعر الكلفة آنذاك إلى 2.65 دولار، كما حصلت شركة الغاز المسؤولة عن التصدير على إعفاء ضريبي من 2005 إلى 2008.


تضمن اتفاق تصدير الغاز المصري لإسرائيل في 2005، إمداد شركة الكهرباء الإسرائيلية بنحو 1.7 مليار متر مكعب سنوياً لمدة 20 عاما، بسعر يتراوح بين 70 سنتاً و1.5 دولار للمليون وحدة حرارية، بينما وصل سعر الكلفة آنذاك إلى 2.65 دولار


وتشير تقديرات في تلك الفترة، إلى أن متوسط بيع سعر الغاز في أسواق أوروبا القريبة من مصر، إلى نحو 10 دولارت في المتوسط للمليون وحدة حرارية، مع الأخذ بالاعتبار أن سعر الدولار بين عامي 2005 و2012 راوح بين 5.5 إلى 6 جنيهات مصرية، بينما يبلغ سعره حالياً نحو 16 جنيهاً.

وحسب خبراء في مجال الطاقة، فإن مصر كانت تبيع المليون وحدة حرارية بسعر يراوح بين 4 و9 جنيهات، بينما تشتريه حالياً بنحو 80 إلى 88 جنيها للمليون وحدة حرارية.

وقدّرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية خسارة مصر من تصدير الغاز لإسرائيل بنحو 10 مليارات دولار، فيما قدرها السفير الراحل إبراهيم يسري، بنحو 45 مليار دولار.

وقال أمين لجنة الصناعة والطاقة السابق في البرلمان المصري، حاتم عزام في تصريحات سابقة لـ”العربي الجديد”، إن مسألة تصدير الغاز لإسرائيل في عهد مبارك جرت في الأساس بالتحايل على الدستور والقانون بواسطة وزير البترول آنذاك سامح فهمي، ورجل الأعمال حسين سالم، المقرب من مبارك، الذي أُسند أمر تصدير الغاز المصري لسلطة الاحتلال إليه من خلال شركة يمتلكها.

وأضاف عزام أن عملية الفساد طاولت السعر، إذ ورّدت هيئة البترول المصرية الغاز إلى حسين سالم بأقل من 30% من قيمته المعلنة (75 سنتاً للمليون وحدة حرارية)، في حين أن سعر وزارة البترول التي تشتري به ذات الغاز من الشركاء الأجانب في مصر كان 2.45 دولار للمليون وحدة حرارية، ما سبّب خسارة فادحة للموازنة العامة المصرية.

وتوقفت عمليات تصدير الغاز المصرية نهائياً في 2012 إثر رفض شعبي للصفقة عقب قيام ثورة 25 يناير 2011، وفي عام 2015 أمرت غرفة التجارة الدولية مصر بسداد تعويض قدره 1.8 مليار دولار لشركة كهرباء إسرائيل المملوكة للدولة بعد توقف التصدير المصري بداية من عام 2012.

وقالت الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية بعد ذلك، إنهما توصلتا إلى اتفاق ودي لحل النزاع القائم بين الأطراف وتسوية وتخفيض مبلغ الحكم الصادر لمصلحة هيئة كهرباء إسرائيل إلى 500 مليون دولار، تُسدّد على ثماني سنوات ونصف بواقع 60 مليون دولار دفعة مقدمة في تاريخ تفعيل اتفاق التسوية.

العربي الجديد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى