في سجن الجويدة (٢) / النزيل : محمود الشمايله

في سجن الجويدة (٢)

تجاوزت اليوم الأول والثاني بصعوبة ، وفي المساء بدا السجن أكثر ألفة منضضض قبل، في المهجع التقيت بابي فاروق كان رجل خمسيني كثير الحركة ودود وفضولي ، استطاع أن يتعرف على جميع المساجين وانا منهم ، سألته عن سبب حبسه حتى فاضت به الكلمات ، عرفت انه دخل السجن على إثر مشاجرة مع شقيقه وبشكوى إضافية اتهم فيها بالاعتداء على زوجة شقيقة بالضرب ، غير أنه أضاف انا بريء والشكوى كيدية من زوجة شقيقي.

ايضا شقيق ابو فاروق في السجن ،هو محبوس على ذمة القضية فهناك ايضا شكوى مشاجرة مضاف إليها تهمة تكسير سيارة شقيقة .

تبدو الحالة صعبة جدا ، خاصة أن المناكفات مزمنة وعمرها طويل ..

مقالات ذات صلة

استطعت أن أصل إلى شقيق ابي فاروق في السجن ، تحدثت معه كثيرا فاكتشفت أن معظم حديث ابا فاروق عن شقيقه ليس صحيحا أو ربما مثير للشك فنصف الحقيقة ما زال غائبا .
في ذلك اليوم انشغلت كثيرا مع الشقيق الأصغر، ثم عدت إلى ابي فاروق ..
سألته عن السجن وكيف هي حاله فيه ، أبتسم قليلا وهو يقف على حافة البكاء ، قلت يا أبا فاروق شقيقك ناصر سألني عنك واوصاني بك خيرا ..
أدار ابو فاروق وجهه حتى فاضت عيناه ..
تحدثت معه طويلا حتى تحطمت حصون عنادة، فقد اخذ منه السجن ما أخذ ، هي خمسة عشر يوما كان قد امضاها على ذمة القضية …

في لحظة ما جمعت ابا فاروق مع شقيقة الأصغر..قلت له هذا واحد من أبناءك فكيف يطاوعك قلبك على حبسه؟

لماذا لم تعاقبه بيدك فهي ارحم من جدران السجن؟

كان المشهد مؤلما بقدر سعادتي، تركت الشقيقين يتحدثان بشرط عدم الحديث عن المشكلة نهائيا.

فقد اتفقا على إسقاط الحقوق الشخصية في المحكمة والعودة إلى منزليهما المتجاورين. فيما اخذت عهدا أن لا تصل الامور إلى المشاجرة مرة أخرى.

قبل يومين اتصل معي ابو فاروق ليخبرني انهما خرجا من السجن وأن الامور تمت على ما يرام ، ثم أضاف اشتقت لشقيقي الأصغر.

كنت أتساءل لماذا لم يجد الشقيقان طرف ثالث يكبح جماح الشيطان في قلوب المتخاصمين؟!.

ولا حول ولا قوة الا بالله…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى