مسماران وخيط / خلود المومني

مسماران وخيط

عائدة من مدرستي. ..مسرعة لأصل البيت. …يمتلىء رأسي بالواجبات التي سأنجزها اليوم. .وتصرخ معدتي مع كل رائحة طعام شهية يشتمها أنفي من بيوت الأحياء التي أمر بها في طريقي ….ولم يخطر لقلبي أن يكون في الطريق من يترصد طالبات المدرسة العائدات. ….بمسمارين وخيط. ….يدقون المسمارين في طرفي الطريق ويصلون الخيط بينهما
وكل وحظها. ..فهناك من ستفشق عن الخيط وتتجاوزه دون أن تسقط على الأرض. …وهناك من سيلتقط قدمها وتنقلب سقوطا على وجهها. . ليبدأ الفتية بالضحك والقهقهة من مخابئهم.
ولم أكن ذات حظ كبير. . فلم أصدق يوما أنني ولدت في ليالي القدر. ..ويومها زاد يقيني.
تشركلت بالخيط. ..وسقطت بقوة على الاسفلت. ..استطعت أن احمي وجهي أثناء سقوطي. لكني لم أستطع أن احمي ركبتي وكفتي يدي. ….لم أستطع أن احمي قلبي من ألم لا يحتمل. ….لم أشعر حينها بأي ألم في قدمي. ..فقط الم مميت اصاب روحي…نهضت مسرعة وركضت. ..ركضت كي تتجاوز أذناي ضحكاتهم واستهزاءهم….وصلت المنزل. . تفقدت مكان الإصابات. ….ربما ما زالت ندوبها إلى اليوم تذكرني بسبب كرهي لتلك القرية. ..وأصبح أكبر طموحاتي وأغلى أحلامي الخروج منها. ….ما زال ذلك الألم في روحي يذكرني أني كنت يوما موضع سخرية. ..وأن ألمي قد قتل كل رغبة لي في السير بأي شارع أو طريق فيها. …..ما كان يلزمني أكثر من مسمارين وخيط. …..كي لا تهفو ذكرى تلك الأماكن التي يتغنى بها الناس لطفولتهم العذبة على ذاكرتي. …لم يكن يلزمني أكثر من مسمارين وخيط كي أنسى الأماكن وتنساني….وإن مت يوما لا أريد أن ادفن هناك. …ولتكن هذه وصيتي. ….ادفنوني في الجنوب. …في العقبة. …فلم أشاهد فيها يوما أحدا يحمل مسمارين وخيط !!!!!!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى