المسرحية / علي الشريف

المسرحية
كلما عشنا حدثا مهما او راينا شيئا مثيرا في بلادنا او حتى في غير بلادنا بدانا بالتحليل للحدث لنخرج في نهاية الامر بان ما يحدث عبارة عن مسرحية.
ضاع نصف فلسطين عام 48 فخرج الاباء والاجداد يصفون الامر بالمسرحية ثم ضاع الباقي ولا زال الابناء يعتقدون انهم في مسرحية ضاعت سيناء والجنوب والجولان وقالوا مسرحية .
ضاعت القدس ولا زال هناك من يقول مسرحية وضاعت العراق والمسرحية لازالت تعرض واعدم صدام وهناك من وصف اعدامه بالمسرحية انهارت ليبيا واعدم القذافي ثم تدمرت سوريا وثقافة المسرحية لا زالت قائمة.
اذا هددت ايران اسرائيل فالامر فصل من فصول المسرحية واذا ما قصفت اسرائيل مواقع ايرانية فهذه ربما تكون الحبكه في مسرحيتنا الطويلة اختلاف الليل والنهار نعتبره مسرحية …حتى مباريات كرة القدم صارت فصل مسرحي شيق.
في بلاد العرب ليست اوطاني هذه الثقافة باتت تنتشر اكثر فلم تعد سياسة لاننا ان مرض مسؤول نقول مسرحية وان مات مسؤول نقول مسرحية والانتخابات مسرحية حتى وصفنا الشجارات وحرق الاطارات بالمسرحية ووصفنا سرقة البنوك بالمسرحية نحن لو افني شعب كامل سنقول ان الفناء مسرحية.
كل ما يحدث نصفه بالمسرحية وللان لا زلنا في هذه المسرحية نلعب دورين اما الاول فاننا نحن الحضور واما الثاني فنحن الكومبارس وللان لا نعرف متى بدات ومتى تنتهي هذه المسرحية .ولا نعرف متى يموت البطل.
حين نكون الحضور فاننا نمارس التسحيج والتشكيك ونواصل الانتظار والتوقعات لما سيحدث في الفصول القادمة وحين نكون الكومبارس فنحن من نضرب ونحن من نقتل .ونحن من نمارس التنظير… والاهم اننا نموت والتصفيق دائما للبطل.
خبراء في الانتاج وخبراء في المونتاج وخبراء في الاخراج وفي تاليف الروايات وصياغة الحبكة والتوقعات … خبراء نحن حتى في تحديد موعد الموت وموعد الحياة…اما الاهم فنحن خبراء جدا في تصديق الاشاعات وتصديرها لتصبح في عقولنا امرا واقعا وكل امرنا اننا شاهد ما شفش حاجة .
متى تنتهي المسرحية .. متى ننتهي من التشكيك والانتظار صبرنا سنوات طويلة ونحن نشاهد فصلا يتلوه فصل وكتبنا على اعمارنا الهزيمة ووصمنا انفسنا بالشجاعة والرجولة، تسترنا خلف وهم اسمه التاريخ الذي ضاع كما ضاعت الاوطان وتخندقنا خلف القبلية فصارت فزعاتنا على بعض وصرنا نكذب بعضنا بعض ونلقي السمع كي نصدق ما يقال بعيدا عنا.
نحن اكبر مسرحية في هذا التاريخ ونحن ملهاة الدول غرزوا في انفسنا اننا اسياد الدنيا ونحن لسنا بشيء على هذه الدنيا جعلونا نتحدث بالكرم والشهامة وثبت اننا كنا اكرم اهل الدنيا بضياع الاوطان …
نحن مسرحية يجب ان ياتي فصلها الاخير .. بضربة توقظ فينا روح الكرامة الغائبة النائمة… توقظ فينا ان الرجولة ليست على النساء ..نحن بحاجة الى غيمة تمطر كرامة على ارضنا لعلها تعود ارضنا فتنبت منها ارواح الشهداء .
نحن مسرحية كتبونا منذ زمن جعلونا القتلى والموتى والاسرى والمهجرين والمشردين والجوعى والارهابين ..قسمونا شعوبا وقبائل تابى ان تتعارف ، قوينا ياكل الضعيف وصغيرة بقدها المياس هناك تاكل اقوانا .
نقتل ونصفق لمن قتلنا نموت ونضحك على موتنا نتشرد في اوطاننا فنصبح مرة لاجئين ومرة نازحين ومرة نصبح مثل الهنود الحمر وان شد الامر علينا اختلفنا من يموت قبل الاخر.
من يكتب اخر سطورنا من يكتب نهايتنا من يكتب اننا امة ضحكت من جهلها الامم لا احد سيكتب ..لاننا كتبنا ذلك على انفسنا منذ زمن …نحن اكبر مسرحية حان وقت اسدال الستار على اخر فصولها

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى