عالم عبارة عن مسرحية و شعوب مُغيّبَة / علي جازي التبيني السردية

عالم عبارة عن مسرحية و شعوب مُغيّبَة

نظرة العاقل و المدرك للعالم و للسياسة العالمية الحالية , لا يخفى عليه بأنها عبارة عن مسرحية يتفنن أبطالها بممارسة الدجل و النفاق و (الدهلسة)
أما الشعوب فهي الضحية المغلوب على أمرها و التي تنقسم لعدة أشكال
فمنهم الغائب و منهم المغيب و منهم المجبر على تصديق الأكاذيب و مجموعة أخرى تفهم اللعبة و لكنها (صامتة) تراقب بألم .
(زيارة الرئيس الأمريكي للملكة السعودية)
من خلال زيارة الرئيس الأمريكي للسعودية ثم لإسرائيل , أدركت كم شعوبنا مغيبة عن الحقيقة , فالتناقض الرهيب سيد الموقف , و يتجلى بوضوح من خلال محاور عدة , أهمها : جلس ترامب يستمع لخطابات قادة الدول الإسلامية طبعاً هنا أقصد الخطابات المعلنة التي بثتها الفضائيات العربية و العالمية , حيث كانت تلك الخطابات قد ركزت بشكل واضح على القضية الفلسطينية , لدرجة أنني كدت أصدق بأن القضية الفلسطينية هي هاجس أولئك القادة و همهم الأول , و كان ترامب مستمع جيد وكان يهز رأسه أثناء سماعه لخطابات القادة , لكنه حتماً كان يعرف جيداً بأن تلك الخطابات مجرد (عرض مسرحي للجماهير العربية)
فهو حتماً يعرف بأن ما يدور في الاجتماعات المغلقة من حديث و تنازلات هو الأهم و هو العقد الملزم , ذلك العقد الذي لا يقرأ بنوده و لا يعرف تفاصيله أفراد شعوب أولئك القادة .
و إن أكبر برهان على ذلك , زيارة ترامب مباشرة لإسرائيل و مباركة أفكارها و إرهابها و جرائمها , أعتقد حتى تكتمل المسرحية و تكون أكثر واقعية كان يجب على ترامب أن يحترم عقول شعوب المسلمين و يؤجل زيارته لإسرائيل لوقت آخر و أن يمارس التمثيل بإتقان أكثر كونه كان قد مارس مهنة التمثيل سابقاً ,
ففي هذا الجزء تحديداً تناقض عجيب لا يمكن لعقل بشري تصديقه ,
بالأمس تجلس مع قادة الدول الإسلامية و تدعون بأنكم ترفضون الإرهاب و أنكم مع حل القضية الفلسطينية واليوم تنام بأحضان دولة الإرهاب المحتلة هذا قمة التناقض و الكذب .
(اتفاقيات بمليارات الدولارات)
أما بالنسبة للاتفاقيات التي تم توقيعها مع ترامب و التي تقدر بمليارات طائلة أعتقد جميع تلك الاتفاقيات تصب بمصلحة البطل الرئيسي في المسرحية (ترامب)
أتسائل هنا كمواطن عربي ما الضير في لو كل تلك المليارات توجهت لاتفاقيات ما بين الدول العربية , و ما المشكلة لو توجهت تلك المليارات و الهدايا للدول العربية المتهالك اقتصادها .
للأسف نحن أمة متهالكة بكل المقاييس , اقصتصادياً و اجتماعياً و سياسياً
ضمائر ميتة , و قلوب متباغضة , و أمنيات و احلام ضيقة ,
أكاذيب كثيرة و مسرحيات تمر في حياتنا و نحن غافلون . تُنهب خيرات بلادنا و نحن غافلون , تَدمر العراق و ضاعت خيراته بحجة امتلاكه لأسلحة دمار شامل و بحجة تحرير العراق من بطش صدام , تدمرت ليبيا و ضاعت خيراتها و نحن غافلون , و اليمن و السودان و مصر و غيرها كل ذلك الدمار حل بنا و نحن غافلون و تمت كل تلك العقود بتوقيع أبطال تلك المسرحيات ,
للأسف أكرر نحن أمة متهالكة مغلوب على أمر شعوبها , ففي بلادي (الوطن العربي)
تعدم الأحلام و تموت الذكريات في قلوب أصحابها ,, في بلادي يموت المفكرين و الشعراء قبل أن يقرأ الناس أشعارهم ,,
****
في بلادي عشرات الوحوش فقط ,,, و ملايين الجِياع .
في بلادي ,,
الشعر ,,,,, (ممنوع)
الحديث ,,,, (ممنوع)
أن تعترض ,,(ممنوع)
أن تكتب ,, (ممنوع)
الحلم ,,, (ممنوع)
الحب ,,,, (ممنوع)
في بلادي يموت الفِكر في شِباك الجوع .
****
و التاريخ يسجل ,, و لا أدري أي تاريخ لأمتنا سيدرسه أبناؤنا , تاريخ كله ذل و هوان , ربما ينبغي على بلادي أن تتوقف عن تدريس مادة التاريخ لأولادنا فلا داعي لوجودها ضمن مقرراتنا , فتاريخنا عبارة عن تغييب للشعوب و مسرحيات و أكاذيب و نفاق , يبدأ بكذبة الوقوف مع القضية الفلسطينية , ثم مسرحية حل الأزمة السورية , و الحرب في اليمن , و دمار العراق , و مرض مصر , و انهيار ليبيا , و غيرها الكثير , أي تاريخ ذلك الذي سيقرأه أولادنا و أكبر منجزاتنا فيه / the voice / arabs got talent // و arab idol
***
في مثل هذا المقام تذكرت قصيدة الشاعر المصري أحمد مطر , أضعها بين يدكم
و كل عام و أنتم بألف خير بمناسبة أننا على أبواب شهر رمضان المبارك .
(بقلم علي جازي التبيني السردية)
alicoo01@yahoo.com
و إليكم القصيدة , // أحمد مطر (صاحبي حسن)
زارَ الرّئيسُ المؤتَمَـنْ
بعضَ ولاياتِ الوَطـنْ
وحينَ زارَ حَيَّنا
قالَ لنا :
هاتوا شكاواكـم بصِـدقٍ في العَلَـنْ
ولا تَخافـوا أَحَـداً..
فقَـدْ مضى ذاكَ الزّمَـنْ .
فقالَ صاحِـبي ( حَسَـنْ ) :
يا سيّـدي
أينَ الرّغيفُ والَلّبَـنْ ؟
وأينَ تأمينُ السّكَـنْ ؟
وأيـنَ توفيرُ المِهَـنْ ؟
وأينَ مَـنْ
يُوفّـرُ الدّواءَ للفقيرِ دونمـا ثَمَـنْ ؟
يا سـيّدي
لـمْ نَـرَ مِن ذلكَ شيئاً أبداً .
قالَ الرئيسُ في حَـزَنْ :
أحْـرَقَ ربّـي جَسَـدي
أَكُـلُّ هذا حاصِـلٌ في بَلَـدي ؟!
شُكراً على صِـدْقِكَ في تنبيهِنا يا وَلَـدي
سـوفَ ترى الخيرَ غَـداً .
**
وَبَعـْـدَ عـامٍ زارَنـا
ومَـرّةً ثانيَـةً قالَ لنا :
هاتـوا شكاواكُـمْ بِصـدْقٍ في العَلَـنْ
ولا تَخافـوا أحَـداً
فقـد مَضى ذاكَ الزّمَـنْ .
لم يَشتكِ النّاسُ !
فقُمتُ مُعْلِنـاً :
أينَ الرّغيفُ واللّبَـنْ ؟
وأينَ تأمينُ السّكَـنْ ؟
وأينَ توفيـرُ المِهَـنْ ؟
وأينَ مَـنْ
يوفِّـر الدّواءَ للفقيرِ دونمَا ثمَنْ ؟
مَعْـذِرَةً يا سيّـدي
وَأيـنَ صاحـبي ( حَسَـنْ ) ؟؟؟ ؟!
alicoo01@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى