سواليف
كشف تقرير نشرته صحيفة (يديعوت أحرونوت)، قام بإعداده مُحلّل الشؤون العسكريّة، أليكس فيشمان، بالاعتماد على المصادر الاستخباريّة ومحاضر الاجتماعات العسكريّة تفاصيل جديدة، عن خطة إسرائيل لغزو واحتلال بغداد أثناء حرب الخليج الأولى عام 1991.
ولفت التقرير إلى أنّ إن قادة الكيان السياسيين والعسكريين وجدوا أنفسهم أمام تحدّي الردّ على قصف إسرائيل بصواريخ سكود العراقية، بأوامر من الرئيس الراحل، الشهيد صدّام حسين، زاعمًا أنّ الدروس المُستفادة من تلك الأيام ما زالت تلقي بظلالها الآن فيما يتعلق بردٍّ إسرائيليٍّ على التهديد الإيرانيّ.
وأضاف أنّ الإيرانيين قد ينشروا الصواريخ في غرب العراق، وهي تقريبًا نفس المنطقة التي أطلقت منها صواريخ سكود بعيدة المدى على إسرائيل خلال حرب الخليج الأولى، في الثامن عشر من كانون الثاني (يناير) 1991، وإجمالاً تمّ إطلاق 40 صاروخًا من العراق، دون ردٍّ إسرائيليٍّ، مؤكّدًا على أنّ تل أبيب ما زالت تدفع ثمنًا نفسيًا-معنويًا حتى اليوم، وحتى حماس تجرؤ على إطلاق الصواريخ على تل أبيب وما زال التهديد قائمًا، حيث خلقت حرب الخليج “روح ضبط النفس″، التي أصبحت في السنوات التي مرّت عقيدة إسرائيل، والذاكرة التاريخية هي أنّ إسرائيل أوقفت، ولم تُهاجِم بسبب الضغوط الأمريكيّة الثقيلة، لكن هذا فقط نصف الحقيقة.
هيئة الأركان العامّة آنذاك تصرّفت تمامًا كمثيلتها بعد 28 عامًا بقيادة أيزنكوت، التي تعاملت مع إمكانية القيام بمهاجمة المشروع النووي الإيرانيّ،، حيث فضلّت أيضًا أنْ يحلّ الأمريكيون المشكلة نيابةً عن إسرائيل لكنهم لم يكونوا واثقين من أن الأميركيين سيقومون بهذه المهمة بطريقة مرضية ، لذلك اتفقوا جميعا على أنه إذا أطلق العراق صواريخ على المراكز السكانية الرئيسية ، فلن يكون أمام “إسرائيل” خيار سوى الرد.
وتابع التقرير: قيّم قائد الأركان بأنّ جيشه لم يكُن لديه القدرة على تدمير سلاح الجو العراقيّ، كما أنّه لم يكن لديه القدرة على منع أوْ وقف إطلاق الصواريخ بالكامل على إسرائيل، ولذلك، فإنّ الأولوية القصوى للجيش تتمثل في كيفية ردع العراق عن إطلاق المزيد من الصواريخ.
وشدّدّ التقرير على أنّ هذه الديناميكيّة في التحوّل السريع من الحماس إلى البرود، والذي نشأ في واقع الأمر عن عدم الاستعداد، كانت موجودة حتى نهاية الأزمة، والجيش نفسه لم يفهم ما يريد، وبدأ بخطط عمليات كوماندوز صغيرة، وانتقل إلى استعداداتٍ مكثفةٍ لغزو غرب العراق باستخدام مئات من الجنود الذين سيبقون في الميدان لعدة أيام دون توقفٍ، وانتهى الأمر بلا شيء.
وأكّد التقرير على أنّ وزير الأمن، موشيه آرنس، طلب دراسة خيار مهاجمة السدود على نهري دجلة والفرات في العراق، وفحصت دائرة الاستخبارات تداعيات تدمير اثنين من السدود الثلاثة: حديثة وصدام (المعروف الآن باسم سد الموصل) وسامراء، وتقرّرّ أنْ تقوم مجموعة الاستخبارات بجمع معلومات حول سبعة سدود في العراق، وقد تمّ اتخاذ هذه القرارات على الرغم من حقيقة أنّه قبل أسبوعين ونصف، أعلن قائد سلاح الجو أنّه ليس لديه القدرة على تنفيذ هذه الهجمات.
يعتبر التقرير أنّ حرب الخليج هي سابقة سيئة، واليوم ، بينما يقوم آفيف كوخافي بإعداد الجيش لحقبة ما بعد الحرب الأهلية في سوريّة، يجب عليه أنْ يأخذ في الحسبان حقيقة أنّ إسرائيل ستخضع دائمًا لضغوطٍ سياسيّةٍ من قبل قوّةٍ قد تحرمها من حرية التصرف، سواءً كان الأمريكيون، في إيران أوْ الروس في سوريّة.
درس آخر من حرب الخليج، شدّدّ المُحلّل العسكريّ، هو أنّ جيش إسرائيل لم يكُن مستعدًا لتغيير التهديدات الإقليميّة، وتمّت صياغة الخطط في وقت الحرب، وحتى الجيش نفسه لم يكُن مقتنعًا بأنّهم يستطيعون الصمود، ومن أجل تحمل الضغط ، كان على القيادة السياسيّة أنْ تكون متأكّدةً من أنّ لديها جيشًا ذا قدرة حقيقية، أوْ أنّ المعركة الدبلوماسية ستضيع أيضًا.
ونتيجة أخرى، تابع التقرير، كانت مخصصةً بشكلٍ رئيسيٍّ لجيران إسرائيل: في حرب الخليج، أعدّت إسرائيل إجراءات عقابيّة قاسيّة بشكلٍ خاصٍّ، لم تُنفذّها لأنّها لم تكُن جاهزةً من وجهة نظرٍ سياسيّةٍ أوْ عمليّةٍ أوْ استخباراتيّةٍ، لكنّ استعدادها لإلحاق الضرر بالمدنيين من أجل إلحاق ضررٍ هائلٍ بدولةٍ مُعاديةٍ، لا يزال قائمًا حتى اليوم، والقدرات الاستخباراتيّة والتشغيليّة طويلة المدى موجودةً أيضًا.
وخلُص التقرير إلى القول إنّه على العدوّ أنْ يعلم أنّ الشيء الوحيد الذي يمنع إسرائيل من ضرب المدن الكبرى ردًا على الهجمات على مدنييها هو استعداد القيادة السياسيّة للقيام بذلك بالفعل، على حدّ تعبيره، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ القيادة الأمنيّة، العسكريّة والسياسيّة كانت تخشى من قيام العراق بضرب مفاعل ديمونا النوويّ.
راي اليوم