ما هي حكاية “مصحف عثمان” الذي أهداه بوتين لخامنئي؟

اعتبر علي هاشم، مدير موقع “الميادين أونلاين” الإلكتروني، أن مخطوطة المصحف الشريف التي أهداها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي “تحمل رسائل في أكثر من اتجاه، لدول إسلامية، مفادها أن مدخل روسيا إلى العالم الإسلامي سيكون عبر بوابة طهران”.

وفي مقال لهاشم تحت عنوان: “هدية بوتين لخامنئي: مصحف عثمان من قرطبة إلى طهران”، احتفت به وكالة “تسنيم” للأنباء، المقربة من الحرس الثوري الإيراني، أكد هاشم أن المخطوطة “لم تکن هدية عادية، فهي تنسب إلى الخليفة الإسلامي الراشد الثالث، عثمان بن عفان، ويحمل آثارا من دمائه على حد قول أحد أهم الباحثين العالميين في النسخ القرآنية القديمة، وهي نسخة تعود في التاريخ إلى زمن الإسلام الأول”.

وأشار هاشم أن تاريخ هذه المخطوطة، بحسب إيفيم رزفان، وهو بروفيسور روسي متخصص في الدراسات القرآنية ونائب مدير متحف الإنثروبولوجيا والإنثوغرافيا في بطرسبرغ في روسيا، وهو کتب سابقا عن هذه النسخة النادرة من القرآن “منذ أواخر القرن الخامس عشر، تعتبر هذه النسخة القرآنية، واحدة من الأهم في العالم، کانت محفوظة في مجمع عشقيا الصوفي في قرية صغيرة تدعى کاتالانغار، التي تقع 100 کلم جنوبي سمرقند، ثاني أکبر مدن أوزبکستان”، مشيرا إلى أنه “منذ قرون وهذه النسخة ينظر إليها کواحدة من النسخ الأصلية للقرآن العثماني، المکتوب بيد الخليفة الراشد الثالث، وعليها قطرات من دمه”.

وتابع البروفيسور الروسي بأن “هذه النسخة تعود إلى 12 قرنا مضت، وهي تختزل قصص أسر حاکمة وأمم ومدن وشعوب. هو عصارة الرواية التاريخية للحضارة الإسلامية، منذ انبثاقها في القرن السابع الميلادي في الجزيرة العربية، مرورا بمرحلة الانتصارات والفتوحات الإسلامية، وصولا إلى يومنا هذا وقدرة المسلمين على الصمود والبقاء رغم النظام الشيوعي في الاتحاد السوفياتي السابق”.

وأشار رزفان إلى أن هذه المخطوطة “انتقلت إلى قرطبة في العام 870 ميلادي، الموافق 256 للهجرة، ثم اختفت قبل أن تظهر في العام 1243 ميلادي لدى الظاهر بيبرس في مصر الذي أرسلها هدية إلى زعيم القبيلة الذهبية المغولي الذي اعتنق الإسلام وأعلن مبايعته للدولة العباسية، وهو نفسه الذي تصدى لهولاکو وهزمه بالتعاون مع المماليك”، مضيفا أنه “بعد قرن ونصف هاجم تيمورلنك مغول القبيلة الذهبية، وهزمهم، وأخذ المصحف التاريخي رمز القوة وأتى به إلى سمرقند”.

لکن رواية أخرى تناقض رواية رزفان، وهي رواية ابن نصير في کتاب “فضائل القرآن”، التي يقول فيها إن القرآن الذي کان في سمرقند جاء به تيمورلنك من البصرة، إلا أن الاثنين لا يختلفان في أن الکتاب هو من المصاحف الأولى والأکثر قدما وذو أهمية تاريخية کبرى.

ووصف رزفان أن هذا المصحف “مکتوب على سبع وتسعين ورقة رق (وهو جلد الضأن الذي يعالج بطرق خاصة تسمح في ما بعد بالکتابة عليه) بالخط الحجازي، تعود إلى القرن الأول الهجري، والأوراق موزعة على سان بطرسبرغ وکاتالانغار وبخارى وطشقند، تحتوي تقريبا على نصف النص القرآني”.

من التاريخ إلى الحاضر

وأشارت “تسنيم” إلى أن إهداء المخطوطة جاء لإرسال عدة رسائل، موضحة أنه “خلال السنوات الماضية لم تصل العلاقات الروسية الإيرانية إلى مستوى التحالف، وإن نظرة تاريخية للعلاقة منذ انتصار الثورة الإسلامية وحتى سقوط الاتحاد السوفياتي کمرحلة أولى، ومنذ قيام روسيا الاتحادية وحتى الآن تشير إلى أن ما بين البلدين مصالح مشترکة تفرضها التحديات والخصومات المشترکة”.

وتابعت تسنيم بأن “هذه المصالح تعززت في المفاوضات حول مشروع إيران النووي، وفي خضم المفاوضات ظهرت أزمة سوريا، وفي أوج الأزمة دخل الإيراني ثم الروسي على الخط، ليخرجا معا من دائرة المصالح المشتركة فقط إلى مساحة الخندق الواحد”، مشيرة إلى وجود “تباينات کبيرة إلى العلن، البعض عللها باختلاف الرؤى، آخرون قالوا إنها تعكس أهدافا مختلفة”.

وتابعت بأن “هناك من لخص المشكلة بتصادم المفردات، دون أن ننفي حقا وجود هواجس بين البلدين تجعلهما في موقع السؤال عن کل خطوة يقوم بها الآخر”.

واختتمت “تسنيم” تقريرها بالقول إن “بوتين حمل هديته الثمينة بصندوقها الأخضر التاريخي من مطار مهر آباد مباشرة إلى خونه رهبر (بيت المرشد) وسط طهران، ومعها حمل رسائل في أكثر من اتجاه، رسائل لدول إسلامية مفادها أن مدخل روسيا إلى العالم الإسلامي سيکون عبر بوابة طهران، وأن إيران وروسيا قبل قمة المصحف، ليسا کما بعدها”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى