مال سياسي أسود أم مال حرام يا دائرة الإفتاء؟!

مال سياسي أسود أم مال حرام يا دائرة الإفتاء؟!
أ. د. خليل الرفوع

للانتخابات النيابية تقاليد موروثة يُعَدُّ لها إعدادًا محكما في الأغلب ، منها :  ما يسمى رسميا حتى من رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات بالمال السياسي، وبغض النظر عن أصول هذا المال ومن أين اُكتسِب فإن إنفاقه في موسم الانتخابات لكسب أصوات الناخبين لا يعد صدقة أو زكاة أو حتى دفع بلاد بل هو شراء للأصوات مُفرَّقة أو جملة، دع عنك مستلزمات المقرات والإفراط فيها مباهةً من مناسف وكنافة ومشروبات وأشياء أخرى، هذا واقع مشاهد معاين ينكره – قلبيًّا – المبدئيون الوطنيون النبلاء ، وقد تشتبه الأفعال على كثير من الناس وبخاصة ما يسمى المال السياسي أو المال الأسود، وهما تسميتان لطيفتان رقيقتان لا تتضمنان تحريما أو حتى شبهةً في التحريم، والمعلوم أنه رشوة لكبيرةِ شهادة الزور إن قُصِدَ منها إبطال حق أو إحقاق باطل، وليس لهذا كتب المقال بل لنسأل دائرة الإفتاء العام عن هذا أولا، ثم لماذا لا تنشط هذه الدائرة حركيا بين الناس لتقول رأي الشرع في الميدان، وليس إن سألها عابر في مكاتب مخملية مكيفة مغلقة أو عبر قناة تلفزيونية تبعث مشاهديها وهم قليل على السأم والنعاس، ولماذا لا يناط بها متابعة الانتخابات وما يجري فيها من انحرافات رجولية أخلاقية ومالية وسلوكية، نعم القانون يجرم بيع الصوت ولكن عدم وجود مخالفات ظاهريا من قبلُ يعني أحد أمرين : إما أن مجتمعنا ملائكي أو أن الحكومة بأدواتها تتغافل ليصل إلى مجلس النواب من تريد وقد سكتت عنهم من قبلُ ليسكنوا عنها من بعدُ.
   إن ما يمكن أن يزعم أن دائرة الإفتاء العام ليس من تعليماتها وأنظمتها البحث عن مكامن الفساد قول يبطله القاعدة الفقهية ( الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) فعلا وقولا وقلبا، إن مشاهدة الفتن والسكوت عنها بعلم أشدُّ من المشاركة فيها، ولعل فكرة( المتسوق الخفي) لو أرادت الحكومة له الاستمرار بلا انتقائية انتقامية موسمية من أقوى السبل للتقليل من الفساد والإفساد، ويبقى السؤال يا دائرة الإفتاء، هل شراء الأصوات بالمال أو بالطعام أو بالوعود أو بالتعينات على حساب الآخرين حلال أم حرام، وهل المال : مال سياسي أم مال حرام، طرفاه رشوة وشهادة زور، والإجابة المطلوبة لا نريدها بيننا همسا، بل يسمع صداها وترددها في كل مقر انتخابي إن أردتم أمرا بمعروف أو نهيا عن منكر وإصلاحا في الأرض، فإن رفضت الحكومة ذلك فلتكن أيها المفتون مبادرةً وطنية شخصية وأجركم من الله .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى