ما كنت بدي احchي / جمال الدويري

ما كنت بدي احchي …

لكن الأردن، الوطن والدولة والشعب والتاريخ والحاضر والمستقبل، يسكن سويداء القلب، ويعشعش في خلجات الوجدان، ويسري في مسارات الدم من الجسد، بكل انحناءة واستقامة، بكل شريان ووريد، عافيته عافيتنا، وصداعه سقمنا وشكوانا، ولا نستطيع الصمت والفرجة، وقبول (بوز النعامة)، المدفون بالرمل، او كلمات الحالمين واسطوانتهم المشروخة عند المصطلح المهترئ: كل شي تمام سيدي، ولا نقبل ان نكون شياطينا خرسا، يمتنعون عن النطق بما نعتقده حقا واجب القول والبوح. والحديث هنا عن، كم هذا القتاد والشر المتراكم، الذي ينغص عيش هذا الوطن العزيز، ويعيث وخزا والما بثوب الوطن وسكينته، ويهدد سلم وحياة المواطن الأردني الطيب المحتسب، وكمّ هذه الضباع والواويات الناهشة ليلا وفجرا، بأمن شعبنا المحترم وطمأنينته.
وما الصمت على هذا الاضطراد المخيف بنسب الجريمة وتراكم التسيب ووهن القانون، او تسطيح وصفه بالعادي الموجود في كل الدول والمجتمعات، الا تزيينا لقبيح لن يتجمل، ومكياجا رخيصا لشمطاء لا تسر الناظرين، لن تعود شبابا نظرا ببعض الأصباغ والكحل.
هذه الكم الجرمي، والكيف الأخطر، الغريب على مجتمعنا، والبعيد عن روح عقيدتنا وموروثنا المحترم وعاداتنا وقيمنا المشرفة، وصياعة عصابات المخدرات والخاوات والدعارة المستوردة، عبر شوارع عاصمتنا الحبيبة، الا اشارات خطيرة تنذر بالأسوأ، لا يمكن الصمت حيالها، ولا القبول بها وبنتائجها، وتبرير زيادتها، بالديموغرافيا المرتفعة في المكان.
ومن لا يستطيعون الصمت، ويترعون مرارة ما نعيش، ليسوا اقل انتماء للوطن وحبا له، ولا حصافة وحكمة، من اولئك الذين يبررون صمتهم، بنهج عدم تشويه صورة الوطن وتهديد السياحة والتجارة وعجلة الانتاج والتنمية والاستثمار المستقدم.
ثم…وبعد تحية اجلال واكبار وعرفان لا ينتهي، لمؤسسات امننا، وتضحياتها وجهودها، فان اضاءاتنا على مواطن الخلل ومواقع الخطر والخوف، لا يعني بالضرورة، نقدا موجها للامن ولا انتقاصا مما يقدمون، ولكنه الواجب الوطني الذي على كل منا تقدمته عند الضرورة، واسداء خدمة المعلومة لكل الجهات المختصة القائمة على راحة وأمن مجتمعنا وسلامة مواطنينا.
وبالمناسبة، فانني اتمنى على كل مواطن يواكب ويصور حدثا امنيا او خروجا على القانون، ان يرسل توثيقه لدوائر الأمن العام المختصة، ولا يسارع لجعله مادة لوسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الاليكترونية، طمعا باللايكات والانتشار الشخصي.
المنطق والموضوعية، يجعلان الحكم القاطع على احد هذين الفريقين المتوازيين الأردنيين، ليس من الحكمة بمكان، بل اقرب للجور والاستهداف الظالم، ولا بد هنا، من وضع المصلحة العامة والحرص على الوطن، فوق كل اعتبار وغاية، وقبل كل تسحيج وتعمية مدفوعة او مجانية.
ان ترك الساحة الوطنية، لأصحاب مواخير الليل، وروادها ونتنها وداشراتها، بعد ارتهانها للفساد والفاسدين والدخلاء والمرتزقة، ليس الا جريمة نكراء، ذات عواقب وخيمة وتسارع بالسقوط والهاوية، لن يسمح بها شعبنا، ولن يرضاها لوطنه الا كل خوان زنيم.
حمى الله الأردن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى