ليت بقر البشر يتعلم من بقر البهائم!!

ليت بقر البشر يتعلم من بقر البهائم!!
د. محمد يوسف المومني
درجات الحرارة أقل من معدلها السنوي المعتاد هذا النهار .. هذا ما أفاد به الراصد الجوي صباحا .. الراصد الجوي مظلوم دائما ؛ إذا صدق نقول : نحن نعرف ، نحن نشعر .. وإذا لم يحالفه التوفيق في التنبؤ فإنه يتعرض للسخرية والاستهزاء .. مظلوم في مهنته ، وتوقعه ، ونتائجه…الأمر ليس في يده .. هو يرى ويراقب ويحسب لكن السيطرة ليست في يده …انها في يد الله عز وجل …
كم من السياسيين عندنا يشبه عمله عمل الراصد ؟ كم منهم في دأب الراصد وسعيه لتكون نتائجه قريبة من الصدق؟!!
في قريتنا زارتنا منذ ثلاثة أيام بقرة .. بقرة حقيقية لا مجازية! في اليومين الفائتين كانت (خجولة) لم أسمع صوتها سوى مرات قليلة .. ربما كانت تستطلع وطنها الجديد وتسعى للتكيّف معه .. اليوم منذ الفجر تواصل خوارها بلا انقطاع سوى فترات قصيرة للراحة واستجماع النّفس لمواصلة الخوار .. هي تقول .. إنها تحكي وتنادي وتشكو…. ليتني أفهم لغة البقر.. ليتني كنت في مقام وقدر سيدنا سليمان عليه السلام لأعرف مما تشكو.
البقرة ذات قيمة اقتصادية عالية .. البقرة كانت موضع خلاف وحوار وأسئلة…. البقرة كتلة من اللحم ، ومصدر حليب وتوالد .. الكتلة المتحركة من اللحم تفيد وتستحق العناية والرعاية .. اما الكتلة من اللحم فينا وبيننا تلك المتحركة في دنيانا بلا عقل ولا تفكّر…هي من يستحق الرثاء!! ليت بقر البشر يتعلم من بقر البهائم.
آمنت أن ثمن الحرية الباهظ يستحق المغامرة مادمت سأدفعه مرة واحدة .. أما العبودية فإنها وإن بدت رخيصة ، فهي تكلفنا ماء الوجه وجرح ألكرامة .. ندفع فاتورته في كل يوم ومدى الحياة.
أكتشفت أن ألوطن ذاك الذي تغنيت بحبه وطبلت وزمرت لأبقي رايته خفاقة .. ليس سوى ساحة شاسعة على شارع الحياة غزاه ألفراشين .. فها هي طاولة السياسيين يبيعون الوعود ألوهمية .. وهناك فقهاء يبيعون الدين و الفتاوى ، طاولة أخرى يعرض أصحابها أعشابا وأدوية تداوي كل شيء حتى الجنون ، فَراشين إلاعلام يقدمون نشرة الكذب ، كراريس مناضلين يبيعون النفاق ويبطنون الخيانة ، ومتسكعون في قلب الساحة ، وهم أكثرية صامتة غير مبالية .. حجز لها التاريخ أكبر مزبلة ، وأسوأ مكان في الجحيم ، ذلك أنها اختارت الوقوف على الحياد ، تماما مع بدء المعركة العظيمة ، وتلك جريمة لا تغتفر ، فليس أكبر عند الله من التولي يوم الزحف.
نعم إن البقر تشابه علينا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى