لوين ماخذين البلد !

لوين ماخذين البلد !

المهندس: عبد الكريم أبو زنيمة
تنهيدة أطلقها رجل مسن بعد اعادته لبعض مشترياته عندما تبين له ان نقوده غير كافية لتغطية ثمنها، صمت قليلاً ثم نظر لمن حوله متسائلاً بحرقة وألم : لوين ماخذين البلد، الله ياخذهم ! فرد عليه آخر: ع برمودا يا حجي ! هذه السؤال بات يطرحه غالبية #الأردنيون بعد ان اصبح حالنا يرثى له نتيجة #غلاء #الاسعار الفاحش والإرتفاع الكبير غير المبرر لأسعار المحروقات وتردي #الأوضاع #الاقتصادية والاحباط وتغول السلطة التنفيذية على كل السلطات وإطلاقها يد القبضة الامنية وغياب المسائلة والمحاسبة والانتشار الواسع لأشكال الفساد وتوريث المناصب والمحسوبية وتفشي #المخدرات و # البلطجة و #البطالة و #الجريمة والجوع والفقر ..الخ .
كل هذا يجري والسلطة الحاكمة مصرة على الإبحار سريعاً باتجاه مثلث برمودا وكل المؤشرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية تؤكد ذلك، لقد بيّن مؤشر الجوع العالمي لعام 2022 ان الأردن احتل المرتبة 53 من بين 136 دولة ، كذلك بين استطلاع الرأي لمركز الدراسات 17 تموز لعام 2022 أن 87% من الاردنيون لا يعرفون عن قانون الأحزاب و 13% سمعوا او عرفوا عنه، وهنا تكمن المأسآة، بعبارةٍ أُخرى ان 87% وهم الغالبية الصامتة قد سئموا ولا يصدقوا ولا يثقوا بكل الاكاذيب التي تنسج حول التنمية السياسية والديمقراطية العرجاء ! فأساس التنمية السياسية هو وجود دستور يكفل ويضمن الحريات والعدالة وربط المسؤولية بالمسائلة والفصل بين السلطات وهذا ما نحن بعيدون عنه، ومن المعروف والمسلم به انه يستحيل تحقيق التنمية الاقتصادية بغياب البيئة الحاضنة لها، والتي تُهيئها وتحفزها وتوجدها التنمية السياسية والفضاء الديمقراطي الواسع، عدم معرفة الاردنيين بقانون الاحزاب ليس جهلاً منهم وإنما بكفرهم بكل الوعود الزائفة التي لم تعد تنطلي على احد منهم وعزوفهم عن الانخراط في شباك الخداع والتضليل ، هم عرفوا مسبقاً قبل اقرار مخرجات لجنة الاصلاح بان معاول وأدوات الهدم لن تصلح نهائياً كأدوات للبناء والاصلاح، فبالأمس ثاروا على “رئيس لجنة الآصلاح” عندما كان رئيساً للحكومة وقبلها ثاروا على سياسة وادارة والده وقبلها على جده ! فهل هناك من يتصور بأن الاردنيون سذج لهذا الحد ولهذه الدرجة لكي يتابعوا ويقرأوا ويقتنعوا ويثقوا بمخرجات لجنته!
اشار نفس الاستطلاع بأن 66% من الاردنيون يرون بأن الاردن يسير بالإتجاه الخاطئ ! و 80% يرون أن الاوضاع الاقتصادية تسير بالاتجاه السلبي! وهذا صحيح وليس بحاجة لاستطلاع رأي، وبدقة أكثر فإن الحكومات الوراثية المتعاقبة بعد معاهدة السلام خاصة عملت بأجندة غربية بشكل عام وبأجندة وتوجهيات امريكية واسرائيلية بشكل خاص ونفذت بدقة توصيات صناديق النقد والبنك الدوليان اللذان في حقيقتهما هما الاذرع الرئيسية لدول الغرب الاستعماري وليبراليته المتوحشة لتدمير الاقتصاد الوطني تمهيداً للهيمنة والسيطرة والتحكم بالقرار السيادي الاردني وتوجيه سياساته بما يحقق اهدافهم العدوانية ، لذلك جرى إغراق البلاد بالمديونية وتفتيت نسيجها الاجتماعي والتفريط بمقدرات الدولة وهدم منظومة التعليم واعتماد الصوت الواحد كقانون للانتخاب لتفتيت وحرمان القوى الوطنية والسياسية من الوصول لقبة البرلمان وما تبعه من تزوير لارادة الشعب لتمرير الاتفاقيات الاقتصادية مع دويلة الكيان الصهيوني لجعل الاردن دولة تابعة منزوعة السيادة.
سيزداد وضعنا سوءاً، ليس بسبب شح الموارد الطبيعية أو بسبب قلة الكفاءات الاردنية ومواردها البشرية ولا ضعفاً في التخطيط، وإنما لغياب الإرادة الحقيقية للإصلاح والتغيير! فالإصلاح الديمقراطي الحقيقي ونشر الحريات يعني العدالة وتكافؤ الفرص وسيادة القانون والشفافية والمسائلة والمحاسبة واسترداد كل المسروقات وهذا لن يوهب حباً وكرامة للشعب الاردنى ! فهل يعقل أن تتخلى الطبقة الحاكمة عن امتيازاتها ونفوذها وترفها وأن تتساوى مع عامة الشعب أمام القانون سيما وأن غالبيتهم يعرفون الى أين سيساقون ! بالتأكيد لا ! الاصلاح الديمقراطي يعني إعادة بناء الفرد وطنياً ” تربية وثقافة وهوية ومعتقدات وفكر “، الإصلاح الحقيقي يعني حكومات ومجالس نيابية شعبية وطنية منتخبة “غير مزورة” مجالس نيابية تعبر عن ضمير الشعب وطموحاته وتطلعاته لا مجالس الصفقات والتنفيعات، يعني حكومة تُنهي كل أشكال التسويف والتبعية والتطبيع والاتفاقيات والتحالفات اللاوطنية، حكومات وقوى وطنية تعيد بناء الدولة على أسس وقواعد الانتاج الوطني وتنسج علاقاتها مع عمقها العربي والعالم الخارجي على أسس المصالح الوطنية والقومية وهذا ما لن يسمح به محور الشر الأمريكي ! الإصلاح باختصار يعني كنس واستئصال كل القاذورات والخبائث التي علقت بالوطن وأخذت تنهش به!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى