أردنياً..الحِراك المطلبي نحو العشيرة..المأزم أم النهايات؟

أردنياً..الحِراك المطلبي نحو العشيرة..المأزم أم النهايات؟
ا.د حسين محادين

لأني باحث اكاديمي هنا فقط؛ ابدأ بإشهار احترامي للجميع ؛ والاحترام هنا لا يعني انني مؤيد لِما هو ممارس وقائم حِراكيا او عشائريا او حكومياً؛ ولهذا التصنيف مجال أخر للتباحث فيه ومعه لاحقا. وبمناسبة مرور ثمان سنوات منذ 2011 على ظهور الحراك الاردني كجزء من عدوى الربيع العربي المستمر للآن في السودان والجزائر المفتوحة على كل الاحتمالات أبداء موضحاً ماهو آت:- .
1- علميا وسلوكيا مصطلح الحِراك الرائج اردنياً “محايد” الدلالة لأنه لا يُكمِل لنا المعنى المأمول تحقيقه بالنسبة للجماهير التي يستهدفها كما يُفترض؛ او حتى بالنسبة الاعلاميين كصناع لثقافة الصورة ولكونهم المسوّق الرئيس لاهداف وممارسات اي حراك .
2- ان الحِراك معنى ومبنى لايُحدد نفسه واهدافه بصورة مكتوبة رؤى او برامج ؛حِراك سياسي؛ أقتصادي؛اجتماعي؛نخبوي جماهيري؛ دستوري أم إنقلابي الخ.
فهو كتعبير لغوي وعلمي إيحائي يُشير فقط الى المسيِر الجمعي/ الكتلي المتدحرج نحو اللامحدد او اللامعلوم وهذا لايخلو من خطورة على النفس والاستقرار بالمجمل؛ وهذا ما يوحي ايضا بغياب الرؤية المدونة والمنشورة للعموم؛اضافة لغياب الممارسة التنظيمية الواضحة قبل البدء في هذا المسير/الحِراك بدليل انه لم يراكم وجدانيا اوتأثيريا في الشارع وصناع القرار الرسمي لا بل الحكومات كانت الانضج في التعامل واستيعاب مرن للحراكات عبر ما يُعرف “بالأمن الناعم”؛
و لعل السؤال ما الذي انجز بسبب الحِراكات بعد هذه السنوات بصورة مختلفة عن ما كان قبل انطلاقتها؛ حتى نحو “الاصلاح ” كعنوان هلامي ومراوغ المحتوى ترابطاً مع عدم امكانية قياس تحققه لدى الحكومات والحراكيين معا
في مجتمع اردني من مختلف المنابت والاصول بالمعنى الدستوري وتحت سطوة ورم المديونية والبِطالة وفجوات التنمية؛ وكجزء من اقليم يشتعل بالتأمر والحروب بين دول القبائل العربية في ما بيننا ابتداء؛ وهذا ابرز تحدِ وطني اقليمي افرغ الحِراك في الأردن من إمكانية زيادة اعداد المواطنيين المشاركين ميدانيا معه للان؛ او حتى قبوله الى حد إيمان الجمهور باداء شخوصه كقائمين على الحِراكات بتنوع مشاربهم واهدافهم السياسية او الاقتصادية رغم انه كحِراك يزعم انه ممثل لمطالب الفقراء والمحرومين من فرص المشاركة في الثروة والسلطات السياسية معا.
3- ان ذهاب شخوص هذا الحراك او ذاك بأفتراض فكري ؛انها حِراكات تسعى الى تعديل التشريعات وإعادة توزيع القوى السياسية الاقتصادية نحو توسيع فرص العدالة القانونية في مجتمعنا النامي؛ ان ذهاب هؤلاء افرادا او اي من الامناء العامين للاحزاب نحو مضارب او ابناء هذه العشيرة او تلك من المعتقلين -مع الاحترام للجميع- إنما يؤكد على مخالفة وقصور معرفة هؤلاء للسير الطبيعي في تاريخ كل حِراكات العالم الساعية للاصلاح او حتى التغيير السياسي ؛ فالأصل الصحي لو كان الوعي الحراكي انضج واقدر على التعبير والتصرف الميداني لإظهار مواجع المواطنيين الاردنيين حقا ؛ الاصل ألا تذهب السياسية والتغير كمُفترض”الحراكيون” نحو دواوين ابناء العشائر بالمعنى الاضيق كثيرا من اوجاع ومكونات الوطن بغناها ووعي الاردنيين المتقدم ؛وهذا هو المقتل الثاني بتشخيصي لبنية ونهايات الحِراكات ربما والتي لم تنجح للان في اظهار نفسها كحالة مؤطرة قادرة على احترام تنوع مكوناتها /شعاراتها وتكامل اهدافها على مستوى الوطن بتنوع مكوناته؛ اي نسبة صدقية ومرونة قبول الحراكيين أنفسهم للتعددية والتكامل الوطني انطلاقا دواخلهم أولا كي يكونوا نموذجا يقتدى من قِبل الاخرين وهذا هو المقتل الثالث الذي ينخر فعلا ببنية الحراكيين وسلوكاتهم التعبيرية المندفعة احيانا بدليل غياب الاتفاق بينهم على الشعارات او حتى ندرة الاصوات الرافضة لاستخدام السُباب او التشهير بخصوصيات الأخرين من مختلف المستويات؛ وهنا تحديدا تقدم البناء السياسي الرسمي ممثلا في العقل العميق للدولة وبالاجهزة الامنية المختلفة كذراع ميداني للحفاظ على حق التعبير السليمي للحراكيين وغيرهم ؛
أقول مجتهدا ؛ان السلطة الحكومية نجحت في وضع الحراكيين بمأزق مُضاف حيث اصبح المواطن الاردني الواعي والذي يُتنافس على استمالته وارضائه كل من الحكومات والحراكيين معا؛الواقع الذي خلق تحدِ مضاف بوجه الحراكيين؛ وهذا مأزم اصعب من سابقاته امامهم تستلزم التغدفكر والاستناج لماذا يذهب الحراكيون نحون خيم العشائر وليس الى صيوان الوطن الارحب..استنتاج مفتوح على التفكر والحوار بالتي هي افيد للوطن الارحب .
* اكاديمي وعضو مجلس محافظة الكرك.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى