لماذا ينضمون إلى تنظيم الدولة الإسلامية ؟ / أ. د أنيس الخصاونة

لماذا ينضمون إلى تنظيم الدولة الإسلامية ؟
لفت نظري اليوم تصريح للأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بانكي مون بأن تنظيم الدولة الإسلامية( داعش) يتمدد وخطره ينتشر خارج منطقة الشرق الأوسط وأن هناك أكثر من أربعة وثلاثون تنظيم أو مجموعة متطرفة أعلنت ولائها لداعش .

يا ترى ما الذي يجذب هذه التنظيمات والمجموعات للانضمام لداعش وما سر هذا الإقبال من قبل أفراد وجماعات في الشرق والغرب للالتحاق بصفوف تنظيم الدولة الإسلامية رغم النكسات التي يتعرض لها ورغم القصف الجوي والتدمير والضحايا التي يتكبدها التنظيم؟ صحيح أن الأفكار والأساليب والقيم التي يتبناها داعش توصف من قبل معظم الاتجاهات والمرجعيات والمؤسسات الإسلامية بأنها تتعارض مع التعاليم والقيم الحقيقية للإسلام ،ولكن التساؤل المشروع الذي ما زال قائما هو ما سر استمرار انضمام فرق ومجموعات جديدة لداعش؟ لم يعد يقنع البعض الحجج والمسوغات التي يسوقها أعضاء التحالف الدولي وبعض الأنظمة السياسية في منطقة الشرق الأوسط بما فيهم النظام السوري بأن داعش منتج غربي يهدف إلى خلق حالة من عدم الاستقرار في المنطقة تفضي إلى تدمير مقدرات وإمكانات دول المنطقة ، وإعادة رسم الحدود ، وتقسيم المقسم وتجزيئ المجزأ بطرق تخدم مصالح الولايات المتحدة والغرب الأوروبي واسرائيل.

ما من شك بأن قيام تنظيم الدولة الإسلامية وتمدده في العراق وسوريا والمعارك التي يخوضها خدم الكيان الصهيوني بتدميره واستنفاذه للقدرات العسكرية والاقتصادية للدول المحاذية لفلسطين المحتلة ولكن كيف يمكن تفسير أن هذا التنظيم يخدم مصالح أمريكا وأوروبا في الوقت الذي تقوم هذه الدول بمحاربة داعش منذ سنوات ، كما أن تبعات الهجرة السورية والعراقية إلى الغرب الأوروبي أصبحت تؤرق الأمريكان والغربيين!!!

السؤال الأهم هنا هل من ينضمون لداعش يمكن أن يكونوا بهذه السذاجة التي تسوقها ماكنات الإعلام العربية والغربية بأنهم شباب مغرر بهم وتم إستغفالهم والتلاعب بمشاعرهم من قبل تنظيم الدولة عبر حملاته الإعلامية ومواقعه على وسائل التواصل الاجتماعي ؟ لم أعد اصدق ذلك فبين هؤلاء الملتحقون بداعش أطباء ومهندسين ومثقفين وفنيين ممن تركوا رغد العيش والاستقرار في بلدانهم ومجتمعاتهم فلماذا اختاروا ذلك؟ تنظيم الدولة خسر أعداد مهولة من أعضاءه ومقاتليه على الأرض السورية والعراقية واحتمال أن يلقى العضو الجديد الملتحق بداعش حتفه يكاد يصل إلى أكثر من تسعون بالمائة فهل تنطلي على هؤلاء الدعايات الإعلامية لداعش لدرجة أنهم لا يرون ما يحدث على الارض من قتل وسفك للدماء ومن مواجهة مع حملة دولية وأممية ضد داعش؟
نعتقد بأن جاذبية داعش لعشرت الألوف من الشباب المسلمين والعرب من منطقة الشرق الأوسط أو من خارجها تتجسد بما يمثله داعش من ثورة على الأنظمة السياسية العربية المستبدة الظالمة والخاضعة لإرادة ومصالح القوى الغربية الاستعمارية المتمثلة بالولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الأوروبيون.

مقالات ذات صلة

الأنظمة السياسية العربية تستعبد شعوبها وتنهب مقدرات أوطانها وتتآمر مع القوى الإمبريالية الغربية لقمع شعوبها وتتهاون في حقوق الأمة في فلسطين والعراق وسوريا وتتعاون مع اسرائيل في تعقب مواطنيها وتبادل المعلومات الاستخبارية عنهم .بعض الانظمة العربية لم تعد تخفي تعاونها مع اسرائيل وتحالفها معها في الشؤون الأمنية وقد صرحت اسرائيل مرارا وتكرارا بأنها تتحالف مع خمسة أنظمة عربية لمحاصرة الإخوان المسلمين.
لا يختلف كثير من العرب على أن جل الفكر الذي يؤمن به داعش هو فكر فاسد وهو ليس من الاسلام بشيء ولكن أليس صحيحا بأن ما تقوم به الأنظمة العربية يستند أيضا إلى فكر فاسد ؟ كيف يمكن تفسير ما يتم من ذبح وإبادة للمسلمين السنة في العراق على أيدي الحشد الشعبي الشيعي ؟وكيف يمكن تفهم الفكر الذي استند إلية عبدالفتاح السيسي في قتل الالاف من المصريين العزل؟ وكيف يمكن أن نتفهم الفكر الذي يستند إلية نظام السفاح الأسد في سوريا الذي أباد مئات الألوف من شعبه متهما إياهم بانتمائهم لمجاميع إرهابية؟ وكيف يمكن تفهم الفكر الذي تستحوذ فيه أنظمة سياسية عائلية على مقدرات شعوبها ؟
نعتقد بأن مد تنظيم الدولة الإسلامية وامتداده سيستمر وسيلتحق أعداد وألوف أخرى من الشباب الذي يعاني من مظلوميات كثيرة في البلدان العربية والاسلامية بداعش ربما ليس إيمانا بأفكار داعش بقدر ما هو ثورة على أوضاع طالت معاناتهم منها ولم يجدوا سبيلا للتعبير عن معاناتهم ورفضهم لها إلا من خلال داعش.

إنهم يثورون على الظلم الذي تتسبب فيه السياسات الأمريكية والغربية التي تتغنى بالديمقراطية لشعوبها ولكنها في الوقت ذاته تدعم أنظمة سياسية عربية مستبدة وظالمة لشعوبها.

تنظيم الدولة الإسلامية سيزداد نفوذه وستتمدد رقعته وسينظم له المزيد من الشباب ليس إيمانا بمبادئه في إقامة الخلافة الإسلامية ولكن بسبب ما يمثله من قناة للتعبير عن رفض الظلم والاستبداد وقهر الشعوب. ا

لرقم الذي أورده الأمين العام للأمم المتحدة(34) للتنظيمات والمجموعات المتطرفة التي أعلنت انضوائها تحت لواء داعش هو رقم مرشح للازدياد والتصاعد ما دام الدعم الأمريكي والغربي لإسرائيل والأنظمة السياسية العربية المستبدة مستمرا .

تنظيم الدولة الإسلامية يجذب أتباعه وأشياعه ليس بسبب الأفكار الإسلامية المشوهة التي يستند إليها ولكن بسبب ما يمثله هذا التنظيم من تمرد وثورة على الظلم والاستبداد التي تعيشه الشعوب العربية والإسلامية وعلى الأمين العام للأمم المتحدة أن يعدل أرقامه لعدد التنظيمات المنضوية تحت لواء داعش للعام القادم…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى