لماذا نحشر العالم؟

يلاحظ القرّاء أحياناً أن الكاتب يوسّع دائرة النقد في بعض مقالاته ، او يموّه على فئة قليلة يقصدها بعينها باستخدام تعميم أوسع ..
طبعاً اللجوء الى هذه الغمغمة ليس خوفاً من ردة فعل المعنيين بالمقال، و ليس كسراً لحدة الاشارة المباشرة ، وإنما لغايات تمرير المقال من بين يدي الرقابة لا أكثر..
**
الأمر صار متعارف عليه بين الكاتب والرقيب ، فإذا أردت ان تكتب عن تزوير انتخابات محلية مثلاً وأردت لمقالك هذا أن يرى النور ، ما عليك سوى ان تزج بعبارة ( حكومات العالم الثالث) ثم تتناول فكرة التزوير بكامل جوانبها على أنها مشكلة عالمية ، واذا أردت أن تتحدّث عن مكافأة فساد مسؤولين محدّدين بنقلهم الى مناصب أخرى أرفع..ما عليك سوى ان تقول ( في عالمنا العربي يكافأ المسؤول الفاسد بمنصب أرفع ) ومفاد هذا التعميم أن مكافأة الفاسد بمنصب أكبر هي سجية عربية وليست محلية، وإذا أردت ان تتكلم عن سلبية في الحكومة الحالية، لا بد من استخدام عبارة في حكومات سابقة..واذا أردت ان تتكلم عن معظم، لا بد لك من استخدام كلمة بعض..وهكذا…
كما قلت ، الكاتب والرقيب، كلاهما يعرف ان استخدام عباراتالتعميم ما هي الاّ لإبعاد النظر عن التخصيص، لذا كلما زادت دائرة التعميم تيقنوا أن دائرة التخصيص قد ضاقت ..وعليه أرجو أن تكون منتبهاً عزيزي القارىء ،فيما يخص مقالاتنا تحديداً : اذا قرأت عبارة العالم الثالث او في عالمنا العربي..أو في الوطن الكبير…فاعلم أننا نعني هنا ولا يعنينا غير هنا …فمن خلال خبرتنا في صحافة الوطن الكبير، تعلّمنا كيف نحشر العالم كله معنا…ليخرج المقال…

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@otmail.com

*كما تلاحظون حشرنا العالم ولم يخرج المقال ايضاَ.

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى