لماذا لا يمكن هزيمة تنظيم الدولة من الجو؟

سواليف

يقول باتريك كوكبيرن في تقرير نشرته صحيفة “إندبندنت”، إن بريطانيا انضمت إلى الحملة التي تقودها الولايات المتحدة، بهدف إضعاف تنظيم الدولة، وفي المحصلة هزيمته. مشيرا إلى أن هذه الحملة تعتمد بالدرجة الأولى على القوة الجوية، ويرى أن المشاركة البريطانية لن تفرق بشيء، فهناك طائرات بعدد أكبر من عدد الأهداف المعروفة.

ويشير التقرير إلى أن التحالف قام بـ 59015 طلعة في العراق وسوريا منذ آب/ أغسطس 2014، تسببت بـ 8573 ضربة جوية، وهذا يعني أن أكثرية الطائرات تعود إلى قواعدها دون أن تستخدم أسلحتها.

وترى الصحيفة أنه “حتى لو كانت مشاركة بريطانيا رمزية في هذه المرحلة، إلا أنها انضمت إلى حرب حقيقية ضد عدو ذي شراسة وخبرة عاليتين، خاصة خبرة التعامل مع الغارات الجوية. فمثلا يشير المحلل العسكري التركي واسع الاطلاع متين غوران في موقع (مونيتور) إلى نجاح الغارات الجوية في تدمير اتصالات ومواقع تدريب تنظيم الدولة، ولكنه يستدرك بأنه (من الغريب عدم إصابة أي منشأة قيادة من ضربات التحالف الجوية)”.

ويجد كوكبيرن أن هذا “ليس بسبب عدم المحاولة، وهو يعكس أن الكلام عن تدمير مراكز قيادة التنظيم في الرقة ليس أكثر من مجرد أحلام، خاصة عندما نعلم أن 2934 غارة أمريكية فشلت في أن تحقق ذلك على مدى 14 شهرا من القتال”.

ويلفت التقرير إلى أن “الغارات الجوية كانت فاعلة، ولها أثر على تكتيك تنظيم الدولة ونسبة الضحايا. وستكون فاعليتها أكبر عندما تستخدم قوات برية منظمة تنظيما جيدا، مثل وحدات حماية الشعب الكردي. وخسر التنظيم ما لا يقل عن 2200 مقاتل في كوباني، وهي بلدة صغيرة ومكتظة، ومع ذلك فإن الفترة الزمنية التي استهلكت لطرد التنظيم، بالإضافة إلى 700 غارة جوية، يبينان مدى استعداد مقاتلي التنظيم للموت”.

وتذكر الصحيفة أن هناك تقارير تفيد بأن عددا من قيادات تنظيم الدولة يعدون تكتيك التنظيم في كوباني خطأ كلفهم الكثير من الضحايا، ويجب ألا يتكرر. ولفعل ذلك، فقد تنازل التنظيم عن أهم عنصرين عسكريين في جعبته، وهما عنصر المفاجأة وعنصر الحركة.

ويرى الكاتب أن هذا لا يعني أن التنظيم لن يقاتل حتى آخر رصاصة في الرقة أو الموصل، ولكنه لم يفعل ذلك في تكريت أو سنجار، حيث استخدم القناصين والتفخيخ والمتفجرات المصنعة محليا، ولكنه لم يلزم نفسه بقطاعات كبيرة من المقاتلين.

ويفيد التقرير، الذي ترجمته “عربي21″، بأن التنظيم قام بتعديل التكتيك، للأخذ بعين الاعتبار مخاطر الغارات الجوية المستمرة. كما قام بإلغاء المركزية في التركيبة القيادية، بحيث تتمكن قيادات صغيرة تقود 8 إلى 10 مقاتلين من اتخاذ قرارات تكتيكية، بعد إقرار مهمتها بشكل عام مركزيا، دون التدخل في كيفية تنفيذها. وهذا يقلل من تمكن أعداء التنظيم من الاستفادة من اتصالاته.

وتبين الصحيفة أن قوات التنظيم تقوم بالتجمع بسرعة، وتهاجم بعد ذلك بقليل، مستخدمة عمليات تمويهية متعددة، كما تم عند احتلال الموصل في شهر حزيران/ يونيو 2014، وتكرر ذلك عندما سيطر التنظيم على الرمادي في شهر أيار/ مايو. وكانوا يقاتلون محاولين احتلال بيجي، ولكن ظهر بأن ذلك كان مجرد تمويه؛ لأن قواتهم انسحبت مباشرة بعد سقوط الرمادي في أيديهم.

وينوه كوكبيرن إلى أن التنظيم يتبع نهجا هو عبارة عن خليط من التكتيكات العسكرية التقليدية وحرب العصابات والإرهاب، وليس واحدا منها خاصا بهم، ولكنه لم يستخدم أيا من تلك التكتيكات مجتمعة. وتعني الغارات الجوية أن التنظيم لا يستطيع الاعتماد على الدبابات التي استولى عليها، ولا على قوافل طويلة من السيارات الحاملة للمقاتلين، وبدلا من ذلك أصبح يعتمد على المتفجرات المصنعة محليا والمفخخات والقناصين وفرق الهاون بشكل أكبر.

ويوضح التقرير أنه إن كان الاستشهاد هو تعبير عن الإيمان وهو عنصر مركزي في عقيدة التنظيم، فإنه يمكنه نشر الانتحاريين الذي ينفذون العمليات على أقدامهم، أو في سيارات بأعداد كبيرة، لتدمير التحصينات وتثبيط العدو. وقد استخدم 28 انتحاريا في المراحل الأخيرة من معركة الرمادي.

وتورد الصحيفة أن الحرب النفسية شكلت جزءا مهما من تكتيك تنظيم الدولة. فسعى دائما إلى تخويف قوات العدو بعرض فيديوهات تظهر فيها عمليات قطع رؤوس، أو إعدام بالرصاص للجنود العراقيين أو السوريين الأسرى.

ويكشف كوكبيرن عن أنه أحيانا تصل أهالي الجنود السوريين مكالمة بالهاتف الخلوي لابنهم مع صورة لجسده الممثل به. وكأن القتل بالجملة سمة من سمات انتصارات تنظيم الدولة طيلة الوقت (كما أن جبهة النصرة المنضوية تحت تنظيم القاعدة تفعل الشيء ذاته).

ويجد التقرير أن الحرب الجوية المكثفة ضد تنظيم الدولة ستزيد من خسائره، وسيكون من الصعب عليه استجلاب المزيد من المقاتلين الأجانب، خاصة أن معظم الحدود مع تركيا تم إغلاقها. مستدركا بأن التنظيم يحكم منطقة عدد سكانها لا يقل عن 6 ملايين، ويجند الشباب كلهم، الذين في العادة يرغبون بالتجنيد؛ لأنه لا عمل آخر متوفر لديهم.

وتختم “إندبندنت” تقريرها بالإشارة إلى أنه قد يكون لدى التنظيم 100 ألف مقاتل، كما تشير الحدود الطويلة التي يمتلكها، وتمكنه من شن عدة هجمات في آن واحد. مشيرة إلى أنه مهما كان الدور الذي ستؤديه بريطانيا فإنها ستحارب آلة عسكرية ضخمة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى