لماذا لا يتضامن العرب مع البطش كتضامن أوروبا مع سكريبال؟‎ / تفاصيل جديدة

سواليف

بعد اغتيال الكيان الصهيوني عالم هندسة الطاقة الفلسطيني “فادي البطش” في ماليزيا، السبت، يثار التساؤل حول غياب تضامن العرب مع شهداء الغدر الإسرائيلي من العلماء الفلسطينيين، عكس ما فعلته أوروبا من تضامن من المملكة المتحدة ومواجهة روسيا بعد عملية فاشلة لموسكو باغتيال الجاسوس الروسي سيرغي سكريبال بلندن.
كشف شهود عيان أن قتلة العالم الفلسطيني المهندس فادي البطش الذي اغتيل في ماليزيا صباح اليوم هما شخصان، ويحملان ملامح أوروبية، وشوهدا في مسرح الجريمة قبل نحو 20 دقيقة من حادثة الاغتيال.

وقال عمر أحد الشهود، والذى اكتفى بذكر اسمه الأول لـ”عربي21″ أن القاتلين كانا يتجولان على متن دراجة نارية في منطقة “جومباك” بالعاصمة الماليزية كوالامبور، والتي يسكن فيها البطش، وعمدا إلى تفحص وجوه المارة في المنطقة بشكل ملفت، وذلك بهدف التعرف على وجه الضحية، لافتا إلى أن التركيز كان منصبا على المتوجهين لأداء صلاة الفجر في مصلى “ايدامان” حيث كان البطش يصلي به دائما.

وأضاف الشاهد قائلا: “كنت متوجها لأداء الصلاة برفقة بعض جيران الحي، ورأينا القاتلين وهما يتفحصان وجوه المارة ويحدقان فيها بفعل الظلام الدامس، وقبيل دخولنا للصلاة سمعنا صوت اطلاق نار خفيف، بدا كأنه كاتم للصوت، ولكننا لم نعر الأمر اهتماما، ودخلنا المصلى لأداء صلاة الفجر”.

مقالات ذات صلة

وتابع: “أثناء انتهائنا من الصلاة حضر أحد المصلين متأخرا، وأخبرنا أن الشهيد فادي غارق في دمائه بعد إطلاق الرصاص عليه، وبالفعل ذهبنا إلى المكان ووجدناه مسجى على الأرض قبالة المجمع السكني (ايدامان بوتري) حيث يسكن، وقد فارق الحياة”.

ولفت عمر إلى أن الشهيد البطش كان يصلي إماما بالناس لصلاة الفجر بالمسجد المذكور يومي السبت والأحد فقط، مشيرا إلى أن الشرطة حضرت إلى المكان وأفرغت كاميرات المراقبة المثبتة على الشوارع والأبنية المجاورة، ومنعت وسائل الإعلام من الاقتراب.

يذكر أن فادي البطش (35 عاما) ينحدر من بلدة جباليا شمال قطاع غزة، وقد سافر عام 2011 لاكمال دراسته في ماليزيا، وحصل على جائزة أفضل باحث عربي في منحة خزانة الماليزية وذلك بعد حصوله على درجة الدكتوراه في الهندسة الكهربائية، ويعمل محاضرا في جامعة ماليزية خاصة، وهو من سكان مخيم جباليا شمال قطاع غزة، ومتزوج ولديه ثلاثة أطفال.

وطرح الكاتب الصحفي، عبدالناصر سلامة، تساؤلا عبر صفحته بـ”فيسبوك”، قائلا: “متى يمكن أن يتضامن العرب في مواجهة عمليات الاغتيال الإسرائيلية للعلماء والأكاديميين”.

نستنكر ونشجب وندين (كلاميا)

وفي تعليقه، بدا مساعد رئيس تحرير الأهرام الأسبق، أسامة الألفي، متهكما من استحالة حدوث هذا التضامن، متسائلا بسخرية: “هل رأيتهم (العرب) قبلا يتضامنون مع عمليات ممنهجة لإبادة شعبي العراق وسوريا وزلزلة وطنيهما؟؛ فكيف يحدث تضامنهم من أجل فرد؟”.

وفي حديثه أضاف الألفي أن “رد الفعل العربي لن يتخطى سابقاته، قائلا: “لقد تعودنا أن نستنكر ونشجب وندين (كلاميا) كلما اغتيل عالم عربي”.

وأكد أن “عمليات الموساد منظمة بدقة، بحيث لن تجد ماليزيا أي دليل على قيام الصهاينة باغتيال العالم الفلسطيني”، مشيرا إلى “سجل الموساد في اغتيال أكثر من عالم حافل”، موضحا أن “التركيز في معظم الحالات على علماء الطاقة، وهناك قائمة طويلة عريضة لهم منذ اغتيال سميرة موسى، ويحيى المشد”.

“متورطون”

من جانبه، قال الأستاذ بجامعة سقاريا التركية، الدكتور مصطفى التميمي: “قبل الحديث عن التضامن العربي، لا بد من الحديث عن ثلاثة تساؤلات مهمة؛ الأولى: أين الحس الأمني لدى حماس؟ وإلى متى يبقى كوادرها وعلماؤها هدفا سهلا للموساد الصهيوني؟”.

الأكاديمي الفلسطيني، أضاف لـ”عربي21″،”وثانيا: أين ردة فعل حماس وجهازها العسكري على الجريمة؟ وثالثا: أين التضامن الفلسطيني مع الشهيد وعائلته؟ ولماذا لم نسمع صوت السلطة والفصائل والقوى الفلسطينية؟”.

وقال التميمي: “أما ما سميته بالتضامن العربي، فإن كنت تقصد التضامن الرسمي، فهم ذاتا متورطون في الجرائم ضد الشعب الفلسطيني وكوادره، وعلى العكس المنتظر منهم التضامن مع العدو الصهيوني وتبرير جريمته”.

من جانبه، أبدى الباحث في الشؤون الإسرائيلية لدى “مركز رؤية للتنمية السياسية”، صلاح الدين العواودة، سخرية من الموقف العربي، متوقعا أن “يقدموا التهاني لنتنياهو، بلا شك”، مضيفا: “ننتظر رد القيادة الفلسطينية”، متهكما بقوله: “لكن لا أعرف إن كانوا قد سمعوا عن الاغتيال أم لا”.

وفي حديثه ، أشار العواودة إلى انتقال أزمة غياب التضامن من القيادات للشعوب الصامتة على تخاذل وخيانات الحكام، وقال إن “الشعوب مغيبة تماما، فلا وسائل إعلام حرة ولا مراكز بحثية، لنعرف موقف الشعوب”، مشيرا إلى ما تم من تمزق في أفكار الشعوب العربية، موضحا أن “شعب السيسي مثلا يختلف عن الشعب المصري، وشعب بشار، وشعب عباس، كذلك يختلفان عن الشعب السوري والفلسطيني”.

وحول طرق الرد على إسرائيل في غياب التضامن العربي، أوضح العواودة أن “الرد وظيفة المقاومة”، مضيفا: “لكن أيدي المقاومة مكبلة، خصوصا خارج فلسطين”، ومؤكدا أن “إيران نفسها لا تستطيع الرد على اغتيال علمائها؛ لأن إسرائيل محمية من المجتمع الدولي الظالم، لكن أعداءها ملاحقون”.

ثمار العجز العربي

واعتبر الكاتب الصحفي المصري، أحمد إبراهيم، أن اغتيال العالم الفلسطيني “إحدى ثمار التقارب العربي الإسرائيلي”، مضيفا عبر “فيسبوك” أنها “جريمة تؤكد أن تل أبيب حصلت على ضوء أخضر من عواصم عربية وإسلامية لشن حرب اغتيالات ضد علماء ونوابغ الأمة، وربما حصلت على تسهيلات ومعلومات استخباراتية لتوسيع نطاق عملياتها من تونس للفلبين لماليزيا”، مؤكدا أن “إسرائيل تحصد ثمار العجز العربي والإسلامي”.

وقال الدكتور صالح النعامي، المتخصص بالشؤون الصهيونية: “‏لو كان هناك ثمة دماء في العروق، لشعرت نخب العار وشيوخ السوء الذين يشيطنون حماس بالخزي عندما تبين أن إسرائيل تتجه إلى أقاصي الأرض من أجل اغتيال شبابها العاكفين على مراكمة القوة لصالح الأمة، كما حدث اليوم باغتيال فادي البطش، الذي تتهمه تل أبيب بعضوية وحدة سرية لإنتاج السلاح المتقدم”.

وحول رد الفعل الفلسطيني حول الجريمة، قال السياسي المصري، ممدوح شعير: “لن تكون العين بالعين لردع الصهاينة وإيقاف مثل هذه الجرائم، ولن تتعدى الصراخ والاستنكار والعويل لذر الرماد في العيون”، مضيفا عبر “فيسبوك”: “المهم أن يبقى محمود عباس رئيسا ورفاقه أمثال صائب عريقات وعزام الأحمد وغيرهم في السلطة”.

عربي 21

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى