لماذا طالب العناني بالأحكام العرفية؟

لماذا طالب العناني بالأحكام العرفية؟
ماهر أبو طير

أثارت دعوةُ نائب رئيس الوزراء الأسبق د جواد العناني، بتطبيق الأحكام العرفية لمدة عامين ردودَ فعل واسعة، بعد تصريحاته لوكالة الأنباء الأردنية، وهو يعرف مسبقا، أن هكذا دعوة ستثير ضجة، وردود فعل واسعة، في ظل هذا المناخ.
العناني قال في تصريحاته: “إن الوضع خطير والأردن يحتاج إلى أحكام عرفية لمدة سنتين للخروج من أزمة الاقتصاد المحلي ما بعد كورونا، واتخاذ إجراءات جراحية في الشأن الاقتصادي تضمن قيام كل جهة بمسؤوليتها، ويجب أن تعلو مصلحة الوطن على مصلحة الأفراد وبتكاتف الجهود سنخرج من هذا النفق المظلم، كما أن موازنة الحكومة ستعاني من عجز كبير إضافة للعجز ما قبل الأزمة، والذي فاق المليار دينار، جراء توجه النمط الاستهلاكي للأفراد نحو الحاجات الأساسية والتي تبتعد عن الضرائب إلى حد كبير، فيما على الحكومة التوجه نحو الاقتراض الخارجي وعدم الاكتراث لارتفاع نسبته من الناتج المحلي”.
اتصلت هاتفيا بالدكتور جواد العناني مستفسرا عن سبب دعوته للأحكام العرفية، خصوصا، أنه كان يتحدث في سياق اقتصادي فقط، سائلا إياه عن علاقة تطبيق الأحكام العرفية بالوضع الاقتصادي، حيث أن دعوته لم تأت في سياق سياسي أو أمني، ولم أفهم مثلي مثل كثيرين، الصلة بين الملف الاقتصادي، والأحكام العرفية.
اعتبر العناني أن تعبير الأحكام العرفية لم يكن يقصد به قمع الحريات، أو إلغاء الديمقراطية، بقدر قصده أن خطورة الوضع اليوم، بحاجة إلى حلول جذرية صعبة للغاية، قد لا يقبلها كثيرون، وأن التوقيت لا يحتمل حدوث معاكسات وآراء مخالفة، أو ترك قوى الضغط لتمانع أو تقف في وجه الخطط التي قد تلجأ إليها الدولة، وأن ترك المناخ كما هو دون ضبط، مع الاضطرار لاحقا لهيكلة قطاعات، أو اتخاذ خطوات خطيرة، لن يكون سهلا ولا ممكنا، وأن تعبير الأحكام العرفية جاء بهذا المعنى، أي خفض سقف المجادلات والاعتراضات في الداخل الأردني، وضبط العصب العام من أجل تعزيز القدرة على فرض الحلول وإيجادها، دون تشويش.
حين أسأل اقتصاديين آخرين يقولون لي إن علينا أن لا نقلق إذا وضعنا خطة للنجاة، فقد مر الأردن بظروف أخطر وأسوأ، إلا أنه خرج منها بسبب وضع خطط آنذاك، مثل الوضع إثر حرب 1967، التي أدت إلى خسارة الأردن أربعين بالمائة من ناتجه الاقتصادي، بسبب خسارة الضفة الغربية وما تعنيه زراعيا وصناعيا، فوق لجوء أكثر من ثلاثمائة ألف شخص من الضفة الغربية إلى الأردن، وتأثيرات ذلك اقتصاديا على الأردن الذي أصبحت نسبة النمو فيه بالسالب، في تلك الفترة، فوق الأزمات التي تلت حرب 1967 خلال عقد السبعينيات، في الأردن، وفي الإقليم.
يقول هؤلاء إن كل شيء بحاجة إلى مراجعة على مستوى وجود العمالة الوافدة، ووضع القطاعات وهيكلتها، والموازنة، وغير ذلك من ملفات لم يعد ممكنا اعتبارها عادية في ظل الوضع الاقتصادي الداخلي الذي قد يضطر الحكومة لجدولة ديونها الدولية والداخلية مجددا، والاقتراض من جديد.
كل الشخصيات الاقتصادية التي تولت مواقع رسمية، وفي القطاع الخاص، تتحدث عن وضع جديد، وهذا يفتح الباب للتساؤلات حول الملفات السياسية الواجب حسمها الآن، تمهيدا للمرحلة المقبلة، وجود مجلس النواب، تغيير الحكومة، أو تعديلها بشكل واسع، ملف الانتخابات النيابية، تقوية الحكومة بفريق اقتصادي وخبراء من نوع أكثر اطلاعا، وغير ذلك، وهذه تساؤلات منطقية، وأعتقد أن الإجابة حولها لن تطول كثيرا، برغم أن مركز القرار في عمان مشغول اليوم، بملف كورونا، إلا أن ملف تأثيرات كورونا على الوضع الداخلي، والفترة التي ستلي الخلاص من هذا الوباء بإذن الله، ملف مهم جدا، ولن يغيب طويلا، وهذا يعني أننا خلال الأسابيع المقبلة، سنكون أمام محطات جديدة سياسية واقتصادية، أمام الوضع المستجد.
في كل الحالات قانون الدفاع يمنح سلطات واسعة، برغم عدم تفعيل كل بنود قانون الدفاع، وتطبيقه بشكل ناعم، فيما الأحكام العرفية تعني نوعا مختلفا من الحياة، وإذا جاز لي الاستنتاج هنا، من تصريحات العناني، ومكالمتي معه، فإن السطر الناقص الذي لم يقله العناني علنا، يرتبط بظرف حساس على مستويات مختلفة، على المستوى الشعبي والداخلي والاقتصادي والسياسي، يفرض معه تطبيق الأحكام العرفية، خصوصا، إذا اضطرت الدولة لتطبيق إجراءات أصعب، قد لا يقبلها كثيرون، وهذا مجرد استنتاج قد يصيب وقد يخطئ.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى