الحقيبة والمغّيط / يوسف غيشان
في المدرسة، على زماننا طبعا، كان التلاميذ ينقسمون الى فئتين رئيسيتين غير متساويتين:
الفئة الأولى، كانت تضم أصحاب الحقائب (المدرسية طبعا) وتضم أصحاب الحقائب الفخمة او المتوسطة او حتى أصحاب أكياس القماش والخيش التي كانت تخيطها الأمهات من قماش شوالات الطحين الفارغة او ما تيسر من القطع الهردبشت.
أما الفئة الثانية، فتضم التلاميذ بلا حقائب، أقصد الذين يحملون كتبهم بأيديهم (اليمنى غالبا)، ويندرج تحت هذه القائمة من يشتري حزاما مطاطيا ملونا كنا نسميه (مغّيط) ويلفه حول الكتب …. هكذا كان أغلبنا وأنا منهم ننتمي إلى فئة التلاميذ بلا حقيبة.
تلاميذ المغيط كانت لهم ميزاتهم، فالمغيط المغيط أعطاهم فرصة التباهي بكتاب الكورس الانجليزي الذي كان يشي للطالبات المارات في الشارع بأنك انتقلت الى المرحلة الثانوية – أول ثانوي-وأنك على أهبة المراهقة، بالطبع كنا نحمل كتاب الكورس يوميا حتى لو لم نحتاجه في ذلك اليوم. هذه ميزة خسرها اولاد الحقائب.
ربما كانت الشنطة والمغّيط أول مظاهر الانقسام الطبقي التي تعلمناها في المدارس ومانزال نتعلمها كل يوم بين حقيبة الوزارة ومغيط الوظيفة.
لكن هذا الانقسام إن كان افقيا إلا أنه لم يكن عموديا …. فلم يكن أطفال الحقائب هم الاشطر ولا أطفال المغيطات هم الأكسل بل كثيرا ما كان يتم اختراقنا حتى على المستوى الافقي من تلاميذ الشنطات الذين كانوا يستبدلونها بمغيطات لغايات التباهي .
إما عموديا فلم يكن هناك أية علاقة مباشرة بين مستوى التلميذ وحقيبته… كان بيننا الكثير من الشاطرين والكثير من التيوس (أنا كنت من انصاف التيوس أو أنصاف الشاطرين لا فرق) كذلك كان تلامذة الحقائب يحفلون بالكثير من التيوس والهبايل (رغم انهم أولاد ذوات) والغشاشين ولصوص المحايات والبرايات.
ليس بالضرورة الحصول على حقيبة لتكون الاول على الصف، وهذه تعزية للوزراء بلا حقائب في الحكومة.
تعزية ثانية: الحقيبة تهتريء بسرعة، وغالبا ما يأخذونها منك قبل ان تهتريء أصلا. ويعطونها لتلميذ اخر من أبناء الذوات، أما المغيط فهو مطاط… مطاط…وقد يمط ويمط ليكون عابرا للحكومات.
