نفايات بشرية / رائد علي العمايرة

نفايات بشرية

قبل أيام التقيت بأحد معارفي،شخصٌ ما زلت أتمنى،أن أقتنص من دماثته،ما أتقمصه وأتخلق به.

صافحته وشعرت بحميمية في لقائه،بدأنا بالسؤال المعتاد عن الأحوال،وشرعنا في التلاوم على الإنقطاع،وقلة التواصل،ثم دلفنا إلى حديث آخر،وقبل أن نقضي منه حاجتنا، رن هاتفه،فارتبك الصديق وعبث في جيوبه،وأخرج هاتفه،أبعده قليلا ليرى من المتصل،تمعر وجهه قليلا مع ظهور اهتمام بارز في محياه، إنه اتصال لا يستطيع إهماله،بسرعة وضع الهاتف على أذنه،وبدأ بترحيب شديد،ثم رفع صوته لإظهار اهتمامه للمتصل،وشدد في إظهار التوقير له.

المتصل يظهر أنه يسأل عن شيء يهمه،فيقسم (الصديق) بأنه أتم مراحله الأولى، وهو الآن في مكان كذا ليتمم آخر الإجراءات-المكان الذي ذكره يبعد عن مكان وقوفنا أكثر من عشرة كيلومترات- التفت الي أثناء حديثه ومد لسانه إشارة إلى أن الكذبة انطلت على المتصل.

مقالات ذات صلة

أنهى الإتصال بعدة وعود بالانجاز السريع للمهمة المنوطة به، وعاد ليستأنف الحديث.
سألته:من كان المتصل؟
-صديق عزيز
-:هل تعمل عنده؟
-:لا أبدا فقط أسدي له خدمة
شعرت بالتقزز الشديد،وبت أكره الاستمرار بالوقوف،وألجمت عن الحديث،لم أستطع أن أنصحه! أحسست أن الكلام ثقيل جدا،وأثقل منه أن استمر في النظر إلى وجهه،رأيته شيطانا وأبغضت تلك الدماثة فيه،فقد استنتجت أنها دماثة مصطنعة، يستطيع أن يتحكم فيها، ويوجهها كما يريد وفي أي اتجاه يرغب فيه،إنها دماثة تظهر انعدام الإحساس، مادامت تصدر من كذاب،لقد رأيتني أسرع بالتخلص منه، وليتني وجدت حولي سلة للنفاية البشرية.

حقا صدق (معلم الشاورما) عندما قال:لا يزال الرجل يكبر في عيني،وأحصي له المناقب حتى يكذب،عندئذ تصبح (الكِذْبَةُ) في نظري ككرة الحديد التي تشبثت به،وأسقطته من موضع كان يرتفع إليه عندي،إلى قعر رذائل لست أدرك منتهاه .

ومهما كانت منزلته بين الناس،بات في نظري أقل من أن أعبأ به!.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى