دراما رمضان بين التعاطي مع واقع “داعشي” ومعالجته إعلامياً/ ديما الرجبي

سرد الوقائع لا يعني بالضرورة معالجة قضية، بالرغم من الجرأة في تلك النصوص الدرامية التي تحتل ساعات الأيام الفضيلة ببرامج وفواصل غنائية ومسلسلات جميعها تندرج تحت عنوان واحد ” الإرهاب” وواقع حياة ؟! إلا أن الدراما العربية ما زالت تفتقر لأدوات ” الوقاية” وتكتفي بتوجيه المشاهد بدلاً من إرشاده؟!
غرابيب سود …
بالرغم من أن المسلسل الدرامي ” غرابيب سود ” الذي يبث على قناة MBC يجمع الكثير من تصور ” ايدلوجية” تنظيم داعش إلا أنه ولهذا اليوم ما زال يرتكز على المرأة ودورها ” الجهادي” واسباب انتسابها الذي يشوبه الكثير من الشذوذ واليأس والدماء، كما أنه يعري حقيقة رؤوس التنظيم من حيث الأبعاد النفسية والأخلاقية لهم .
وفي الجانب الآخر يفضح المسلسل بعبارة واحدة يقولها الشيخ المختص بالتنظيمات الجهادية أمر داعش، حول أهمية قبول المنتسبين إلى التنظيم دون الإكتراث إلى مدى ” صلاحهم” الأخلاقي ويأتي ذلك من رغبة التنظيم في حصد أكبر قوى بشرية في صفوفها من أطفال، نساء ،رجال، شيوخ، وهو الأمر الذي يستوقف المشاهد من حيث دعوة التنظيم للمنتسبين بترك الحياة الدنيا والتعلق بالحياة الآخرة؟!
مع الأخذ بالإعتبار ان جميع الأسباب التي دفعت بتلك النسوة للإنضمام غير مبررة إلا ان واقع الدراما يفرض سطوته على يأس الحال بدلاً من “تفجير” واقع هذه التنظيمات واستغلال هذه الأزمات لعمل مادة تقزم تلك الآفات .
ما شاهدناه إلى هذا اليوم يسطر فقر الدراما في التعاطي مع الواقع على الرغم من أن المسلسل يشير أن هذه الأحداث واقعية ، فلا أعلم لماذا لم يتجلى الدور الأبرز وهو مصدر قوة التنظيم عسكرياً بدلاً من قصص التجنيد وجهاد النكاح وغيرها من الأمور التي تشيح النظر عن حقيقة نشأت تلك الجماعات ..
كان في كل زمان
تألقت الفنانة سعاد العبدالله في المسلسل المعد على حلقات تتناول قضايا مختلفة وعلى رأسها السلسلة الثلاثية الأولى التي تبرز “الاسلاموفوبيا” حيث تعتقل المرأة المسنة التي تُكِبر بصلاتها لتلفت نظر احفادها للهدوء ويقع من عباءتها اسلحة بلاستيكية كانت أخذتهم من احفادها ليتوقفوا عن اللعب بصوت عالٍ وهذا ما دفع الأمن إلى اعتقالها في أوروبا وهي تصرخ “أنا سائحة” باللغة الإنجليزية بينما غالطتها الكلمة لتصبح الترجمة
” أنا إرهابية” وكيف تعاطى الأمن الإعلامي مع الحادثة التي نشرت على صفحات التواصل الاجتماعي بسرعة فائقة وعند اكتشافهم أن اسلحتها بلاستيكية قرروا أن يستبدلوها بأسلحة حقيقية لإثبات التهمة ولكي لا يخسروا موقفهم الأمني
عالجت هذه السلسلة قضية مهمة حيث بدأت بأن ” الاسلام أصبح تهمة” لينتهي بإتهام الإسلام بالإرهاب ؟!
ولن ننسى الفواصل الاعلانية الغنائية التي تبث على ذات القنوات مجموعة ام بي سي ومنها أغنية حسين الجسمي ” سنغني حباً ” وتلك المشاهد من مأساة الحروب والإرهاب والضلال .
على الرغم من وعي الدراما بأهمية تعاطي تلك القضايا وإبتعادها نوعاً ما عن الدراما المعهودة إلا أنه يعتبر سيف ذو حدين حيث أن مشاهدة تلك السلاسل قد تجعل المشاهد يقترب أكثر من بعض الأحداث التي سيعتادها وربما يبررها خصوصاً أن العاملين الأبرز في المشاهد “النساء والأطفال” وهو الأمر الذي أخفقت به النصوص في معالجته من وجهة نظري .
ومن الصدمة إلى ” سحلية” رامز نجد الكثير من التناقض والسقطات الإعلامية وانسيابية ” مشاهد العنف” ومحاولات يائسة لإحياء ” الضمير” الإنساني في حالة ” جهادية” تمزج بين المقالب والحقائق ..
والأولى التعاطي مع قضايا الفقر والبطالة ببرامج حية من نبض الشارع في كافة الدول بدلاً من صنع دراما عالية الجودة
ويا حبذا لو أن الاعلام يدرج في دورته البرامجية ما يعكس ويغير وجهات النظر خصوصاً لمن تم ” غسل دماغه” وإبراز الحجج الأسلم والأصح ومواجهة الأزمة بدلاً من سردها ؟!

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى