لقد تمت المهمة بنجاح..

لقد تمت المهمة بنجاح..

محمد خالد بديوي

بعد….
شكك..
انزع..
ازرع..

نتساءل كثيرا عن سر #التحول_السلوكي لمجتمعاتنا وما آلت إليه. ليس فقط فيما يخص #المخدرات، صناعتها وترويجها وتعاطيعها، ولا الوقوف عند عمليات #النصب والاحتيال.. ولا إلى من تخلوا عن #الأخلاق الحميدة. الأمر أبعد من ذلك إذا ما انتبهنا إلى حواراتنا حين يطالبك البعض بالتخلي عن بعض قناعاتك التي جمعتها بعد كد وجهد كبيرين. ومحاولات مشككة بما تعرفه عن علم ودراية، وقد يصل الأمر إلى دعوة مبطنة تطالبك بالتخلي عن بعض القيم والمبادئ التي لم تكن يوما مصاحبة لمن لا أخلاق له. نعم هناك حملات ولا يمكن وصفها بغير ذلك..هذه الحملات وصلت الى القرآن الكريم وتفسير بعض ما جاء فيه بطريقة عشوائية لا تستند على أي علم لا باللغة ولا بأسباب النزول، ولا بمعنى الكلمة لغة واصطلاحا. وهذا أيضا ما يتعرض له تراثنا والسنة النبوية، بل إن البعض يرفضه تماما! وأنا ومن كوني لست متخصصا ولا أعلم إلا القليل من هذه العلوم التي تحتاج إلى الكثير من الدراسة والمعرفة، إلا أنني مع من يطالب بإعادة دراسة وتمحيص هذا التراث من المتخصصين على ان يكونوا محايدين ولديهم القدرة على التمحيص وإثبات ما يمكن إثباته وتصحيح ما يحتاج إلى تصحيح وخصوصا مع تعدد المفاهيم الموجودة والتي تعطي إيجابية ولا تؤثر سلبا على هذا التراث الذي يجب المحافظة عليه وليس نسفه كما يرى البعض أو من يسعى لذلك فعلا. فهذا الأمر صار حديث (المثقفون) وبعضهم يعلنها صراحة في كل موقع من الممكن ان ينشر فيه..وهذا الأمر ليس في بلدنا فقط، إنه منتشر في كل البلاد العربية. ولا أدري ما الحكمة من السعي نحو هذه الغاية.!
هل يتوقف التجهيل والتخريب عند هذا الحد؟ طبعا لا.. فعلى مستوى الكتابة وبكل أجنساها هناك اعتداء صريح وواضح على كل ما يُكتب من مقالات في السياسة والاقتصاد وقضايا المجتمع عامة، أيضا هناك اعتداءات على الساخر الذي يظنه البعض مجرد مجموعة من (النكات) تضحك القارئ، والمتابع لا بد وأنه يلاحظ تراجعا في كتابة الأدب بكل أجناسه وجرأة من بعض الراغبين بالشهرة واعتلاء المنصات ليقدموا لنا أسوأ ما كُتب عبر التاريخ الإنساني، والمصيبة ان جمهور هؤلاء اكثر من ان تحصيه..ولم لا والكل يرغب بتصفيق الآخر وان يحسن في(النفاق) كما أحسن هو.
حتى على مستوى العلاقات ما بين الناس، فقد تغير الحال وصار مستوى الاحترام في أدنى درجاته، ولن أنسى القول؛ (إلا من رحم ربي ) لأن التعميم فيه ظلم وجور.
ولو عدنا إلى أسباب كل ما يحدث فإننا سنلقي باللوم على الحكومات المتعاقبة واهتمامها برفع الأسعار ووضع قوانين لا تناسب ثقافة مجتمعاتنا.. وتغيير المناهج الدراسية بما يدعم هذا الخراب، لكن هذا لا يعفي المواطن الذي لا يحرك ساكنا، بل ان أغلبنا يتفاعل مع كل ما يجري بإيجابية مفرطة وتساهل عجيب.. حتى أن بعضهم قد يدخل في شجارات كلامية وفعلية بالأيدي إذا لزم الأمر ومن يقيّم هذا هو طبعا.
لكن هل الحكومات هي من طلبت من البعض صناعة المخدارت والتجارة بها، وهل هي من طلبت بأن ترتفع نسبة الجريمة في مجتمعاتنا؟!
الأمور واضحة أمامنا جميعا أي شئ تسعى إليه أنت أو أنا يعتمد على الاستجابة والتفاعل من الآخر فبدونه لا يمكن تمرير ما تريده..لكن كيف يتم تمرير كل هذا الكم من الإفساد إن جاز التعبير.
ثلاث مراحل تستخدم ومنذ زمن بعيد، وربما أنها استخدمت في القديم جدا، لكن دون وعي بالترتيب. أن ما يقوم البعض سيكون في يوم من الأيام أحد أهم العلوم الخطيرة والاكثر خساسة.
من يتبنى أمرا ما يريده حقيقة واقعة..أو واقع حقيقي، لخراب البلاد، وإفساد العباد، وهو يرى في واقعه أن عكسه هو ما يقيمه الناس. فإنه سيبدأ بخطوة أولى تسمى:
التشكيك..أو..
شكك
يشككون الناس بكل شئ ويقومون بتداول الإشاعات والأفكار الغريبة من ثقافات بائدة سقطت في موطن ولادتها ونشأتها، وعلوم على الناس ان يناقشونها على الأقل، حتى يتمكنوا من فهمها والإطلاع على ثقافات دخيلة على أنها أم المعرفة وهكذا أولا بأول حتى يبنوا لهم قاعدة قوية وأقصد(المشككون) لترتفع أصواتهم، فهم يسعون إلى بيان الحقيقة حسب ادعاءاتهم. وللأسف فإن الغافل أو من لا شئ يستند عليه، أو المرضى والشواذ ..أو من تم حشو جيوبهم بما يلزم فهؤلاء حاضرون في كل زمان ومكان.!! يبدأون بترديد ما سمعوا وإن لم يفهموه.. فإن مجرد ترديد ما سمعوه يرفع من شأنهم كما يرى هؤلاء الضعفاء، وخصوصا مع تكاثر اللايكات وتعليقات محدودة من السادة، كل هذا سيشعر صاحبه بالتميز وتبدأ تربة الحقيقية بالتراخي شيئا فشيئا.
وهنا يدخل المخربون إلى المرحلة الثانية والتي لن تكون صعبة كما كانت قبل نشر الأكاذيب.
انزع…
نعم.. اسم هذه المرحلة (انزع) انزع كل ما هو حقيقي ويحافظ على إنسانية المرء التي لا تقوم إلا بالأخلاق الحميدة والفطرة النقية وسلامة القلب. انزع فإن هذا المخلوق كان مستعدا وإن لم يفكر في هذا من قبل، وهل يتعرف المرء على نفسه إلا من خلال تجارب شخصية يمر بها من يقبلها ومن يحاربها..فلمَ لم تكن في الطرف الآخر أو ما بينهما وذلك أضعف الإيمان!
لقد تم النزع وصار لا بد من تقييم الأوضاع ودراسة مدى النجاحات التي تراكم بسببها الفساد والمفسدين. وبعد وقت قصير أو وقت ليس بالطويل تبدأ المرحلة الثالثة والتي قد تكون صعبة في البدايات، وقد تجد القبول وإن كان خجولا.. ثم ولأننا في زمن لا يؤمن بالتأني ودراسة الأمور..الزمن الذي يؤمن بالسرعة حتى في أخطر ما يهم الإنسان، تصير هذه المرحلة جاهزة.
ازرع…
نعم فأنت لن تترك التربة فارغة، لا بد من بديل كما خططت مسبقا..
والمرور بمراحل أمر ضروري حتى تتمكن من زراعة ما تريد من خطايا وخراب سيعشش في العقول المهترئة والمترهلة، والعقول الباحثة عن تميز يجعل صاحبه يتصدر مجالس السوء والفساد والاحتفال بنشر المراد من خراب ودمار لأجيال قادمة ستعاني مما أفسد السابقون. ومن تمام رحمة الله أنهم سيكونون أول من سيعاني فالنار لا تترك من أشعلها كرد للجميل، النار تأكل نفسها إن لم تجد ما تأكله.!!
محمد
وبعد أيها السادة: تذكروا مراحل ثلاث.. شكك.. انزع.. ازرع..
إن نجحتم في قراءة الواقع بدقة ووضوح.. فبإمكانكم القول:
حملات..
شكك..
انزع..
ازرع..
تمت بنجاح كبير، لذلك سيقول المخربون :

لقد تمت المهمة بنجاح.!!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى