علينا ولا… عليهم ؟ / م . عبدالكريم ابو زنيمة

علينا ولا… عليهم ؟
المتتبع أو المتابع للتناغم والتفاهم بين الحكومة والمجلس النيابي لا بد له من أن يستذكر حفلات سميرة توفيق والتي غالباً ما كانت تختتمها بأغنيتها وغمزة عينها التي اُشتُهِرت بها ،تلك الاغنية وبعد أن ترى ذروة تفاعل الجمهور معها والتي تقول فيها “عينك على جارتنا يا عيوني ولا عينك علينا ” وهُنا توجه الميكروفون نحو الجمهور وتتعالى الردود ما بين عليك..عيلهم ، وهنا تلسع الحاضرين بغمزتها قائلة علينا ولا عليهم ؟ يأتي الرد بكل وضوح عليهم..عليهم…وكلٌمنهم يعتقد أنَّهُ المقصودبالغمزة …وتُكمل اُغنيتها وموواليها والطبال يتراقص حولها على قَدمٍ واحدة وعازف الشبابة من ورائها وقائد الفرقة يضبط فرقة التلحين بعصاه القصيرة .. وفي نفس الوقت يقوم شخص مُختبئ عن ناظر الجُمهور بمُراقبة وتنظيم اُمور الحَفل …هذا الشخص الخَفي هو المُتحكم بكل شيء…هو الآمر الناهي..هو السيد..والباقي ما هو إلا طبلٌ ومزمارٌ وموواليل !
حياتنا البرلمانية وديمقراطيتنا لا أرى فيها إلا غمزات سميرة توفيق التي تأسر وتسحر أصحاب الشعارات الإنتخابية التي كانت حبلى بالعدالة والمُحاسبة والدفاع عن حقوق المواطن وحالما يصلوا إلى قبة البرلمان ما هي إلا غمزة واحدة لينقلب غالبيتهم ويرددوا عليهم…عليهم أي علينا نحن الشعب الجائع ،فماذا جنينا من هذه المجالس غير البؤس ، الجوع ، الفقر ، التسلط وتكميم الأفواه؟أين هي الوعود التي بشرتنا بحياة أفضل…أين التنمية والحياة السياسية…أين العدالة…أين المحاسبة ،الكثيرون يعرفون جيداً بأن هذه اللعبة البرلمانية هي مُتطلبات واشتراطات خارجية لكن ماذا نقول لاولئك المهووسين بغمزة المزيونة !
أيُعقل ونحن في أسوأ أوضاعنا الاقتصادية أن لا تبادر الحكومات المتعاقبة إلى دعوة ذوي الاختصاص والمعرفة لمناقشتها وتبني إستراتيجيات وطنية للحيلولة دون وصولنا للهاوية ؟ أيُعقل أن يكون ذلك المختبيء الخفي أكثر معرفةً مِنا ومن خبرائنا بأوضاعنا ومكامن قوتنا ؟ أهو أحرص منا على أمننا وسلامتنا ؟ أم أن وراء الاكمة ما وراءها وهُناك من يدفع بالوطن نَحو الهاوية !
كُل السياسات (عليهم..عليهم وجيب المواطن) وعبر العقود الماضية أثبتت فشلها في إخراج الوطن من مأزقهِوالمُساعدات لم تَعُد تُجدي نَفعاً، التبعية والإرتهان للخارج أوصلتنا إلى حالنا هذا ، لن نخرج من هذا المأزق إن لم تتشكل حكومات وطنية تتبنى خيارات واستراتيجيات وطنية تبني شراكات وإنفتاحٍ سياسي واقتصادي على كل الدول وخاصة دول الجوار ودول الاقليم بعيداً عن الإملاءات والتبعية وسياسة المحاور الفاشلة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى