إشتقتُ إليك فعلمني أن لا أشتاق ! / سالم فلاح المحادين

إشتقتُ إليك فعلمني أن لا أشتاق !
في مثل هذا اليوم قبل ثلاثة عشر عاماً غادرتُ مؤتة السيف والقلم حاملاً لشهادةٍ في تخصصٍ لم أتمناهُ يوماً لكنه القدر ؛ ساقني حينها لدراسة ( المحاسبة ) التي تكاد تكون المجال الوحيد الذي لم يمر في مراحل عُمري ضمن قائمة أحلامي غير المتحققة بالطبع فنحن وكما تعلمون نبدأ حياتنا بحلم الطبيب فالمهندس ثم المحامي مروراً بالأستاذ وغيره وغيره إلى أن ينتهي بنا الأمر بدراسة أي تخصص تسمح به معدلاتنا المتواضعة مع إحترامي لكل التخصصات ومع إحترامي لطموحاتي أيضا ً !

ما سبق لم يمنعني يوماً من الشعور بالفخر كوني مررت يوماً في هذا الكيان العزيز طالباً للعلم وأنا إبن الثمانينات : جيل ( الركازة ) الذي كانت حتى مراهقتهُ تتسم بالهدوء والرتم الخالي من الضجيج والعهر التكنولوجي !

لخريجي مؤتة رونقٌ خاص ربما إكتسبوه من عبق المكان وتاريخية الزمان الذي يحاكي نبضات القلوب المُتضورة شوقاً لسحرٍ مُختلف ، مؤتة التي تعلم طلابها كيفية الأخوة مع ضيوفها من شتى بقاع الوطن الحبيب ، كانوا يأتون من المحافظات المُختلفة محملين ( أقولها بكل أمانة ) بالخوف من المجهول في الوقت الذي سادت فيه لديهم قناعاتٌ خاطئة بأن الدراسة بعيداً عن أهاليهم وفي الجنوب الأقل حظاً ستكون مغامرة محفوفة بالمخاطر ثم وفي وقتٍ قصير تجدهم مُرفهين بالطمأنينة ، غارقين في بحورٍ من جميدٍ لذيذ يداعب قلوبهم قبل المذاق الشهي !

مؤتة هي مؤتة ولكن : ها هو جيل اليوم يعبثُ ويلهو غير مدركٍ لجماليات أن تدرس في صرحٍ أكاديميٍ له كل هذا الوقار ، سيعلمون بعد حين بأن الدراسة الجامعية هي مفتاحٌ للمُستقبل المُزهر وأن أيامهم هذه ستكون في قادم الأيام ذكرى لن تعود !

مقالات ذات صلة

يا سالم الطالب : إشتقتُ إليك فعلمني أن لا أشتاق !

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى