
لأي وطن عملوا !
المهندس: #عبد_الكريم_أبو_زنيمة
لطالما اسمعونا شعارات وتصريحات في حقيقتها لم تكن الا اوهامًا وخرافات ، تم تداولها وتناقلها شعبيًا فقط للتندر والسخرية بالرغم من التطبيل والتهويل الحكومي لها ومحاولته غرسها في اذهاننا وكأنها ستحقق حتمًا ولن يلزمنا الا القليل من الوقت لننعم بها ، فما ان تأتي حكومة الا ويصاحبها صداحون ومداحون ومروجون لمعجزات ستتحقق على يد هذه الحكومة ، بضعة شهور تمضي من عمرها ويكثر الحديث عن تعديل وزاري بين صفوفها لأن البعض من طاقمها فشلوا في تحقيق تلك المعجزات ، يتم التعديل وتمضي الحكومة بتصريف اعمالها متغنية بإنجازات لا علاقة لها بمعيشة الاردنيين كافتتاح مهرجان غنائي هنا او استقبال راقصة هناك او احياء مناسبة ما ، تستقيل هذه الحكومة بعد ان راكمت رصيدًا اضافيًا بعدة مليارات الى المديونية ، تعين حكومة جديدة من نفس البكسة ونعود لنفس الاسطوانة ، يقلع غالبية اعضاء الحكومة السابقين ” مزدوجي الجنسية ” الى اوطانهم واستثماراتهم في الخارج ! والسؤال هو : لأي وطن عملوا وبأي قسم أبروا إبان توليهم مناصبهم !!!
هذا العبث من هيمنة النخب الحاكمة وتوريث وتدوير المناصب فيما بينهم وتهميش النزاهة والكفاءة والخبرة والمواطنة اوصلنا الى ما نحن عليه اليوم حيث اسوأ الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، نشاهد ونسمع انعكاس هذه الاوضاع من خلال الارتفاع الفاحش في اسعار المواد الاساسية وتضخم حجم البطالة وهجرة الشباب للخارج بحثًا عن لقمة العيش ونلاحظ ارتفاع معدل الجريمة وارتفاع معدل الطلاق ، والمضحك المبكي والمعيب ان الدنيا تقوم ولا تقعد إن ما عُين صاحب كفاءة من خارج البكسه في منصب ما ولا يُحرك ساكنًا عندما يورث المنصب من الجد للابن ومن ثم للحفيد ويحجز لمن سيولد لاحقًا !
لذلك سنبقى نسمع نفس الاسطوانة ونفس الأكاذيب والاوهام ” سنقطف ثمار السلام ، سنخرج من عنق الزجاجة وسنأكل البولوبيف ، القادم اجمل ، تريلونات قادمة للاستثمار ….الخ ” والحقيقة ان المستقبل مظلم حيث لم يعد للدولة اية موارد باستثناء جيب المواطن المنهك بعد ان نهبت هذه الاصول تحت مسميات وعناوين شتى كالخصخصة والسوق الحر وما الى ذلك وأنهكت القطاعات الانتاجية تحت وطأة فواتير الطاقة وعدم الحماية الوطنية والرسوم والضرائب وتهالك البنى التحتية ، ودمرت منظومة التربية والتعليم بعد ان اصبح خريجوا الجامعات اشباه اميين حتى اصبحنا بنهاية ذيل قائمة الدول من حيث التحصيل العلمي ايضًا بشعارات ظاهرها وطني وباطنها صهيوني ، لقد فاتنا قطار العلم والمعرفة والاستثمار بالإنسان كما هو في الكثير من البلدان التي لا تملك أية موارد طبيعية ، اما سياسيًا فنحن نبحر عكس التيار الطبيعي والعالمي الذي يكرس الحرية وحقوق الانسان والعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص ، مليارات انفقت على مجالس نيابية صورية لم تفضي الا الى قوانين مقيدة للحريات ومكممة للأفواه .
سنبقى ندور في هذه الحلقة المفرغة على صدى شعارات وتصريحات ومبادرات وموشحات خرافية سرابية ما لم نشرع وبشكل عاجل جداً الى اصلاح سياسي حقيقي حيث يستحيل تحقيق اية انجازات اقتصادية ما لم يسبقه اصلاح سياسي ، هذه الحقيقة طبقت في كثير من دول العام كانت غارقة في الفساد ومثال على ذلك ” ماليزيا ، كوريا الجنوبية ، تركيا ، سنغافوره …الخ ” الشعوب المترفة المتعلمة المنتجة هي شعوب تلك الدول التي تتمتع بالحرية بمفهومها الشامل ويسودها القانون ، اما الشعوب الجاهلة المتخلفة المتطرفة الجائعة المشردة فهي مخلفات تلك الدول ذوات الحكم الفردي التي غالبًا ما يستفحل فيها الفساد والنفاق والتزلف وشراء الذمم ، وبذلك تتقدم المصالح والامتيازات الفردية وتتراجع المصالح الوطنية الى أبعد مدى .
كفانا خداعًا وتضليلاً ! فلم ولن يتحقق شيء من كل الوعود والشعارات ونحن من سيء الى اسوأ ، لقد فشل النهج السياسي القائم في إحراز اية نتائج ايجابية اقتصادية او غيرها ، وكل المؤشرات والمعايير الاقتصادية تؤكد ذلك ، ان السير بنفس النهج لن يغرقنا اقتصاديا فقط ، بل سيجعل من الاردن صفحة من صفحات التاريخ يقرأها الاخرون بأن هناك دولة كان اسمها الاردن ، فالقواعد والجيوش الغربية تجثم على كامل جغرافيتنا والكيان الصهيوني يطرق ابوابنا وهم يعملون على مدار الساعة لتحقيق الحلم والمشروع الصهيوني بإقامة اسرائيل الكبرى .