في نتيجة وصفها كثيرون بالمفاجِئة، حقق حزب #جبهة_العمل_الإسلامي أكبر عدد من #المقاعد في #انتخابات #مجلس_النواب الأردني ، من بين #الأحزاب التي تنافست لأول مرة على #قانون_الانتخاب الحالي. إذ حصد الحزب 31 مقعدًا في المجلس من أصل 138، محققًا أفضل نتيجة انتخابية في تاريخ مشاركاته، سواء من حيث عدد المقاعد أم الأصوات، بعدما نال ما قرابة نصف مليون صوت على مستوى القائمة الحزبية العامة.
جرت الانتخابات على مستويين، الأول هو الدائرة العامة، ويجري فيها التصويت على مستوى الأردن لقائمة حزبية عامة مغلقة، وخصص لها 41 مقعدًا، والثاني هو الدوائر المحلية، ويجري فيها التصويت مناطقيًا لقوائم محلية مفتوحة. وبلغت نسبة المشاركة قرابة 32%، في ارتفاع طفيف عن نسبة الدورة الماضية التي بلغت 29.9%.
نالت جبهة العمل الإسلامي أكبر عدد مقاعد على مستوى الدائرة العامة بـ17 مقعدًا، فيما نالت ما مجموعه 14 مقعدًا في الدوائر المحلية، 7 منها مخصصة للكوتات. من حيث الأصوات، نال الحزب 464,350 صوتًا على مستوى القائمة الحزبية العامة، من أصل 1,378,125 صوتًا لجميع القوائم على هذا المستوى،[1] أي ما نسبته قرابة 34%، وهو أكبر عدد أصوات يناله في تاريخه. وكانت قائمة الحزب الأولى في جميع الدوائر الانتخابية على مستوى القائمة العامة، باستثناء دائرة بدو الوسط. كما حصدت قوائمه ما مجموعه 158,907 صوتًا على مستوى الدوائر المحلية، من أصل 1,101,967 صوتًا، أي ما نسبته أكثر من 14%.
أثارت هذه النتائج غير المسبوقة العديد من التفسيرات. يقول الكاتب والمحلل السياسي عريب الرنتاوي إنه إضافة لكون جبهة العمل الإسلامي الحزب ذا الحضور الأكبر في القواعد الشعبية والأحياء الفقيرة، خاصة في عمان والزرقاء وإربد، فقد كان الأكثر حضورًا في الشوارع للتظاهر خلال الحرب على غزة، وكان موقفه الأقرب للمزاج الشعبي العام من الحرب. بذلك، استطاع كسب أصوات كثيرين حتى من غير الإسلاميين أو المتدينين، ممن صوتوا له كقرار سياسي.
لكن رغم تأثير الموقف من الحرب على نتيجة الانتخابات، يقول المختص في الشؤون الانتخابية أشرف عمايرة إن النتيجة غير مسبوقة عدديًا، إلا أنها تعبر عن الحجم السياسي الحقيقي للحزب في الشارع هذه المرة، بعد عدة دورات انتخابية خضعت لتغييرات في قانون الانتخاب و«لعمليات جراحية إقصائية» بتعبيره. ويضيف عمايرة إن الحزب في الأساس لديه قدرة تنظيمية عالية تجعله مؤهلًا لحصد الأصوات، وإن كانت الظروف المحيطة ساهمت في رفع النتيجة.
إحدى النتائج الملفتة لهذه الدورة كانت حصول الإسلاميين على عدد كبير من مقاعد الكوتات في الدوائر المحلية. إذ حصد الإسلاميون 4 مقاعد على كوتا النساء، واثنين من المقاعد الشركسية/الشيشانية، ومقعدًا مسيحيًا واحدًا. كان ذلك واضحًا بشكل خاص في عمان، حيث نال الحزب جميع مقاعد الكوتات، وهي 3 مقاعد للنساء، واحد في كل من دوائر العاصمة الثلاث، ومقعد شركي/شيشاني في الدائرة الثالثة، ومقعد مسيحي في الدائرة الثانية. بينما لم تشمل المقاعد التي فاز فيها الحزب على القائمة العامة أيًا من مقاعد الكوتا، لكن الفائزين الـ17 شملوا 4 نساء.
يقول عمايرة إن قدرة الحزب على توجيه الأصوات هي السبب الأول لهذه النتيجة، حيث دائمًا ما تتسم نتائج الإسلاميين بالتزام عالٍ بالتصويت لكل أو معظم المرشحين داخل القائمة المفتوحة (حيث يحق للناخب المفاضلة بين المرشحين داخل القائمة الواحدة). إضافة إلى أن قانون الانتخاب الحالي يحدد مسار التنافس للمرشحين، ما يعني أن مرشحي الكوتات لا يؤثّرون على نتيجة المرشحين على مسار التنافس الحر، مما جعل المرشحين أكثر وفاءً لقوائمهم.
تشكل نتائج دائرة عمان الثانية مثالًا واضحًا على هذا الالتزام. حيث حصد الحزب فيها 4 مقاعد من أصل 8 مخصصة للدائرة، 2 منها على التنافس الحر، إضافة لمقعد كوتا المرأة والمقعد المسيحي. نال المرشح عن المقعد المسيحي، جهاد مدانات، 23,726 صوتًا، متقدمًا بخمسة أصوات فقط على موسى الوحش، الذي نال أحد مقعدي التنافس الحر، ومتقدمًا بـ52 صوتًا على أيوب خميس الذي لم ينجح. وهما، أي الوحش وخميس، المرشحان الحزبيان الأبرز في القائمة، إذا استثنينا صالح العرموطي، الذي لا ينتمي حزبيًا لجبهة العمل الإسلامي ويحظى بقاعدة تصويتية من خارج جمهور الحزب. أما راكين أبو هنية التي نالت مقعد كوتا المرأة، فحققت ثاني أفضل نتيجة في القائمة بعد العرموطي، بـ27,184 صوتًا.
كانت دائرة عمان الثانية أكبر مصدر لأصوات الحزب على مستوى القائمة العامة، حيث نال فيها 61,457 صوتًا من أصل 134,074 لجميع القوائم، أي قرابة 46% من أصوات الدائرة. وكذلك كانت الدائرة التي حصد فيها الحزب أكبر عدد من الأصوات من بين الدوائر التي تنافس فيها على المستوى المحلي، حيث نال في عمان الثانية 38,361 صوتًا من أصل 148,644 لجميع القوائم في الدائرة.
في المقابل، كانت دائرة الطفيلة الأعلى تصويتًا لحزب جبهة العمل الإسلامي من حيث النسبة، حيث بلغت أصواته فيها أكثر من 55% من مجمل أصوات الدائرة على مستوى القائمة العامة.
عند مقارنة مصادر أصوات جبهة العمل الإسلامي على الدائرة العامة بأصواتها على الدوائر المحلية التي ترشحت فيها، يظهر أن نسبة من صوتوا للحزب على المستويين ترتفع بشكل كبير في عمّان والزرقاء والعقبة، بينما تقل بشكل ملحوظ في محافظات جرش والكرك. وهو ما قد يعكس مناطق تركز قواعد الإسلاميين، لكنه يعكس أيضًا أن التصويت خارج هذه القواعد كان سياسيًا على مستوى الدائرة العامة، بينما تأثر بعوامل أخرى على المستوى المحلي، من بينها التصويت العشائري.
مقابل هذا الالتزام، تظهر نتائج بعض المرشحين على الدوائر المحلية، المنتمين لأحزاب تنافست على القائمة الحزبية العامة، فجوات واضحة بين التصويت على المستويين المحلي والعام. ففي دائرة عمان الثانية مثلًا، ضمت قائمة نمو عددًا من المرشحين الأقوياء المنتمين لأحزاب مختلفة. حصدت القائمة 31,998 صوتًا، لتحصل على مقعد واحد، ذهب للمرشح أندريه حواري، الذي نال 14,373 صوتًا تفضيليًا. لكن حزب الميثاق الذي ينتمي إليه حواري لم يحصل سوى على 8,862 صوتًا في الدائرة ذاتها، ما يعني أن المرشح لم يجيّر الأصوات التي نالها على المستوى المحلي لحزبه على المستوى العام. تصبح هذه الفجوات أوضح على المستوى التفصيلي داخل الدائرة، خاصة في مراكز الاقتراع والفرز الكبيرة، فمثلًا في مدرسة المعتصم الأساسية للبنين، حصل حواري على 1027 صوتًا، فيما حصل حزبه في الدائرة العامة على 142 صوتًا في المركز نفسه. وفي مدرسة الأردن الثانوية الشاملة للبنين، حصل حواري على 1228 صوتًا، فيما لم يحصل الميثاق سوى على 51.
كانت الأحزاب الجديدة العنوان الأبرز لهذه الدورة الانتخابية في الشهور التي سبقت الاقتراع. حيث شهدت هذه الانتخابات إدخال القائمة الحزبية العامة في قانون الانتخاب، وسط مناخ من «التحديث السياسي»، اتسم بظهور أحزاب جديدة، قدمت نفسها بوصفها أحزابًا برامجية، وأحيطت بنشاط إعلامي وإعلاني كبير، كما يقول الصحفي والباحث أحمد أبو خليل.
لكن على قدر الزخم الدعائي الذي أحاط هذه الأحزاب كان الإحباط أمام نتائجها. حيث لم تنل على مستوى القائمة العامة من عدد الأصوات والمقاعد ما كان متوقعًا منها. إذ حقق حزب جبهة العمل الإسلامي على القائمة العامة مقاعد بقدر الأحزاب الخمسة التالية مجتمعةً (الميثاق، وإرادة، والاتحاد الوطني، وتقدم، والوطني الإسلامي).
يقول أبو خليل إن السبب في ذلك يعود إلى أن هذه الأحزاب لم تمارس عملًا حزبيًا حقيقيًا، حتى لو زعمت دعايتها الانتخابية أنها أحزاب برامجية، بقدر ما كانت تحالفًا من أشخاص ذوي نفوذ في مواقع مختلفة، خاضوا الانتخابات وفق معطيات دوائرهم المحلية، وكان لعدد منهم حضور انتخابي سابق على انضمامهم للحزب. بعض هؤلاء لم يعلن انتماءه الحزبي خلال الحملة الانتخابية أساسًا، ولم يعلن بالتالي دعمه لحزبه على مستوى القائمة العامة. وهذا ما يعكسه الفرق بين نتائج هذه الأحزاب على المستوى المحلي ونتائجها على القائمة العامة.
يذهب أحد التفسيرات الأخرى لهذه النتائج إلى أن هذه الأحزاب الجديدة نُظر إليها باعتبارها «أحزابًا مصنّعة في دوائر الدولة» بهدف هندسة الانتخابات ومنع الإسلاميين من الحصول على أكبر عدد ممكن من الأصوات، كما يقول الرنتاوي. بالتالي، فإن جزءًا من التصويت لجبهة العمل الإسلامي كان عقابيًا لهذه الأحزاب الجديدة. إضافة لذلك، يرى الرنتاوي أن جزءًا من عدم قدرة هذه الأحزاب على الوصول للناس يعود لكونها «لا تعرف أساسيات العمل الحزبي»، ولم تستطع بناء علاقة مع الجمهور، فضلًا عن أن برامجها كانت متشابهة إلى حد أنه لا يمكن التفريق بينها.
في مقابل هذه الأحزاب الجديدة، لم تستطع أي من الأحزاب التقليدية -باستثناء جبهة العمل الإسلامي- الوصول للمجلس. فرغم تشاركها مع جبهة العمل في إصدار موقف واضح من الحرب على غزة، خاضت الأحزاب اليسارية والقومية الانتخابات بقوائم ومرشحين عدة، ما حال دون نجاح أي منها. يقول عمايرة إن هذه الأحزاب تعاني من أزمة في الخطاب والأدوات تحول دون وصولها للناس، كما أن قواعدها الشعبية آخذة في التآكل في ظل انعدام قدرتها على إنتاج أجيال حزبية جديدة. الأهم من ذلك هو أنها تعاني من «حالة من الممانعة الداخلية والشخصنة»، بتعبير عمايرة، ما عرقل تحالفها في قائمة حزبية واحدة تمنع تشتت الأصوات.
يقول الرنتاوي إن نتيجة الانتخابات وسيرها بسلاسة، رغم انخفاض نسبة المشاركة، يمكن أن تكون فرصة لإعادة الثقة بالصندوق وتنشيط المشاركة السياسية. لكن المجلس الجديد يبقى رغم ذلك مجلسًا بأغلبية موالية للحكومة، فحتى لو استطاعت جبهة العمل الإسلامي استقطاب بعض الفائزين من خارجها، من المستبعد أن تصل لكتلة معطلة، ما يعني أنها ذاهبة نحو التعاون في المجلس القادم. هذا ما يشير إليه تصريح مراقب عام جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، مراد العضايلة، عقب صدور النتائج بأن الإسلاميين يريدون «البقاء في معادلة المعارضة المؤثرة دون مغالبة».
[1] بلغ إجمالي عدد المقترعين المشاركين في الانتخابات 1,638,351، بينما بلغ مجموع الأصوات الصحيحة التي حصلت عليها جميع القوائم على مستوى القائمة الحزبية العامة 1,378,125 صوتًا، ومجموع الأصوات الصحيحة التي حصلت عليها جميع القوائم على مستوى الدوائر المحلية 1,101,967 صوتًا.