كيف تموت بعض الطيور صعقاً بالكهرباء؟

#سواليف

يُعَدّ الحصول الشامل على #الطاقة من أهداف التنمية، بالتالي من المتوقّع أن تنتشر أكثر #شبكات #الكهرباء بالعالم في العقود المقبلة. لكنّ تركيب #خطوط #الكهرباء ليس صديقاً للتنوّع #البيولوجي، بسبب #الأسلاك التي تصطدم بها #الطيور. والخطر الأكبر ليس في #خطوط التوتر العالي التي تتباعد أسلاكها بعضها عن بعض، علماً أنّ ذلك أفضل من التقارب فيما بينها.
ويمثّل #الصعق بالكهرباء على أعمدة الطاقة وأسلاكها سبباً رئيسياً لنفوق الطيور في كلّ أنحاء العالم، بما في ذلك بعض الأنواع المهدّدة بشدّة بالانقراض. وفي هذا الإطار، ثمّة معطيات من دراسات كثيرة في أوروبا وأميركا الشمالية، في حين أنّ مناطق كبيرة لا تشملها أيّ دراسات أو يتعذّر الوصول إلى البيانات الخاصة بها. وقد يعود ذلك إلى أنّ شبكة توزيع الطاقة في هذه المناطق ما زالت متناثرة، أو أنّ الدراسات بمعظمها ليست عامة ولا متاحة للمجتمع الدولي.
في أوروبا الشرقية، على سبيل المثال، تراوح أعداد الطيور النافقة ما بين 15 ألفاً و30 ألف طائر في كلّ بلد سنوياً بسبب الصعق الكهربائي. ويتدنّى العدد غرباً ليصل إلى 200 طائر في إسبانيا سنوياً. أمّا في أميركا الشمالية، فيقدّر عدد الطيور التي تقتل صعقاً بالكهرباء بمتوسط 5.6 ملايين طائر سنوياً. هذا لا يعني أنّ هذه المعدلات هي الأعلى في العالم، فخبراء الطيور يعلمون جيداً أنّ الطيور في أميركا الجنوبية وأفريقيا وجنوب آسيا تُصعق بالآلاف، خصوصاً في الأماكن المفتوحة حيث الأشجار تتناثر هنا وهناك، وحيث الأعمدة الكهربائية تشكّل مرتفعاً آمناً للقالق، وكاشفاً لما حولها من طرائد تبحث عنها الطيور الجارحة.
في لبنان وبعض دول الشرق الأوسط، تكشف الأعمدة الكهربائية للصيادين الطيور التي تقف عليها، وقبل أن تُصعق بالكهرباء يجهز عليها رصاص الصياد الفاسد، وذلك بالتأكيد بوتيرة أعلى من وتيرة الصعق بالكهرباء. وفي دراسة أعدّها أحد الطلاب الجامعيين في لبنان حول مقتل طائر الشوحة المصرية بالكهرباء، وهو نوع من النسور المهدّدة بالانقراض عالمياً، بالإضافة إلى طيور جارحة أخرى تصدف مشاهدتها نافقة تحت أسلاك وأعمدة الكهرباء أو معلّقة بها، بيّن الطالب أنّ الحصيلة السنوية هي 83 طائراً فقط، من بينها طائر واحد من نوع الشوحة كان من الممكن التعرّف إليه من بقايا جناحَيه. وهذا العدد القليل يُعَدّ منطقياً، لأنّ الدراسة أنجزها شخص واحد، ولأنّ الطيور التي تصعقها الكهرباء قد تسحبها الحيوانات الأرضية (البرية) لتأكلها في مكان غير مكشوف، ولأنّ الطالب استثنى من دراسته الوديان والمنحدرات الخطرة، وكذلك الأماكن غير المسموح بزيارتها لأسباب أمنية متنوّعة.
وطيور الزرازير التي تسبّب انقطاع التيار الكهربائي في دول مختلفة، لم تسبّب أيّ أذى للأسلاك في لبنان، إمّا لأنّ الكهرباء تكون مقطوعة عادة في معظم الوقت، وإمّا لأنّ أعدادها (الزرازير) غير كافٍ لحصول انفجار في الأسلاك كما يحصل على سبيل المثال في أوروبا وأميركا، علماً بأنّ الزرزور، على هامش الكلام، طائر دخيل على الولايات المتحدة الأميركية وكندا.
وجدت دراسات أن الديناصور من نوع “ثيروبودا” له منقار كالتي للطيور (لقمان إلهان/ الأناضول)
موقف
العلاقة بين الطيور والديناصورات

ويبقى السؤال: كيف تستطيع الطيور الوقوف على أسلاك الكهرباء من دون أن تُصعق، فيما غيرها ينفق من جرّاء ذلك؟ للإجابة عن السؤال، لا بدّ من أن نعرف أنّ التيار الكهربائي إلكترونات تتحرّك من محطة الكهرباء إلى المنازل عبر أسلاك ذات جهد عالٍ ومن ضمن حلقة مغلقة. لذا، إذا وقف طائر على سلك كهرباء، فإنّ جسمه يتّخذ جهداً ثابتاً مساوياً لجهد السلك، لكنّه يشكّل مقاومة للإلكترونات، فيستمر التيار في طريقه بالسلك غير المقاوم له. ولكن إذا لامس جناحا الطائر سلكَين مختلفَين، وخصوصاً إذا كانا مختلفَين في الجهد، فإنّ ذلك سيسمح بمرور الإلكترونات من سلك إلى آخر عبر الطائر الذي ينتهي في مثل هذه الحال نافقاً.
كذلك إن وقف الطائر على رأس عمود كهربائي خشبي، فإنّه يبقى سليماً، لأنّ قاعدة العمود مدفونة في الأرض وهو بالتالي ذو جهد قليل. لكنّه إن لامس الطائر سلكاً على سبيل المثال، فستنتقل الإلكترونات من السلك عالي الجهد إلى الطائر الأقلّ جهداً ثمّ إلى الأرض عبر العمود الأقلّ جهداً من جهد الطائر. وهذا يسبّب نفوق الطائر، الأمر الذي قد يحدث كذلك للإنسان والحيوان على حدّ سواء. لذا، ثمّة ضرورة لدفن الأسلاك الكهربائية أو عزلها بمواد مثل الكاوتشوك ووضع أجهزة واقية للطائر على رأس العمود، سواء أكان خشبياً أم غير ذلك.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى