الليبراليون اذ يمجدون ريما خلف / د. مروان الشمري

الليبراليون اذ يمجدون ريما خلف

انبرت النخب الليبرالية منذ يومين لتمجيد السيدة ريما خلف والتي ينتهي عقدها مع الامم المتحدة حكما خلال شهور لموقف طالما رأيناه من اجانب في اوروبا وآسيا واللاتينيين وافريقيا، ولَم يهلل لهم القوم بحكم انهم ليسوا من فرق الديجتال في دولهم، لا يمكن ان نقول ان موقفها بتقديم انتهاء وظيفتها هو موقف لا تشكر عليه، بل نشكرها ولكن هل نسينا ان ريما خلف تعاقبت على اهم الوزارات الاقتصادية من تخطيط الى صناعة وتجارة الى نائب لرئيس الوزراء للعام ٢٠٠٠ وقادت وأشرفت على برنامج التحول او الخصخصة او المصمصة ودربت فريقه الذي اكمل لاحقا مسيرتها المظفرة والتي أوصلتنا الى ارقام الْيَوْمَ اقتصاديا. انبرى القوم تمجيدا وتخليدا وهللوا وكبروا ورفعوا رايات النصر المؤزر وتناسوا او تجاهلوا بان ريما خلف تتحمل هي وكل الوزراء الاقتصاديين السابقين والمسؤولين من بعدها جزءا من مسؤولية الاختلال الاقتصادي الحاصل في بلدنا بحكم وظائفها السابقة.
الحكومات التي تعاقبت على السلطة منذ ستين عاما تقريبا حملت نفس الأسماء ونفس الوجوه ونفس التوجه وجاءت من نفس المدرسة التي تؤمن بان من كان جده وزيرا او رئيس وزراء فان حق الولاية العامة على الشعب يصبح موروثا ومكتسبا بطبيعة الحال وان هذه الفئة هي وحدها القادرة على حكم الشعب ورسم سياساته وتوجيه واستغلال مقدراته ذلك ان أبناء الطبقتين الفقيرة والوسطى لم يذهبوا الى جامعات أوروبا او امريكا ولم يكونوا يوما مسجلين في نوادي النخبة الثقافية او الاجتماعية في عمان التي يعرفونها ولم يشتروا أرضا في ذلك الجزء من عمان باموال الدولة ولَم يستولوا على صفقات تجارية من خلال مواقعهم التنفيذية في الهرم الاداري ولم يكونوا يوما ممن يعتبرون سيارات الكيا والهونداي أمرا غير حضاري في عمان الغربية وما زالوا يستخدمون أيديهم في الطعام ولم يتقنوا بعد فن التعامل مع الشوكة والمعلقة والسكين.
ليس بعد، كل الحكومات المتعاقبة قدمت برامجها وغادرت موقعها دون ان تُمارس عليها اي عمليات مساءلة وتقييم رقمي حقيقي لما انجزته او لما أفسدته ولم يقم المواطن فعليا بدوره وحقه المكفول دستوريا في محاسبتها وذلك نظرا للفجوة الكبيرة المتسعة بين ما نؤمن به حقا وبين ما نطبقه فعليا وتقديم التهاني والتعازي تطوعا ما هو الا مثال، كل ذلك وبعد ان يغادر الوزير موقعه او رئيس الحكومة ينبري لتمجيده وتخليده وتسميته بارفع عناوين البطولة أنصاره ممن تشارك معهم سابقا في مواقع السلطة او ممن تنفعوا او تملقوا او استفادوا او حصلوا على مغنم او حتى لمجرد تشابه الاسم الأخير او ربما دون سبب وانما لمجرد إظهار أسمائهم على صفحات اصحاب الألقاب والعناوين المختلفة والذين أنفسهم يحملهم الشعب مسؤولية فشل ذريع ومستمر في الحالة الاقتصادية.
النخب الثقافية والاكاديمية دأبت على استضافة كل رؤساء الحكومات والوزراء السابقين في ندوات تشخيصية لواقع الاقتصاد الوطني والاقليمي وكلهم دون استثناء كانوا ينتقدون سلوكيات الحكومات والوزراء والمؤسسات الحكومية وكلهم دون استثناء استخدموا تقريبا نفس العبارات والجمل العامة المبهمة والتي تدل على مدرسة واحدة في النهج. ليس بعد، اذا كان الحال كذلك فمن اذا اوصلنا الى ما نحن فيه اقتصاديا ومن اذا مسؤول عن تفاقم البطالة والمديونية وعن انخفاض القوة الشرائية للدينار وعن انخفاض الاستثمارات الأجنبية في المملكة. هل يعتبر استقالة ريما خلف مثلا بعد ٧ سنوات عجاف في الامم المتحدة انتصارا بطوليا للأمة الباحثة او الحالمة بانتصارات ورقية كصواريخ بشار الكرتونية المتفق عليها مسبقا مثلاً مع جارتنا اللدود؟!
هل المواطن الذي لم يكن يوما جزءا فعليا من صناعة القرار او تطبيقه مسؤول!!! هل مجلس النواب الذي لم يمارس دوره المناط به دستوريا مسؤول!!!! كل رؤساء الحكومات ووزرائها السابقين بما فيهم خلف عبروا عن المثالية السياسية والاقتصادية وعن اولوية المواطن في النهج والممارسات وعن أهمية النهوض بالاقتصاد الوطني وحل المشكلات وعن أهمية تقديم حلول عملية للمعضلات، كل أؤلئك السابقون واللاحقون عبروا عن ذلك وأكثر في المؤتمرات والندوات وكلهم انتقد كلهم ولكن حسب فعالية اللقب وتبادل الكراسي والأدوار بالتراتب والغريب انهم اي السابقون يجتمعون دائماً في الولائم والجاهات ويتم دعوتهم الى الندوات لتوجيه الانتقادات وتقديم الحلول ثم يستعيدون اللقب فترى منهم العجب العجاب وما ان يعودوا الى حالة ” السابق” حتى نبدأ من جديد مسلسل الندوات والصالونات والتحدث على منابر النخب الأكاديمية والثقافية بدعوة من من يحلمون ايضا في الوصول يوما الى الحقائب التي ما فتأت تفتك بقوت المواطن والذي هو على الدوام مسؤول اما عنوةً او اختياريا عن ما وصلنا اليه. وما زلت أعجز عن اجابة سؤالي : من المسؤول !!!!
الدكتور مروان الشمري – باحث في الادارة والاقتصاد الاستراتيجي في جامعة تكساس والجامعة الهاشمية
marwanalshammari@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى