كونفدرالية ثلاثية تمهيد لصفقة القرن .. هل نقلق على الأردن وفلسطين ؟

سواليف – رصد
تحت عنوان
كونفدراليّة “ثُلاثيّة” أُردنيّة فِلسطينيّة إسرائيليّة؟ وما الذي يَدفَع الرئيس عبّاس لتَفجيرِ هَذهِ القُنبِلَة الآن؟ وهَل نَحن أمام “طَبخَةٍ مَسمومةٍ” لإعادَة إحياء “الوَطَن البَديل” بتَصدير عِبء الضِّفَّة السُّكَّانيّ إلى الأُردن؟ ولماذا نَشْعُر بالقَلق على فِلسطين والأُردن مَعًا؟
كتب الصحفي عبدالباري عطوان في صحيفة رأي اليوم مقالا تناول فيه آخر التصريحات التي ادلة بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس حول موضوع الكونفدرالية الأردنية – الفلسطينية والتي أضاف اليها عباس دولة الكيان الصهيوني ، في وقت أثار فيه تصريح عباس الكثير من الجدل والتساؤلات حول ما هية الكونفدرالية الثلاثية ، او فيما اذا كانت هذه التصريحات على سبيل السخرية ، أو كانت زلة لسان غير مقصودة من عباس ؟ فيما اعتبرها عطوان بالون اختبار لرصد رد الفعل الشعبي .

في مقدمة مقاله قال عطوان ان الرئيس الفِلسطينيّ محمود عبّاس بارِع في إطلاقِ “بالونات الاختبار”، سَواء كان ذلِك لجَسِّ نَبضِ الشَّارِع الفِلسطيني، أو التَّمهيد لمَشروعٍ سِياسيٍّ يبحَثُه مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، أو دول الجوار تَحت المِظلَّة الأمريكيّة، فهُو لا يُطلِق الكَلام على عناته، ولدينا سوابِق كثيرة في هذا الصَّدد، إبرزها تِلك التي أراد من خِلالها تهيِئَة الأجواء لتَمرير اتِّفاقات أوسلو عبر أحد مُساعديه قُبيل الإعلان عنها، ومِن ثَمَّ توقيعها في 13 أيلول (سبتمبر) عام 1993 في حديقة البيت الأبيض، وهو ومُساعده الذي انشقَّ عَنه، يَعرِفان جيِّدًا ماذا نَقصِد.

وأضاف عطوان ان الرئيس عبّاس تعمّد أيضا الكَشف عن عَرضٍ تلقَّاه من جاريد كوشنر، صِهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ومُستشاره، ومن تابِعه جيسون غرينبلات، المَبعوث الأمريكيّ، يقوم على أساسِ إقامة كونفدراليّة فِلسطينيّة إسرائيليّة، اشتَرط انضمام إسرائيل إليها، أي أنّ تكون كونفدراليّة ثُلاثيّة أردنيّة فِلسطينيّة إسرائيليّة.
هذا الكَشف المُفاجِئ جاءَ أثناء اجتماعٍ عَقَدَهُ الرئيس عبّاس مع وَفدٍ يُمَثِّل حركة “السَّلام الآن” الإسرائيليّة “المُنقَرِضَة”، وسَرَّبت تفاصيله السيّدة هاغيت عوفران إلى صحيفة “هآرتس” الإسرائيليّة، عن عَمد، وربّما بإيعازٍ، مُباشِرٍ أو غَير مُباشِر، من الرئيس عبّاس نَفسِه.

ولم يستبعد عطوان أن يكون هذا التَّسريب هو أحَد الأضلاع الرئيسيّة لصَفقة القرن التي تُطَبِّق حاليًّا على مَراحِل، الأُولى كانت نقل السِّفارة الأمريكيّة إلى القُدس المُحتلَّة، والاعتراف بِها كعاصِمَةٍ أبديّة لإسرائيل، وإخراجها مِن عمليّة التَّفاوض، والثانية مُحاوَلة إلغاء حَق العَودة وقضيّة اللاجئين مِن خِلال مُحاوَلة تصفية وكالة غوث اللاجئين (أونروا) بقَطع المُساعدات الماليّة الأمريكيّة عنها، ومَنع الآخرين مِن دُوَل الخليج العربيّ التَّبرُّع لها، والثالثة صَفقَة التهدئة مع حركة “حماس” في قِطاع غزّة لخَمسِ سَنواتٍ أو أكثَر، وما يَتفرَّع عنها من “حُلولٍ إنسانيّة”.
وأشار أيضا انه مِن الواضِح أنّ صفقة القرن تُريد سَلخ قِطاع غزّة عن الضِّفّة الغربيّة بصُورةٍ نهائيّة، وإقامَة “إمارةٍ غزيّة” وسلامٍ اقتصاديٍّ، على غِرار “سلام” سلام فياض في الضِّفَّة، والجمعة الحزينة في إيرلندا الشماليّة، وإعادة ما تَبقَّى من الضفة الغربيّة إلى الأُردن، لأنّ إسرائيل حَصَلت على ما تُريده من الأرضِ والمياه، وتُريد تصدير “عِبء” ثلاثة ملايين ونِصف مليون من أبنائِها إلى الأُردن، مَع وعود ببضعَة مِليارات من المُساعَدات الماليّة.

ورأى عطوان ان الرئيس عبّاس فجّر قُنبلته هَذهِ حَول الكونفدراليّة الثلاثيّة هَذهِ لتَحقيق ثلاثة أهداف في رأيِنا:
ـ الأوّل: إدراكه أنّ هَذهِ الكونفدراليّة مطروحة على النِّقاش في إطار صفقة القرن، وأراد أن يُعرقِلها بإضافَة إسرائيل إليها، لأنّه يعلم جيّدًا أنّ إسرائيل لا يُمكِن أن تَقبَل بأن يكون اليهود أقليّة الأقليّة ويَذوبون فيها، وهُم الذين أصدروا قانون الهويّة اليهوديّة للدَّولة قبل بِضعَة أسابيع فقط.
ـ الثاني: أن يكون الرئيس عبّاس يُمَهِّد فِعلاً لكونفدراليّة أُردنيّة فِلسطينيّة دون التَّمسُّك بشَرط قِيام الدولة الفِلسطينيّة أوّلاً، الذي وضعته القِيادة الفِلسطينيّة عام 1984، وهذا ليس مُستَغربًا مِنه وهو الذي قَزَّم حق العَودة في المُفاوضات اللاحقة، وجعل هذا الحَق مَقصورًا على بِضعَة آلاف من اللاجئين الأوائِل الذين مات مُعظَمهم، أو في طَريقِهم للمَوت، الأمر الذي يَتطابَق مع التَّعريف الأمريكيّ الجَديد لللاجِئين.
ـ الثالث: التَّسليم بفَصلِ الضفة عن القِطاع، والتركيز على الأُولى، أي الضفة، بعد استبعاده كُلِّيًّا من قِبَل السُّلطات المِصريّة من مُفاوضات التهدئة، وتآكُل تَمثيل المُنظَّمة والسُّلطة للشعب الفِلسطيني، وبَحثِه عن دَورٍ جَديدٍ يُعيده إلى الأضواء بِقُوَّةٍ.

وأضاف أنّ تسريبات الرئيس عبّاس ليسَت صُدفَة، والرَّجُل لا يَنطِق عن هَوى، خاصَّةً في ظِل حال التَّهميش الفِلسطينيّ والإقليميّ التي يعيشها حاليًّا، ومُحاولاتِه المُتعاظِمة لكَسْرِها، وظُهور العَديد من التَّقارير التي تُؤكِّد أنّ مُقاطَعته لأمريكا غَير دقيقة، وأنّ اتِّصالاتِه مع الإسرائيليين السِّريَّة لم تتَوقَّف، خاصَّةً الاعتراف بأنّه يَلتَقِي مع رئيس جِهاز المُخابرات الإسرائيليّ مَرَّةً كُل شَهر.
قَلبنا على فِلسطين وقضيّتها، وقَلبنا أيضًا على الأُردن، وأمنِه واستقرارِه، فحالَة الصَّمت وعدم الوُضوح الرَّسميّة الحاليّة التي تَسود الدَّوائِر الرسميٍة في الأُردن حول مَوضوعاتٍ عديدة محليّة وإقليميّة تَجعَلنا نَشْعُر بالقَلق.. ونأمَل أن يكون قَلقنا في غَيرِ مَحَلِّه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى