.طمليه، المطر قادم.. فلا ترحل

[review]أعرف أنك لا تحبّ المراثي..ولا تحتفي بالحزن كسائر البشر، اعرف انك ابن الحياة وكاهنها،كما أنك بوّاب الشمس وخازنها..لذا لن أعكر صفوك وأنت تزفّ في عرسك المؤجل.اسمعني يا صديق، سأغلي لك فنجان قهوة على نار القلب..في هذه الأثناء أشعل سيجارتك أرجوك، كم تعجبني طريقتك في التدخين وأنت تقلّب السيجارة بين أصابعك مائة مرّة في الدقيقة،كم يعجبني صمتك. و”خربشتك” في ”الكيس” الداكن..كما تعجبني ”شتيمتك” لي، أريدها شتيمة من القلب..أتذكر في آخر لقاء تمّ بيننا ماذا قلت لي ؟! أنا أذكّرك. لقد قلت لي :(لقد أصبحت مشهوراً يا حيوان)!!.. حضنتك بشدّة حينها وضحكنا وكأنك قلت لي : (عفية النشمي)!!..اسمع يا دمع تشرين، يا غيمة حرّة هربت من حظيرة السحاب،يا ثقباً في ستارة الوقت، سمعت انك كنت مشتاقاً للمطر قبل أن ترحل..هذا ما قاله لي صديق مشترك..بالمناسبة يتوقّع اليوم سقوط المطر، تحديداً على خدّك الشاحب، وردائك الأبيض..فهل سينعشك هذا..على أي حال لقد هرّبت لك غيماً شهياً في رئتي وسأبثه أمامك حبراً أبيض ودمعاً ينزل غصبَ عني.دخّن سيجارة أخرى أرجوك، محمّد ايها ”الرفيق” يا نقيب العاشقين والناطق الرسمي باسم الحب،دعني أصارحك بما لا تحب، شخصياً لا استطيع أن ”أتخيّل العرب” اليوم من غير زاويتك،من غير عبثيتك، من غير عباراتك المختزلة و القصيرة، المؤلمة والشافية، مثل الإبر الصينية، لا استطيع أن أتخيل ذلك المستطيل الذي يتوسط الصفحة تابوتاً وجثة.حتى غرفتك التي لم أرها..ها أنا أراها الآن، غطاؤك هناك، ووسادة امتصت آخر أحلامك بمسامات القماش..ومطفأة سجائر، وقصاصة مكتوب عليها بخطّك الدقيق كخياطة مراهقة ..ربما كانت فكرة مقالة، او انهزام أمام الحزن..أو رسالة ”كانت اليها..بطبيعة الحال”.دخّن سيجارة ثالثة على مهل هذه المرة..خذ ولعة!! هل اشتقت لأمك ”حليمة” تلك المرأة المخلوقة من طحين ووجهها رغيف كما قلت..هل اشتقت لشقيقك إسماعيل، شقيق الطفولة المرّة،هل افتقدت جلسة عائلية في دنيا مختلفة؟ فعاجلتنا الرحيل..لا تتحمّس كثيراً يا رجل….لا ترحل يا رفيق..انتظر ! هاك الجريدة و”باكيت” السجائر.*** اسمعني،لا تكترث كثيراً بجموع الذين وقفوا أمس حول جسدك المسجى بكامل قيافة الحزن، أنا لم أرهم معزّين، أنا رأيتهم يحملون نسخاً من محبّتهم لك ويريدون توقيعك..فقط توقيع..بحجم جرح بكف طفلة..وأنت”وقّعت” بصمتك على كل النسخ الحزينة، بالأمس لم يكن تشييعك أيها الصديق، بقدر ما كان حفل توقيع لكتابك الأخير: ”الموت”.أرجوك عد كما كنت.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى