كدمات زرقاء
يرحم أيام زمان!
الصورة بأكملها تغيرت: في السابق كان العدو بيّن والصديق بيّن، والقناص الصديق بين والقناص العدو بين، حاليا اختلط الصديق بالعدو، وعدو الصديق اختلط بصديق العدو، وصارت البنادق القناصة موجهة الينا من كل الاتجاهات، ولم تعد تمتلك اي خيار، فقد تموت ببندقية صديق او ببندقية عدو او حتى ببندقية محادية.
مذ ابتكر الإنسان البندقية، ابتكر معها القناص، كان القناص قاتلا عشوائيا يقتل كل ما يتحرك أمامه، لذلك فقد كان مكروها من الأطراف المتحاربة، وكان عقابه الموت بشكل شنع؛ في بيروت مثلا كانوا يلقون بالقناص من فوق سطح العمارة الشاهقة التي يقبضون عليه فيها.
المشكلة التي كان يعاني منها القناص، انه لم يكن يستطيع اخفاء مهنته، كأن يدعي بأنه بواب العمارة، أو أنه مجرد مقاتل عادي، فقد كانوا يكتشفونه ويتعرفون عليه من الكدمات الزرقاء المطبوعة على كتفه، الناتجة عن ارتداد البندقية الثقيلة التي يستعملها.
بالطبع، القناص ليس ملاكا ولا شيطانا، بل هو الملاك والشيطان معا، ويرجع اعتبار كونه ملاكا ام شيطانا الى موقعك الجغرافي منه، هل انت امام فوهة بندقيته؟ فتكون العدو والضحية، أم انت تحتمي خلف بندقيته ليفتح لك الطريق، فيكون الصديق والرفيق؟؟
كانت الضحية واضحة وضوح الدم، والقناص معروفا ومعرّبا بالزرقة الظاهرة على كتفه. وهذا ما نفتقده في الحروب الحديثه، حيث تحول القناص الى مجرد محترف (أتاري) وهاوي كمبيوتر، يتحكم بفوهة البندقية بواسطة الشاشة، ويحدد هدفه دون ان يكون امامه، وقد لا يكون في ذات العمارة.
ربما في السابق كنت تعرف لماذا تموت على الأقل، حاليا انت لا تعرف لماذا تموت ولماذا تعيش ولماذا تقتل فلان او يقتلك اي كان.
كم احتاج الى قناص دقّة قديمة ليرديني قتيلا بطلقة مباشرة من بندقية مباشرة ….. فأرتاح.
الحياة جميلة ..أعرف
والموت هادئ….اعتقد.
المشكلة في المرحلة الإنتقالية، وهذه القضية سوف يحلها القناص ابو طبعة زرقاء.