احلام شداد و الحكومة
منذ أكثر من ستة عشر سنة ونحن طلاب يحلمون و يحملون هم وطن على عاتقهم أكثر من هم العلم الذي يتلقونه حينذاك … كنا في الجنوب و كانت لنا هناك حكايات لا ينتهي سردها …. كان لكثير منا شغفه بوطنه بمنظوره الخاص …
كنت أنا و آلاف غيري نرتحل نهاية الأسبوع من الجنوب المتصحر من اهتمامات الحكومات المترهلة المتعاقبة عليه و المليء بوفاء الرجال .. الفاقد لكثير من المسؤولين الأوفياء لترابه النقي .. كان ذلك الجنوب غزيراً خيّرا برجاله و أهله … كنا نغادره للحظات كي تعانق ارواحنا جبال البلقاء تلمس الإباء و الشموخ من أهلها و نستنشق العز من أرض جدي و أبي في الشمال الخيّر بأبنائه قبل زيتونه الأصيل ..
في تلك البدايات كان الجنوب غريب علينا فلم نعتد أن نرى جزءا من جسد الوطن مكلوماً متخماً بجراح النسيان … إلى أن أصبح جزءاً من الروح وهمّا وطنيا لمن ارتوَت روحه من ماء مجده و كرامته .. فقد أنبتت الصحراء هناك في قلوبنا وطن يرفض شبابه الوهن …
للجنوب ذكريات و تاريخ أصيل و لنا منه جزء من وطن يريد البقاء في قلوب أبنائه….
وفي رحلة الذهاب و الإياب إليه الف حكاية و حكاية … كنا نرسم حدود عمّان وكأنها مدخل الأردن الحقيقي … كانت حينها عاصمة اعتاد أبناؤها التوزع منها الى مدنهم و قراهم …. كانت المسافة بعيدة حتى نصل إلى مدخل الأردن المجاور للمطار …و لكن في معظم الرحلات كان معنا شدّاد صديق السرد و الخطابة … شدّاد اعتاد أن يُعرف الاردن بعمّان و اعتاد أن يتغزل بمدخل عمّان كلما أشرفنا الوصول …
و ذات يوم اقترح شدّاد ان يبنوا لنا عمّان جديدة و أن تكون أقرب للجنوب آملاً ان يكبر و يزدهر فقد أصبح للمكان معه رواية واستمد منه روح الاخاء …
فقد كان شدّاد يقظا لحق الوطن الجزء منه و الكل … و كان شدّاد يسمع ما يدور من ملل لبعد عمّان عن الجنوب و يضيق صدره … فبأ يسلينا في تلك الرحلات … يرسم خريطة عمّان الجديدة و يهندس شوارعها و ينظم بناؤها و كأنها حلمه الوردي … شدّاد رحل بعدعا عن الجنوب و ترك حلمه على تلك الطريق ….
و لكن الحمدلله أنه كان عندما يحلم يتحدث فوصل الحلم إلى خمسة أشخاص و وعدوا أن يحققوا لشداد حلمه …. و لتكن عمّان الجديدة التي خططت نظامها في حافلات الجنوب المرتحل منه و إليه و لتكن لك المدينة التي رسمت يا شداد فهناك خمس من أخلص الخلص سيبنونها لك قريباً….
الحمدلله الذي منحنا شداد كثير الدعاء و الحالم والحمدلله لله على نعمة الحكومة )
المغرب … أغادير
