.(غداً) الذي لا يأتي

[review]الاثنين-1-6-2009لا يعرف سوى لغة الحديد..أرضه سندان وسماؤه مطرقة…. أقلامه قضبان ودفتره صفيح… قلبه فولاذ، ودموعه بُرادَة.. يطربه صوت الضرب، وتنعشه رائحة الشرر..لا يرضي بائعاً ولا يبسط مشترياً.. هو هكذا إنسان مسكوب في قالب الغضب.ذات يوم، خرج الحداد عن عزلته.. دق باب جاره..طالباً على خجل وتوتر استدانة مبلغ صغير لآخر الشهر..جاره الكريم الذي لم يعتد على رد احد.. أعطاه فأرضاه..مضى أول شهر فلم يرد الرجل الدَّين إلى صاحبه..مضى شهر ثانٍ ولم يحدث جديد.. شهر ثالث ولا جديد…تجرأ قليلاً الجار الكريم -الذي لم يطالب الحداد بدينه بعد – وسأله السداد..فقال له بشفتين زرقاوين باردتين كفُرْنِه المطفأ:”تعال بكرة”..لم يناقشه الرجل..وعاد في اليوم التالي..فردّ عليه بشفتين باردتين أيضاَ: ”تعال بكرة”..مضت على هذه الحال..سنة كاملة..سنتان..ثلاث..عشر…وهو يأتي في الغد..ولا يسترجع دينه…كبر ابن الحداد..واستلم إدارة المحل نيابة عن أبيه الكهل الذي لم يعد يحضر الا صباحاً ليقول لجاره ”تعال بكره” ويغادر..ذات صباح حضر الجار يائساً بائساً..وجد ابن الحداد وحيداً..سأله ان يسدّ دين أبيه..فقال الابن (الأشد لؤماً من أبيه) : حسناً سنسد دينك، لكن بشرط…قال الجار ملهوفاً: موافق دون ان اعرف شرطك..قال ابن الحداد: وهو يثني القضيب على سندان سميك مرتفع:حتى يهترىء هذا السندان..قال الجار فرحاً: موافق..موافق.حضر الحداد الكبير، فروى له ولده القصة كاملة فرحاً منتشياً ليريه دهاءه في المماطلة وحذاقته في اللؤم..وقبل أن يتلذذ بطعم السخرية، صفعه والده صفعة دامية..واصفاً إياه بالحمار وقليل الفهم..وعندما استفسر الولد عما اقترفه من خطأ لم يدركه..قال له الأب بأنفاس غاضبة:ولك يا ”دابّة” السندان مصيره يخلص بس ”قولة بكرة” عمرها ما بتخلص..أمريكا وإسرائيل مثل الحداد وابنه / لا زالوا يتعاملون مع الفلسطينيين والعرب بخصوص قيام الدولة الفلسطينية، على مبدأ ”قولة بكرة” التي لا تنتهي ابدأ.***يا جماعة، (غد) المدين لا يأتي أبداً….ahmedalzoubi@hotmail.comأحمد حسن الزعبي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى