كأننا نموت غدا والحكومة تعيش أبدا
د. ذوقان عبيدات
شهدنا خلال أزمة كورونا تناقضات أو على الأقل تضادات عجيبة.
وزراء يتطاولون على مختصين في الفيروسات، ويهددونهم بالإزالة حين خالفوا رأيهم، وأصحاب سيارات فردية يحتفلون بحرية الحركة في العيد دون أصحاب السيارات الزوجية، لست هنا بصدد تعداد هذه التضاربات، فما حدث في عيد الاستقلال هو ما شد الانتباه. ان الثقافة الحالية هي ثقافة التباعد الاجتماعي، بينما خلقت الاحتفالات اجتماعية. فلا يحتفل شخص بمفرده. بل يبحث عن شريك او أكثر. وحتى الضحك بمعايير فلاسفة الضحك، هو نشاط اجتماعي وجمعي، فالإنسان لا يضحك بمفرده أيضا. اذن نشهد تباينا بين ثقافتين: ثقافة التباعد الاجتماعي وثقافة الاحتفال الاجتماعي، وهذه هي التفاصيل:
– أقنعتنا الحكومة على مدى ثلاثة شهور بأن التباعد الاجتماعي أساس للوقاية والسلامة؛ ووضعت التباعد معيارا للوعي الصحي والوعي الأخلاقي، حتى قارب الشعب أن يكون افرادا متناثرين حتى في منازلهم. وقد قبل المواطنون ذلك عن طيب خاطر! قالوا لنا: البسوا الكمامات والكفوف وتباعدوا. لا تذهبوا الى المدارس والمطاعم والملاعب وغيرها. وسمعنا وأطعنا على امل أن نحمي الأردن “والإنسانية جمعاء”. وهكذا فعلنا وحمينا الإنسانية جمعاء!!
– وقالت لنا الحكومة، اننا يجب ان نحتفل بعيد الاستقلال وبتقديري أبدعت حين قالت: كل مواطن يرفع علما أمام منزله. وشاهدنا صورا لعمان تزهو بالأعلام فعلا، انه منظر يثير الزهو والفخر! لكن ما الذي حدث فجأة لتعلن الحكومة برنامجا حافلا لعيد الاستقلال.
o العاب نارية
o تكليف شركات وافراد بتزيين مركبات من أجل الاستعراض في الشوارع. ولا ندري بعد؟
– كلنا يعرف أن الاستعراض بحاجة الى جمهور، وأن الألعاب النارية بحاجة الى جمهور؛ ولا قيمة لمركبة مزينة ما لم يصفق لها الجمهور. وكلنا يعرف أن الألعاب النارية مكلفة، وان تزيين المركبات مكلف، فهل تم الانفاق عليها من صناديق نشأت لخدمة الوطن في الازمة.
– برأيي هناك تفسيران:
o اما ان من خطط للتباعد الاجتماعي جهة ما تختلف عمن خططوا للاحتفال. وأن كل جهة تفعل ما تراه، وان الجهتين تعملان بمعزل عن بعضهما، أو
o أن الجهة الواحدة تلاخم ذات اليمين وذات الشمال؛ ونفكر أحاديا أو بالقطعة. كما يقولون اليوم شيء وغدا أخر!! أو علينا أن ندعو للتباعد الاجتماعي يوما وللتقارب يوما أخر!! ولو على طريقة الفردي والزوجي أو بارد حام؟؟
o على أغلب الأحوال، تتصرف الحكومة وفق: أعمل للتباعد كأنك تموت غدا، وللتقارب كأنك تعيش أبدا.
هل الامل موجود ؟