قرار حكيم في الزمن الصعب

قرار حكيم في الزمن الصعب
م. عبدالكريم ابو زنيمه

أثار قرار مجلس الوزراء القاضي بتغيير صفة الاستعمال للأراضي المحاذية للشارع الرئيسي وبعمق 40 مترا لأغراض تنظيمة ارتياحا كبيرا لدى أبناء وادي الاردن لما سيحققه هذا القرار من نهضة تنموية تتمثل في إنشاء الصناعات المتوسطة والصغيرة التي طالما حرم منها أبناء الوادي لأكثر من أربعة عقود مضت ،كذلك سيكون لهذا القرار تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين وزيادة فرص التشغيل الذاتي التي يعاني منها أبناء وادي الأردن بشكل ملحوظ وهنا لا بد من التذكير أن غالبية مناطق وادي الأردن تصنف من المناطق الأشد فقراً على مستوى المملكة .
لا أحد ينكر فضل من أشرف على الخطط التنموية لوادي الأردن ، لكن كان عليهم أن يتنبهوا لهذه الخطوة وأن يخصصوا هذه المساحات لاغراض تنظيمية صناعية منذ ذلك الزمن ،وهي بالمناسبة مساحات محدودة جدا ولن تؤثر على المساحات الزراعية ، فالنشاط الزراعي لا بد وأن يواكبه نشاط صناعي بالدرجة الأولى ونشاطات اخرى بأهمية أقل ، فلو أتخذ مثل هذا القرار في حينه لكنا اليوم نشهد نشاطات مختلفة ومتنوعة على هذا الشريط سيما وأن الأوضاع الاقتصادية في تلك الفترة كانت جيدة .
أن تأخر صدور هذا القرار اضطر أبناء الوادي للانخراط فقط بالنشاط الزراعي أو انتظار الوظيفة الحكومية ونتيجة للظروف الجيوسياسية في الأقليم خلال العقود الماضية أنهار القطاع الزراعي مخلفاً المصائب والمآسي للعاملين فيه وكتلاً بشرية هائلة بلا عمل ،الأمر الذي أجبر الكثيرين منهم وخاصة المتعلمين الأكاديميين والفنيين للهجرة إلى المدن وإقامة مشاريعهم هناك ، مما حرم أبناء الوادي الهائمين الآن في طرقات الاغوار من الاستفادة والعمل في هذه المشاريع ، كذلك أضعنا الكثير الكثير من الاستفادة من مشاريع الدول المانحة والمنظمات الدولية لعدم توفر البيئة والاراضي التنظيمية المخصصة لإقامة المشاريع .
غالبية البلديات في وادي الأردن أن لم تكن كلها تفتقر لامتلاك أية أراضي تنظيمية وعلى سبيل المثال بلدية معدي لا تمتلك متراً مربعاً واحداَ على الشارع الرئيسي لأغراض تنظيمية وكذلك بلدية دير علا لا تمتلك سوى 2,25 دونم على الشارع الرئيسي مقام عليه مبنى البلدية وكذلك حال البلديات الأخرى ،فكيف والحال كذلك أن تقوم هذه المؤسسات المدنية بمهامها وواجباتها وأن تحقق أو تساهم في النهضة التنموية داخل حدود مناطقها وتحسين خدماتها للمواطنين !
نشكر لهذه الحكومة قرارها الصائب الذي ستظهر انعكاساته الإيجابية على المواطنين خلال فترة قريبة بإذن الله ، وسنلحظ تزايداً وخاصة في النشاط الصناعي والخدمات في كافة المناطق التي شملها القرار ،هذا القرار سيسهم في خفض نسب البطالة وهجرة معاكسة من المدن وسنلحظ زيادة وتنوعاَ في الصناعات الزراعية التحويلية كصناعات العصائر وتجفيف وتعليب الخضار والتدريج والتوضيب والتغليف وأماكن تسويق منتوجات البيت الريفي وغيرها ، أما الأصوات والدموع التي يذرفها البعض فهي بتحريض من هنا وهناك وأن كانت صادقة ومتخوفة على الرقعة الزراعية فنحن نشكرها ولكنا نذكرها بأن النشاط الزراعي لا بد وأن يواكبه نشاطات أخرى مساندة له ، ونكرر شكرنا وتقديرنا لكل من ساهم في صدور هذا القرار الحكيم في هذا الزمن الصعب .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى