
سلط #رونين_بيرغمان، الصحفي الاستقصائي المعروف عالميا والمحلل العسكري لصحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية، في تقرير له، الضوء على ما هو “خلف #كواليس #الهجوم في #قطر”.
جاء في تقرير رونين بيرغمان أن “السؤال الحاسم الذي يجب طرحه بعد الهجوم في الدوحة ليس ما الذي كان يدور في ذهن من أوصى به وما إذا كان قد أخذ في الاعتبار احتمال فشله، بل ما الذي كان يعتقده أنه سيحدث في حال نجاحه”.
ورأى بيرغمان أن “هذا الهجوم هو دليل آخر على أولويات الحكومة الإسرائيلية. فإذا كانت #الحرب في #غزة، التي لم تخدم إسرائيل عسكريا أو سياسيا لعدة أشهر، هي الهدف الرئيسي لبعض الوقت، بينما كانت إعادة المخطوفين هدفا ثانويا فقط -رغم أن الوثائق الرسمية كانت تفترض أن الهدفين يحظيان بنفس الأولوية- فإن المخطوفين يوم الثلاثاء الماضي كانوا بالفعل خارج قائمة الأولويات”.
وحسب التقرير، “كانت الخطط لاستهداف هذا الموقع أثناء انعقاد اجتماع لقادة #حماس فيه مطروحة على الطاولة وتمت مناقشتها مع رئيس الوزراء بنيامين #نتنياهو مرات عديدة منذ اندلاع الحرب. ومرة بعد أخرى، كان يتم اتخاذ قرار بعدم الهجوم، لأن قطر هي واحدة من ثلاثة وسطاء في صفقات المخطوفين الذين اختارتهم إسرائيل بنفسها، والذين كانوا بمثابة قناة الاتصال الرئيسية مع قيادة حماس المقيمة في عاصمتهم. لا يتطلب الأمر خبرة كبيرة في الدبلوماسية لفهم ما ستقوم به قطر فورا بعد هجوم كهذا، سواء كان ناجحا أم لا، وهذا قبل التفكير حتى في الخطر الهائل على حياة المخطوفين، ليس فقط بسبب الإضرار بالمفاوضات لتحريرهم، ولكن أيضا لأن حماس يمكن أن توجه رد فعلها نحوهم، فهم الضحية المتاحة والعاجزة”.
لماذا الآن؟ وفق رونين بيرغمان:
لماذا الآن بالتحديد؟ ما الذي تغير؟ يزعم نتنياهو أنه قرر التخطيط للهجوم بعد يوم واحد من هجومين سابقين، أحدهما في القدس على يد مسلحين ذوي انتماء تنظيمي ضعيف جدا (حتى نتنياهو لم يتهم حماس، بل المحكمة العليا)، والآخر نُفذ في غزة على يد حماس. لكن اليوم، بسبب الوجود الإسرائيلي والدمار الهائل، فإن حماس في غزة بعيدة عن العمل كنظام واحد مع “حماس” في الدوحة. وحتى لو كان الأمر كذلك، فلماذا الآن؟ وبماذا تختلف المأساة الفظيعة لمقتل الجنود الأربعة عن جميع الجنود الذين قُتلوا منذ بداية الحرب؟
هذا موضوع جيد للتحقيق من قبل مراقب الدولة: عمليات اتخاذ القرار التي سبقت العملية. لنفترض أنهم نجحوا في قتل كل قيادة “حماس”، فماذا كان سيحدث حينها؟ ما هو السيناريو المتفائل لمن وافق على العملية، والذي يرى أنها ستؤدي إلى تحرير المخطوفين؟ أي أن حماس، بعد عامين من القتال دون استسلام، ستخفف من شروطها بعد أن تم قطع رأسها في الخارج؟ هل هذا هو السيناريو؟ من الذي تحقّق منه؟ ومن هم الخبراء الذين اعتقدوا أن هذا سيناريو معقول، خاصة في ظل التقارير التي تفيد بأن معظم رؤساء الأجهزة الأمنية والمخابراتية عارضوا العملية بشدة.
في البداية، بدا كل شيء ممتازا. فبعد دقائق من الهجوم، تلقى الصحفيون بالفعل الاسم الرمزي للعملية إلى جانب العديد من التفاصيل الأخرى. وبعد ذلك، حطم الوزير بتسلئيل سموتريتش حتى الرقم القياسي للرئيس ترامب، الذي أعلن عن “التدمير الكامل” للمواقع النووية في إيران بينما لم تكن قاذفاته قد عادت بعد، حيث أكد سموتريتش، حتى قبل أن يتبدد صوت الانفجار، أن الأمر يتعلق بـ”تنفيذ مثالي” لـ”قرار صحيح” كان شريكا فيه.
وسجل نتنياهو رقماً قياسياً خاصا به، هذه المرة في مجال اتخاذ القرارات والعمليات الخاصة: “يوم أمس، بعد الهجوم القاتل في غزة والمذبحة المروعة لمواطنينا في محطة للحافلات في القدس، أصدرت تعليماتي للأجهزة الأمنية للاستعداد لاغتيال قيادة حماس. واليوم بعد الظهر، وبعد أن توفرت فرصة عملياتية فريدة لاغتيالهم، أصدرت أنا ووزير الدفاع تعليمات بتنفيذ العملية”. تستغرق هاتان العمليتان، التخطيط وتحديد التاريخ المناسب للتنفيذ، أسابيع وشهوراً طويلة. في هذه الحالة، استغرقتا أقل من 24 ساعة. هذه قصة غريبة بعض الشيء.
“هل كان الأمس مجرد افتراض؟” ربما كان رئيس وزراء آخر هو من جلس في سلسلة من المناقشات على مدار العامين الماضيين حول عملية “قطار الليل”، وهو أحد الأسماء الرمزية التي أُعطيت لإحدى خطط استهداف الهدف. وقد ظهر التركيز على هذا الهدف بعد اجتماع للجنة رؤساء الأجهزة خلال حرب “السيوف الحديدية” (حرب غزة)، حيث وافقت على أطول قائمة أهداف للاغتيال تم إعدادها على الإطلاق. وعلى رأس القائمة كان هناك بالطبع السنوار والضيف وجميع القادة الكبار في غزة، وإلى جانبهم جميع قادة الخارج، الذين كانوا في غالبيتهم يقيمون بالفعل في الدوحة، بيروت أو إسطنبول.
بدأت شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) بالتركيز على كبار المسؤولين في الدوحة، وسرعان ما اكتشفت فيلا من طابقين ليست بعيدة عن شاطئ البحر تُعقد فيها اجتماعات لقيادة حماس. ووصفت شعبة الاستخبارات العسكرية المنشأة بـ”محكمة العدل”. في مثل هذه العمليات، يتم إعداد خطتين على الأقل للهجوم: خطة برية من خلال الموساد، وخطة جوية من خلال سلاح الجو.
خلق الهجوم الجوي تحديات. فأكبر قاعدة للجيش الأمريكي خارج الولايات المتحدة تقع في الدوحة. وتدافع القوات هناك عن نفسها، من بين أمور أخرى، باستخدام أنظمة دفاع جوي متطورة، وكان هناك قلق من أن يتم تشغيلها عن طريق الخطأ ضد صواريخ تطلقها طائرات إسرائيلية. ومن ناحية أخرى، ستكون العملية البرية في الدوحة معقدة للغاية. ولكن الأهم من ذلك: الموساد هو من يحافظ على الاتصال مع قطر، بما في ذلك بشأن المفاوضات حول المخطوفين. ومشاركة الموساد في عملية اغتيال من هذا النوع كانت ستنهي علاقاته مع رؤساء المخابرات في الدوحة لسنوات عديدة.
وحسب المحلل العسكري لصحيفة “يديعوت أحرنوت”، يجب قراءة رد رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني بعد الهجوم لفهم مدى الخطورة التي كان من الواضح أن القطريين سيرون بها هذا الحدث. وقال: “لا يمكن وصف هذا الأمر إلا بالخيانة، والخيانة شيء طبيعي في مثل هذه الشخصية. إن إلحاق الضرر بأمن المنطقة بأوهام نرجسية من أجل مصالحه الشخصية”. ومن الواضح عمن كان يتحدث. وعلى سبيل المثال، تم الحرص على اغتيال هنية فقط عندما توفرت الفرصة لاغتياله في مكان آخر، بشرط أن لا يكون في الدوحة.
في النهاية، تم اتخاذ قرار بإرسال سلاح الجو. وبالتزامن مع الهجوم، بدأت تنتشر شائعات حول معارضة الموساد، الذي لم يكن يعلم أو يشارك ولم يتبن المسؤولية فجأة، ربما في محاولة لمنع انهيار العلاقات مع الشيخ محمد وفريقه بشكل كامل. ففي النهاية، قال نتنياهو إن المخطوفين جزء من أهداف الحرب.
وتحدث رونين بيرغمان عن “علامات استفهام”:
حتى وقت كتابة هذه السطور، لا يزال هناك سؤالان بلا إجابة. الأول يتعلق بنتائج الهجوم. فعلى الأقل وفقا لبيان “حماس”، فقد #فشل فشلا ذريعا. إلا إذا كان مدير مكتب زعيم حماس خليل الحية، وابنه، وثلاثة مرافقين، وشرطي قطري هم الهدف من الهجوم، وليس كبار قادة الحركة- الذين، وفقا لإحدى الروايات التي أصدرها، فروا من المبنى قبل ثوان فقط. حماس بعيدة عن أن تكون موثوقة في تقاريرها، ولكن من الصعب افتراض أنها ستصدر بيانا يفيد بأن كبار القادة لم يُقتلوا فقط ليتضح بعد وقت قصير أنه كاذب. وتتفق رواية نجاة كبار القادة أيضا مع مصادر أخرى، ومع تأخر إسرائيل في إصدار رد ونشر تقدير للأضرار.
أما السؤال الثاني، فبافتراض أن “حماس” تقول الحقيقة، فكيف حدث ذلك؟ فقد ألقت طائرات سلاح الجو قنابل قوية، وإذا كان كبار القادة موجودين بالفعل، لما كانوا سينجون. وإذا لم يكونوا هناك، فماذا حدث بين لحظة الموافقة على العملية – على الأرجح بعد تأكيد نهائي لوجودهم، ولحظة سقوط القنابل على المبنى؟
كتب ترامب، من جهة، أن “القصف الأحادي الجانب داخل قطر لا يخدم أهداف إسرائيل أو أمريكا”. ثم أضاف من الجهة الأخرى: “مع ذلك، فإن القضاء على حماس، التي أصبحت ثرية من معاناة سكان غزة، هو هدف جدير بالاهتمام”. ثم، وكأنه لتحقيق هذا الهدف الجدير بالاهتمام، اتخذ إجراء – لكنه اتجه في الاتجاه المعاكس تماما: “أصدرت على الفور تعليماتي لويتكوف لإبلاغ القطريين. وقد فعل ذلك، ولكن بعد فوات أوان إيقاف الهجوم”.
الخلاصة، وفقا لـ بريغمان”:
#ترامب يعترف صراحة بأنه حصل من أقرب صديق للولايات المتحدة على أكثر معلوماتها سرية في تلك اللحظة، والتي تتعلق بضربة استراتيجية متعمدة لألد أعدائها، وفورا أخذ هذه المعلومات ومررها للعدو – بل وأعرب عن أسفه لأنها وصلت متأخرة جدا”.
للزعم بأن وزير الدفاع السابق يوآف غالانت ورئيس الأركان السابق هرتسي هاليفي عارضا اغتيال أمين عام “حزب الله حسن نصر الله، استخدم نتنياهو اقتراحهما بإبلاغ الأمريكيين وكأنه تخريب للعملية، لأن من الواضح أن الأمريكيين سيمنعون إسرائيل من القيام بذلك. وقد أثبتت التجربة العكس، بما في ذلك في الهجوم الإسرائيلي على سوريا قبل ذلك بوقت قصير. ترامب تجاوز خطوة. لم يحاول حتى إقناع نتنياهو بالتوقف، بل توجه مباشرة إلى القطريين الذين من الواضح أنهم سيقومون بإبلاغ “حماس”. يمكن للمرء أن يتخيل فقط ما كان سيحدث لو أن رئيس وزراء آخر، بينيت على سبيل المثال، أبلغ الرئيس بايدن بأنه سيهاجم نصر الله، وذهب بايدن وأبلغ الحكومة اللبنانية بأن هذا هو ما سيحدث.
هذه القصة، إذا كانت صحيحة، هي قصة ضخمة وغير مسبوقة. وهي عكس الشائعات التي حاول البعض نشرها في الساعة التي تلت الهجوم، والتي تزعم أن عرض ترامب الأخير لصفقة المخطوفين كان جزءا من خدعة متطورة تهدف إلى جمع كبار قادة حماس معاً لاغتيالهم. وتثير القصة أيضا أسئلة إضافية: إذا كان هناك تحذير، فلماذا قُتل بعض الأشخاص رغم ذلك؟ ولماذا لم يتم إخلاء الجميع؟ ولماذا القطريون، الذين لديهم مصلحة في أن يقولوا إن ترامب تصرف ضد إسرائيل، يقولون إن رسالته وصلت في نفس وقت القصف؟
حسب التقرير، ربما يكون التفسير تكتيكيا-عملياتيا. ففي صور الموقع يظهر أن الطابق الأول هو الذي تضرر بشكل أساسي. وإذا كان قادة “حماس” الكبار يجلسون في الطابق الثاني، فربما نجوا. في عام 2003، حاولت إسرائيل قتل جميع قادة حماس عندما كانوا لا يزالون في غزة وأطلقت صاروخا على الطابق الثالث، حيث كانت تعتقد أنهم سيجتمعون. لكنهم كانوا في الطابق الأول، وعلى الرغم من تدمير الطابق الثالث بالكامل، لم يُصب القادة بأي خدش.
وقد يكون التفسير أيضا في متابعة سريعة من قبل شخص ما في قطر للإعلام الإسرائيلي والشبكات الاجتماعية المرتبطة ببيئة نتنياهو. ففي الأسابيع الأخيرة، انقلبت هذه البيئة ضد قطر، الدولة التي قال عنها نتنياهو في الماضي إنها “معقدة، ولكنها ليست دولة معادية”. وفجأة، في 4 أغسطس، وصفها ابن نتنياهو بـ”ألمانيا النازية في العصر الحديث”. وبعد خمسة أيام، اغتالت إسرائيل الصحفي في قناة “الجزيرة” أنس الشريف، وقدمت وثائق زعمت بأنه كان على صلة بـحماس حتى عام 2020 على الأقل وتلقى أموالا منها. ولكنها كانت قد نشرت هذه المعلومات بالفعل قبل عام، ورغم أنه كان من السهل العثور عليه، فإنها لم تؤذه إلا عندما قررت فجأة ذلك. وتصاعدت الأمور أكثر عندما أملت جهات خارج الجيش على المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي كلمات لم يسبق له أن استخدمها للإشارة إلى قناة التلفزيون القطرية.
في الوقت نفسه، هاجم أحد المقربين جدا من نتنياهو، يعقوب بردوجو، قطر بلا رحمة. وفي إحدى المرات، على القناة 14، قال فقط “قطر، قطر، قطر”، ثم صاح: “دمروا الدوحة، دمروا الدوحة”. ورد اللواء (احتياط) يفتح رون طال: “أقترح أنه قبل تدمير قطر، ببساطة نضرب ونقتل كل قادة حماس الموجودين فيها”. فماذا سيقول القطريون أو أفراد “حماس” في مواجهة هذا الخطاب؟
لا يفكر أحد في إسرائيل بالطبع بأنهم قديسون. وكما قال مصدر رفيع: “كان يجب قتل هؤلاء الأشخاص، ولكن العالم لا يدار فقط بما هو عادل. يجب إدارته أولا بما هو جيد وصحيح لإسرائيل، وقبل كل شيء، ما هو جيد للمخطوفين”.
وتساءل الصحفي الاستقصائي رونين بيرغمان، ما هو الجيد للمخطوفين؟
ورد في تقريره على ذلك بالقول:
بعد الهجوم، وفي وقت متأخر من المساء، أرسلت إدارة المخطوفين رسالة إلى عائلاتهم. وكتب لهم غال هيرش، الذي من المفترض أن يفعل كل شيء لإقناع صناع القرار بالعمل على إعادة أحبائهم: “حتى هذا المساء، أود أن أؤكد العزم الكبير والالتزام الكامل بإعادة جميع مخطوفينا”. وأضاف: “كما هو الحال دائما، نحن نتابع كل ما يتعلق بالمخطوفين، سواء بشأن وضعهم وموقعهم أو بشأن خيارات العمل وطرق إعادتهم، وهذا بشكل خاص في ضوء تطورات الساعات الأخيرة”.
متابعة “كل ما يتعلق بالمخطوفين” أمر جيد ومهم، ولكن السؤال هو أين كان “منسق الأسرى والمفقودين”، وما هو رأيه في محاولة اغتيال فريق المفاوضات الموازي له؟ وفقا لبيانه، كان في واشنطن. فهل كان يعلم بالعملية؟ وإذا كان يعلم، فهل قال شيئاً عن الخطر الهائل على حياة المخطوفين، خاصة إذا نجحت العملية؟
وفي جزء لاحق من بيانه، كتب هيرش أيضا أن “قيادة حماس المسماة ‘حماس الخارج’ كانت عقبة أمام التوصل إلى اتفاق”، وأن “إسرائيل قبلت اقتراح ترامب لإنهاء فوري للحرب كما تم تقديمه لـحماس ووفقاً للمبادئ التي حددها مجلس الوزراء، وسنواصل الضغط والعمل بجميع الطرق”.
وصف مصدر استخباري رفيع المستوى هذه التصريحات بأنها “مجموعة من الجهل، والأكاذيب، والتصريحات غير ذات الصلة”. وحتى عندما اغتالت إسرائيل إسماعيل هنية، الذي كان رئيس فريق المفاوضات وحل محله الحية، كانت هناك تصريحات وكأنه كان هو العقبة أمام المفاوضات وأنه الآن بعد رحيله سيكون كل شيء على ما يرام. كان ذلك في يوليو من العام الماضي. وبعد ذلك قيل الأمر نفسه عن يحيى السنوار، وعن شقيقه أيضا.
عادة ما كانت تصريحات إسرائيل موجهة ضد قادة المسلحين في غزة، وليس القيادة في الخارج. كانوا هم الأكثر تطرفا، الذين كانوا على استعداد للموت ومأخذ الرهائن معهم. وقد أعرب الممثلون الأمريكيون الذين أجروا مفاوضات سرية مع حماس، حتى قررت إسرائيل التخلي عنهم، عن انطباع بأن الحية كان يرغب في قبول الاتفاق الجزئي الذي قدموه. وهو اتفاق كان من شأنه أن يجلب هيبة لـ”حماس”، ويبدأ مسيرة إنهاء الحرب. كما كان لدى الأمريكيين انطباعا بأن قادة “حماس” خارج الضفة والقطاع قد اعتادوا على “رفاهية الحياة” في الدوحة، وأنهم يخشون أن تصل إليهم إسرائيل أيضا كما وصلت إلى هنية. ووفقا لتقارير مختلفة، حتى بعد وفاة يحيى السنوار، فإن قادة حماس في غزة (محمد السنوار حتى مايو، وعز الدين حداد حاليا) هم الذين يشددون الشروط.
وعلى غرار روح الرسالة الموجهة لعائلات المخطوفين، سمع مصدر سياسي واحد على الأقل يقول بعد الهجوم إنه تم تنفيذه بناء على الاستنتاج الإسرائيلي بأن فريق المفاوضات في الدوحة لن يجلب صفقة، وأنه لا يمكن إتمام “الأعمال” إلا مع عز الدين حداد. وبنفس الروح، تم إخبار صحفيين مختلفين بأن حداد “معتدل وعقلاني نسبيا”، و”يستجيب لمعاناة شعبه”، وأن بقاءه بمفرده، بعد وقت قصير من إصابة الهدف وعندما بدا أن هناك فرصة جيدة للنجاح، قد يكون خبرا جيدا للمخطوفين.
وأضاف المصدر: “هذا عكس تماما المعلومات الاستخبارية التي نعرفها، إلا إذا كان الهدف الحقيقي هو ترك الشخص الوحيد الذي لن يوقع أبداً على صفقة دون ضغط خارجي من كبار المسؤولين في حماس، من أجل تدمير احتمال وجود صفقة كهذه”.
وهناك نقطة أخرى، أوردها بريغمان في تقريره، فقد قال الباحث في شؤون الإرهاب، البروفيسور أريئيل مراري، الذي كان قائدا لوحدة المفاوضات في الأركان العامة لسنوات: “لم أسمع أي إشارة إلى الأهمية الواسعة والطويلة المدى للهجوم على صورة إسرائيل في العالم وشرعيتها. فقد نفذت إسرائيل هجوما عسكريا صارخا في دولة محايدة تقيم معها علاقات مستمرة. وهذا سابقة خطيرة، وتتناقض مع كل قواعد السلوك المقبولة في الساحة الدولية. وهذا الضرر الذي لحق بصورة إسرائيل أهم بكثير من أي تأثير محتمل على مصير المخطوفين”.