فوبيا الالتزام والمسؤولية / د.مجد القبالين

فوبيا الالتزام والمسؤولية
Phobia commitment and responsibility

وهي حالة من الخوف الشديد التي يشعُر بها الفرد سواءً رجل ام امرأة ويُصاحبها اضطراب وخوف من الالتزام وخوف من فكرة تحمُل مسؤولية الزواج وذلك خوفاً من الفشل ، وخوفاً من نظرة الاخرين له عندما يفشل ، والخوف من فُقدان الحُرية او نمط الحياة القديم الذي اعتاد عليه الفرد والذي في الأغلب يكون نمط مُريح للفرد ولا يُريد التفريط به او تغييره لنمط آخر.
ومن أهم اسباب نشوء هذا النوع من الفوبيا هو :
– تأخُر سن الزواج وعدم التفكير به مُطلقاً خلال ، واعتياد الفرد على العزوبية ونمط حياة العزوبية وشعوره بالراحة ، وإمكانية اعتماده على نفسه في كل شؤون حياته دون شعوره بالحاجة لوجود شريك حياة له ، وهنا يمتزج مع هذا النوع من الخوف اي الخوف من الالتزام وتحمل المسؤولية الخوف من التغيير والذي يعتبره الفرد في هذه الحالة تغييراً نحو الاسوأ واعتبار الزواج قيد خانق يُقيد الحُرية الفردية ويُقلِل من الشعور بالاستقلالية او يقتلها.
– بالنسبة للرجُل يزيد شعوره بالفوبيا عندما يكون مُستقلِاً تماماً وهو اعزب ويكون قادر على اشباع حاجاته ومنها الحاجات الجنسية حتى لو بطرق غير شرعية ودون علاقة زواج شرعية ، اضافة الى ذلك توفير الاشباع العاطفي له ووجود فتاة إلى جانبه توفر له الاهتمام والحب اللذان يحتاجهما ، فاذا تمكن الرجل من تحقيق اهم اهداف الزواج في اطار علاقة حتى لو كانت غير شرعية ومُحرمة دينياً فهذا سيزيد شعوره بالرغبة بالبقاء اعزباً وسيزيد من شعوره بالخوف من تحمُل المسؤولية والالتزام خصوصاً اذا كان الرجل من النوع المزاجي ومن الصعب ان يرضيه اي شيء ويكون كالسهل المُمتنع.
– خوف الرجل من ان لا يبقى محط انظار الفتيات ويفقد جاذبيته والخوف من فقدان الشعور بأنه مرغوباً به من قبل الفتيات وانهن يتنافسن لا رضاءه على أمل ان يقرر اخيراً الارتباط بشكل جدي بإحداهن ، وفي هذه الحالة يُفضل عادةً الرجل اخفاء موضوع انه متزوج او مرتبط حتى لو كان فعلاً متزوج في بعض الاحيان.
– الصورة المُسبقة غير الدقيقة عن الزواج بالنسبة للفرد والتي يتم تكوينها عادة بناءً على الحياة الاسرية التي عاشها الفرد داخل اسرته والتي تتسم بتقييد الحُريات بشكل كبير جداً ، إضافة لخبرات الطفولة وخصوصاً السلبية منها ، وخبرات العديد من الاصدقاء المُقربين للفرد والذين ارتبطوا بأشخاص غير متفهمين لهم ويقيدون حرياتهم ، فعندما يسمع الفرد قصصهم يقيس عليهم بأن جميع المتزوجين يعيشون نفس نمط الحياة.
– عدم فهم الطرفين لبعضهما واعتبار رباط الزواج على انه رباط استملاك وليس رباط استحلال.
– عدم اعطاء مساحة من الحُرية لكل من الطرفين وخصوصاً اذا كانت المرأة من النوع الذي يتسم بالغيرة المُفرِطة وتعتبر الرجل ملكية لها ولا تعرف كيف تتعامل معه وخصوصاً اذا كان يفوقها عُمراً.
– بالنسبة للمرأة يتكون لديها هذا النوع من الفوبيا لأسباب تختلف قليلاً عن الرجل وتتشابه في بعضها ، وهذا الاختلاف منبعه مُجتمعنا المُحافِظ الذكوري والذي يتسم بوجود عادات وتقاليد تضع ضوابط على المرأة عكس الرجل ، فعلى سبيل المثال المرأة لا تستطيع ان تُقيم علاقات مع رجال سواءً علاقات جنسية ام عاطفية وفي الاغلب تكون علاقات سرية اذا تمت فعلاً واذا تم التصريح عنها عند رغبتها بالزواج والارتباط فسيبتعد الرجل عنها على اعتبار ان ماضي الرجل مُشرِف وماضي المرأة لعنه في مُجتمعاتنا الشرقية.
– وجود اضطرابات نفسية لدى المرأة ناشئة عن المُحيط الأُسري الذي عاشت به يتسم بالتوتر والقلق وعدم تحمُل والدها المسؤولية مع والدتها وإهماله ، حيث ترفُض فكرة الزواج او حتى الإنجاب ولا تكون لديها الرغبة بأن تُصبِح أُماً خوفاً من ان تعيش نفس الحياة التي عاشتها والدتها وعدم شعورها بالأمان والثقة اتجاه المُجتمع واتجاه الرجال عموماً ، وهُنا يكمُن الخطأ بوقوع المرأة في مطب التعميمات حيث انه ليس بالضرورة ان يكون نصيبها مع إنسان مثل والدها اذا كان من النوع الذي لا يقوم بدور القوامة داخل اسرته ، فليس جميع الرجال واحد وليست كل النساء واحد.
واخيراً فإن التشوهات المعرفية والغموض المعرفي الذي حصل لدى الفرد سواء رجال ام نساء والمتعلق بالجنس الاخر ومؤسسة الزواج الى جانب الخبرات والتجارُب السابقة كلها لها دور كبير جداً في غرس بذور ثقافة الخوف او الرُهاب من الالتزام وتحمُل المسؤولية ، الى جانب دور وسائل الاعلام وثقافة الصورة التلفزيونية في وضع مؤسسة الزواج في قالب خانق وفيه تقييد للحُريات الفردية وعرض العلاقات غير الشرعية على انها انعكاس لحالة من الشعور بالتعاسة الزوجية وتبرير حالات الخيانة الزوجية بمُبررات في ظاهرها هي منطقية ويتقبلها العقل البشري.
دكتورة مجد خليل القبالين
دكتوراه علم الاجتماع / علم الجريمة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى