فضائل أبي بكر الصديق

بسم الله الرحمن الرحيم
#فضائل #أبي_بكر_الصديق

#ضيف_الله_قبيلات

كتب إبن قيم الجوزية في “الفوائد”:

لما بايع الرسول صلى الله عليه وسلم أهل العقبة أمر الصحابة بالهجرة إلى المدينة، فعلمت قريش أن أصحابه قد كثروا وأنهم سيمنعونه، فأعملت آراءها في استخراج الحيل، فمنهم من رآى الحبس ومنهم من رأى النفي، ثم اجتمع رأيهم على القتل، فجاء البريد بالخبر من السماء وأمره أن يفارق المضجع، فبات عليٌّ مكانه ونهض الصديق لرفقة السفر.

فلما فارقا بيوت مكة اشتد الحذر بالصديق فجعل يذكر الرصد فيسير أمامه وتارة يذكر الطلب فيتأخر وراءه وتارة عن يمينه وتارة عن شماله إلى أن انتهيا إلى الغار فبدأ الصديق في دخوله ليكون وقاية له إن كان ثم مؤذٍ، وانبت الله شجرةً لم تكن قبل فأظلّت المطلوب وأضلت الطالب وجاءت عنكبوت فحاذت وجه الغار فحاكت ثوب نسجها على منوال الستر، فأُحكمت الشقة حتى عمي على القائف الطلب، وأرسل الله حمامتين فاتخذتا هناك عشا جعل على أبصار الطالبين غشاوه وهذا أبلغ في الإعجاز من مقاومة القوم بالجنود.

فلما وقف القوم على رؤوسهم وصار كلامهم بسمع الرسول صلى الله عليه والصديق، قال الصديق وقد اشتد به القلق : يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى ما تحت قدميه لأبصرنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟”. ولمّا رأى الرسول حزنه قد أشتد لكن لا على نفسه قوّى قلبه ببشارة “لا تحزن إن الله معنا”.

فظهر سر هذا الاقتران في المعية لفظا كما ظهر حكما ومعنى إذ يقال رسول الله فلما مات قيل خليفة رسول الله، ثم انقطعت إضافة الخلافة بموته فقيل “أمير المؤمنين”.

لقد كانت تحفة “ثاني أثنين” مدخرةً للصديق دون الجميع فهو الثاني في الإسلام وفي بذل النفس وفي الزهد وفي الصحبة وفي الخلافة وفي العمر، أسلم على يديه من العشرة عثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم، وكان عنده يوم أسلم أربعون ألف درهم فأنفقها أحوج ما كان الإسلام إليها ولهذا جلبت نفقته عليه “ما نفعني مال، ما نفعني مال أبي بكر” فهو خير من مؤمن آل فرعون لأن ذلك كان بكتم إيمانه والصديق أعلن به، وخير من مؤمن آل يس، لأن ذلك جاهد ساعة والصديق جاهد سنين.

عاين طائر الفاقة يحوم حول حًب الإيثار ويصيح “من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا”، فألقى له حًب المال على روض الرضا واستلقى على فراش الفقر، فنقل الطائر الحًب إلى حوصلة المضاعفة ثم علا على أفنان شجرة الصدق يغرّد بفنون المدح، ثم قام في محاريب الإسلام يتلو ” وسيُجنْبُها الأتقى، الذي يؤتي ماله يتزكى”، نطقت بفضله الآيات والأخبار واجتمع على بيعته المهاجرون والأنصار.

فيا مبغضيه في قلوبكم من ذكره نار، كلما تليت فضائله علا عليهم الصُّفار، ترى ألم يسمع الروافض الكفار “ثاني اثنين إذ هما في الغار”؟.

تالله قد زاد على السبكِ في كل دينارٍ دينار “ثاني اثنين إذ هما في الغار” من كان قرين النبي في شبابه؟ من ذا الذي سبق إلى الإيمان من أصحابه؟ من الذي أفتى بحضرته سريعا في جوابه؟ من أول من صلى معه؟ ومن آخر من صلى به؟ من الذي ضاجعه بعد الموت في ترابه؟ فاعرفوا حق الجار.

ويا عجباً ممن يغطّي عين ضوء الشمس في نصف النهار الذين ضربهم علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه بقوله المشهور “قد رضيك رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا، أفلا نرضاك لدنيانا؟ تالله لقد أخذت من الروافض بالثأر”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى