الدكتور مروان المعشر في منتدى نادي خريجي الجامعة الأمريكية

خلال حديثه لمنتدى #نادي_خريجي_الجامعة_الأمريكية القاهرة – الأردن

معالي #الدكتور_مروان_المعشر – نائب رئيس مؤسسة #كارنيغي_للسلام

  • تؤكد معظم القوى المدنية و الدينية التزامها بالدولة المدنية .
  • في اغلب الدول العربية لم تفتأ الأحزاب الدينية يوما عن لا دولة دينية في الأسلام و هذا صحيح بحيث ليس هناك مشكلة بالألتزام بمثل هذه الدولة.
  • الأحزاب الغير الدينية, كالأحزاب اليسارية و المحافظة و العلمانية و تلك التي تبوأت الحكم من خلال العسكر لا تتوقف عن الادعاء بانها الحامية للدولة المدنية  لمجرد كونها قوى غير دينية.
  • المشكلة تكمن مع جميع التوجهات بالتفاصيل و بما يقال و ليس بما لا يقال.
  • المطلوب مجتمعيا” ليس إقامة دولة مدنية بمعناها الفضفاض و انما دولة مدنية ديمقراطية ذات معايير محددة تلتزم بها كافة القوى الدينية و غير الدينية بغض النظر عن تفسيرها للدين او للعلمانية او لأي فكر اخر. عندها كل تيار حر في تفسيره طالما هذا التفسير لا يؤثر على معايير الدولة المدنية او يغير منها و يلزم الأخرين بها.
  • المعايير العالمية التي تشكل أساس الديمقراطية المعاصرة سواء
    • المعيار الأول هو الألتزام بالتداول السلمي للسلطة بحيث لا يحتكر حزب السلطة و يحتكم بكافة الظروف لصندوق الأقتراع يحترمه و يقبل بنتائجه و يصبح الفيصل الذي يعكس إرادة الشعب هو الصندوق. الجميع له حق ممارسة حقه السياسي السلمي من غير احتكار للسلطة.
    •   المعيار الثاني احترام حرية الأفراد و المجموعات بحيث لا يتوغل عليها احد بسبب معتقده حتى و لو كان في السلطة , الدولة المدنية هي وحدها القادرة على حماية الفرد و حماية معتقده الديني أيضا” و هي التي بشكلها المدني الديمقراطي تمثل مظلة قانونية تتسع للجميع و هي أيضا” حامية الأخر بحيث لا مكان بها للعنصرية و لا متسع فيها للأقصاء.
    • المعيار الثالث هو بناء المؤسسات بحيث لا دولة مدنية ديمقراطية دون بناء المؤسسات التنفيذية و التشريعية و القضائية, إضافة الى تطور صحافة حرة  من اجل ضمن بناء نظام من الفصل و التوازن و مراقبة السلطات بعضها لبعض بحيث لا تتغول واحدة على أخرى و لا تهيمن واحدة منها على عملية صنع القرار.
    • المعيار الرابع هو احترام حقوق الأنسان فعلا” و قولا” و يتضمن هذا المعيار دعم حقوق الفرد الأساسية و السياسية و الثقافية و الاقتصادية بغض النظر عن الدين او المعتقد.
  • الكثير لا يدعم قيام دولة مدنية بسبب اللغط الذي صاحب مفهوم الدولة المدنية نتيجة عدم الفهم الصحيح لأسس هذه الدولة و البعض الأخر بسبب محاولة مقصودة لتصوير من ينادي بإقامة الدولة المدنية كانه يعادي الدين او يحاول طمس الهوية, لذا علينا التمعن في بعض القضايا حتى نخرج من قوقعة الإرهاب الفكري و نمحص في بعض الحقائق,
    • نقيض الدولة المدنية ليست الدولة الدينية بل الدولة السلطوية التي تستأثر بالسلطة و الفكر و تتغول على السلطات الأخرى و تطبق القانون بشكل انتقائي.
    • الدولة المدنية ليست عدوة للدين بل هي عدوة للسلطويين,
    • المسلمون لم ينادوا بدولة دينية منذ نزول الدعوة و الدولة الدينية الوحيدة في الأسلام جاءت مع بدعة ولاية الفقيه في ايران التي لا تعترف بها الأغلبية المطلقة من المسلمين شيعة” و سنة.
  • لا يمكن لدولة تحترم حرية المعتقد والفكر والدين ان تكون ضد الدين لأن ذلك ينافي احد اهم أسس الدولة المدنية فحرية الدين مكفولة بالدولة المدنية التي تقف على نفس المسافة من كافة الأطياف و الناس.
  • اذا ما كان الغرض من البعض فرض تفسيرهم للدين على كافة الناس بالإكراه فالدولة المدنية لا تسمح بذلك و الا تتحول لدولة سلطوية.
  • لا نستطيع الحديث عن الدولة المدنية دون اقرانها بالدولة الديمقراطية فالصفتان متلازمتان.
  • نحن دولة مدنية في الأردن ولكن لسنا دولة ديمقراطية، فالدولة المدنية دون الديمقراطية تعني الاستئثار بالسلطة من قبل فصيل واحد والدولة الديمقراطية دون المدنية تعني الاستئثار بالسلطة من قبل فصيل اخر.
  • الدولة المدنية الديمقراطية تعني سيادة القانون و احترام الحريات و تداول السلطة و الاحتفاء بالتعددية الأثنية و الدينية و الفكرية و الجندرية للمجتمع و هي التي تستحق بأن نعمل من اجلها.
  • لا تعارض بين الدولة المدنية و الأسلام و ذلك خلافا” لما يريد البعض تصويره تحقيقا” لمأربهم على حساب باقي الناس بحيث لو كان هناك تعارض لما استطاع التونسيون من الأتفاق على عقد اجتماعي جديد من خلال دستور يضمن حقوق كافة مكونات المجتمع الأسلامية و العلمانية و الليبرالية و المحافظة إدراكا” منهم ان لا مجال لألغاء احد و ان التعددية تحت مظلة الدستور هي الضمان للأنطلاق نحو مستقبل افضل, لو كان هناك تعارض بين الدولة المدنية و الأسلام لما وقفت العلمانية ضد الأنقلاب العسكري الذي حصل في تركيا قبل عدة سنوات.
  • من يسمح ان يقصي الأخر يسمح للأخر باقصائه و لو كان هناك تعارض بين الدولة المدنية و الأسلام لما تعايش العلمانيون و الأسلاميون في دول كالمغرب و ماليزيا و اندونيسيا و غيرها.
  •  

استضاف منتدى نادي خريجي الجامعة الأمريكية بالقاهرة – الأردن و من خلال منصة شبكة التواصل الاجتماعي  شخصية مشرقية,  فكرية, دبلوماسية و معالي الدكتور مروان المعشر   – نائب رئيس مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي, المتحدث الرسمي باسم الوفد الأردني لمفاوضات السلام, السفير الأردني الأسبق في الولايات المتحدة الأمريكية و شمال فلسطين, وزير الأعلام, وزير الخارجية , نائب رئيس الوزراء ووزير دولة لشؤون رئاسة الوزراء ومراقبة الأداء الحكومي, عضو في مجلس الأعيان الأردني سابقا”, نائب رئيس البنك الدولي الأسبق للشؤون الخارجية.؛ حيث تمحور النقاش حول اين  هي الدولة المدنية في مشرقنا، لماذا لا يريد البعض اقامة دولة مدنية, شروط اقامة دولة مدنية ديمقراطية و كيف لنا ان ننهض ثقافيا”, فكريا” و سياسيا” بمفهوم الدولة المدنية في المشرق في منطقة تحكمها القبلية, العشائرية و الطائفية. حيث قام بادارة النقاش و محاورة معاليه رئيس نادي خريجي الجامعة الأمريكية بالقاهرة – الأردن المهندس محمود ” محمد خير” عبيد حيث استهل معاليه حديثه

بالأجابة على تسائل حول  الوضع الجديد الذي بدأ بالتشكل في اقليمنا من خلال بروز تيارات واحزاب تنادي بالدولة المدنية وتركز على البرامجية في العمل بعيداً عن الأحزاب الأيديولوجية التقليدية و كيف لهذه التيارات ان تصبح فعالة اجتماعيا” , ثقافيا” و سياسيا” حيث رد قائلا” ان بروز أحزاب برامجية لا تهتم فقط بالأيديولوجيا و لكن تهتم بتقديم برامج اقتصادية و اجتماعية تحاكي حاجات الناس تحتاج الى وقت لا بأس به, فالأحزاب لا تنشأ بين ليلة و ضحاها و قال ان في الأردن اليوم ان الخطوة الأولى قد بدأت من خلال اللجنة الملكية لتطوير المنظومة السياسية و من خلال إقرار قوانين جديدة للأحزاب بحيث الانتخابات تعتمد على الأحزاب و أضاف اذا ما كنا الأن جادين في الأردن في موضوع تطوير حياة حزبية فان الوقت قد بدأ من اجل هكذا تطويرو استطرد معاليه قائلا” المهم ان تتوفر الأرادة السياسية لتشكيل أحزاب عضوية تنبع من رحم المجتمع و تطور بتطور الوقت و نضج هذه الأحزاب المهم ان لا يتم تشكيل أحزاب عن طريق هندسي بمعنى ان لا يتم تشكيل أحزاب من اليمن و الوسط و اليسار من خلال أجهزة معينة في الدولة حيث ان هذا تطور غير صحي و لن يكتب لهذه الأحزاب النجاح ان تم تطويرها بشكل مصطنع و بشكل غير عضوي, اما اذا ما وجدت اردة سياسية لتطوير حقيقي لأحزاب تنبع من رحم المجتمع و تساعدها على ذلك بيئة تشريعية تناسب و تتوفر من خلال القوانين الجديدة فسوف يكون هناك فرصة جيدة و تحتاج الى وقت لأحداث نقلة نوعية في الحياة السياسية الأردنية, و تعقيبا” على تساؤل حول وجود قوى شد عكسية  من تيارات تعادي هذا التوجه الذي يتعارض مع مصالحها و سلطتها و تقوم بمحاربة سيادة القانون الذي من الممكن ان يدينهم  وتوازن السلطات والمواطنة المتساوية و الذي يتعارض مع التفرد بالسلطة و القرار والبرامج الاقتصادية والاجتماعية التي تتعارض مع فساد البعض حتى لو كانت تحاكي حاجات المواطن رد معاليه مؤكدا” انه هناك قوى شد عكسي يأتي على ذكرها باستمرار و اسف على انها ما زالت موجودة و أضاف ان جلالة الملك عبدالله الثاني كان واضحا” في طلبه من الأجهزة الأمنية تحديدا” بعدم التدخل في الحياة السياسية و اقتصار دورها على الأمور الأمنية, و طلب جلالته تطوير حقيقي لحياة حزبية سياسية, و لكن ما زالت هذه القوى تحظى بامتيازات لا تريد التنازل عنها و يجعلها تقاوم بشكل مباشر و غير مباشر من اجل الألتفاف و الألتواء حول تطوير حقيقي للحياة الحزبية و هو ما يجعل البعض يمتعض من هذه التوجهات من خلال إيجاد أحزاب تأتي الى الواجهة بشكل مصطنع هي محاولة لن يكتب لها النجاح لآن الشعب الأردني واعي تماما” و لن يقبل بأحزاب مصطنعة تأتي بهذا الشكل و عليه الأحزاب يجب ان تنشأ بشكل عضوي من رحم المجتمع و ان لا تترك للهندسة الحزبية و نحن من شهدنا بالماضي هندسة انتخابية و أضاف هذا قد يحتاج الى وقت علما” ان الهندسة الحزبية قد تنجح على المدى القصير في انشاء مثل هذه الأحزاب و لكن لن تنجح في محاكاة احتياجات الناس الحقيقية لآنها تخلق اليوم بشكل نخبوي و بشكل مصطنع و لكن الأرادة الشعبية كفيلة بان تغربل الناس و بان تغربل الأحزاب تعمل من اجل محاكاة احتياجات الناس و رفع مستوى معيشتهم و الأحزاب التي تعمل من اجل اظهار اشخاص معينين او غير مستقرة في عملها.

اما في تعقيب معاليه على تساؤل حول لماذا اجهضت الدولة العميقة حزب التيار المدني و كيف يستشرق مستقبل البلاد في ضوء التعديلات الدستورية الأخيرة في الأردن قال ان تجربة التحالف المدني كانت تجربة صعبة و مريرة و لكن اثبتت بكل وضوح ان الأرادة السياسية و بعض اذرع السلطة التنفيذية لا تريد لأي حزب ان يكون فعالا” على الساحة الأردنية و لو بعد حين 10 او 20 عام حيث كان التبرير في السابق بأن الحياة الحزبية حياة خطيرة باعتبار بانها سوف تأتي بالأحزاب الدينية الى السلطة و لكن بعد تجربة التحالف المدني أظهرت التجربة بكل وضوح ان السلطة لا تريد أي أحزاب تكون فعالة و مستقلة و قادرة على تقديم برامج مقنعة للناس و ليس تحفظهم فقط أحزاب دينية و اسف معاليه انه سوف يتم خوض هذه التجربة و ستخاض بمرارة و سوف يكون المشوار صعب و تمنى ان لا تكون هذه التجربة سببا” باحباط احد من جراء اجهاض تجربة التحالف المدني و أضاف بانه هناك تجارب كثيرة سوف تاتي في المستقبل و لن يكون هناك مفر من حياة حزبية حقيقية و سوف يتم خلق قيادات فعالة قادرة على قيادة البرامج الحزبية, سوف يتم خوض هذه التجربة مجددا” فافشال التحالف المدني لا يعني افشال التيار المدني الذي هو تيار اخذ في الصعود ليس في الأردن وحده انما في دول عربية عدة باتت غير مقتنعة بما يقدم لها من تيارات و أحزاب في الماضي ان كانت هذه الأحزاب دينية ام مدنية فها نحن نشهد اليوم حركة نشطة في لبنان و حركة مماثلة في العراق التي ترفض الطائفية و تسعى الى سيادة القانون  و الهوية الوطنية ان تصل الى البرلمان إضافة الى حركات عديدة بدأت بالظهور في الدول العربية ان كانت هذه الحركات حركات صغيرة اليوم و لكنها اخذة بالأتساع مع مرور الوقت لأن الناس سئمت من الأحزاب التي تكتفي بالشعارات و الأيديولوجيات و لا تقدم حلول عملية للمشاكل التي يواجهها الناس و هو ما سوف ينتج عنه صعودا” متزايدا” للتيارات التي تؤمن حقا” بالدولة المدنية الديمقراطية, فيما يتعلق باذا مازلنا في هذا الجزء من العالم بعيدين كل البعد عن الديمقراطية الحقيقية والتي من خلالها نستطيع بناء مجتمعات دستورية مؤسسية رد معاليه قائلا” ان المعوقات التي توجه التحول الحقيقي للديمقراطية يعود الى عدم توفر الأرادة السياسية لدى بعض اذرع السلطة التنفيذية و البعض الأخر يتعلق بالثقافة السياسية التي من الواجب تطويرها في اقليمنا من خلال تطوير ثقافة الحوار, ثقافة الاختلاف, و هذا النوع من الثقافة لم يتم تطويرها على مدى الزمن, انظمتنا التربوية بحاجة الى مراجعة شاملة و يجب علينا ان نتخلص من هذا الترد في مراجعة انظمتنا التربوية , بحيث يجب علينا ان لا نعادي كل من يريد ان يتكلم عن تطوير التعليم يكون يسعى الى معاداة الدين و الثقافة و يريد التخلي عن العادات و التقاليد و هو لا يمت للحقيقة بصلة نريد نشيء جديد قادر على الحوار, قادر على الاختلاف, قادر على تمحيص الأراء و كل ذلك بحاجة الى وقت فالديمقراطية لا تختصر و ليس هناك من طرق مختصرة لديها و لكن ما نحتاجه بشكل أساسي و خاصة في الأردن هو ابتعاد التدخل الرسمي عن نشوء الأحزاب بشكل طبيعي و ليس من المستغرب وجود العديد ممن يرغبون بانشاء هذه الأحزاب و استطرد علما” مع وجود بعض التهكم عن وجود ما يزيد عن 50 حزبا” في الأردن و ضرب مثلا” ان في انتخابات تونس عام 2011 نزل على الانتخابات 116 حزب و اليوم في البرلمان التونسي فقط 8 أحزاب تيتحوذ على اكثر من 90% من مقاعد البرلمان و كذلك في اسبانيا عندما تم التحول نحو الديمقراطية عام 1975 كان هناك 161 حزب خاضوا الانتخابات من هنا نستنتج انه في النهاية الشعب هو صاحب القرار و القادر على غربلة هذه الأحزاب و الأحزاب في النهاية ستضطر الى الأندماج بعضها مع بعضها الأخر و بخاصة مع وجود عتبة في القانون الجديد بانه يجب ان يكون هناك 2.5% حتى يتمكن أي حزب من الدخول الى البرلمان اليوم من خلال حصوله على 50,000 صوت و هذا سيجبر العديد من الأحزاب المتشابهة في الأراء و الأتجاهات الى الأندماج و لكن علينا ان نترك الموضوع يتطور بشكل طبيعي,   اما فيما يتعلق لماذا البعض يتخوف عقائديا” من الدولة المدنية و اعتقادهم بانها ضد الدين أجاب معاليه قائلا”, ان من يتخوف من الدولة المدنية يحاول ان يصور هذه التيارات على انها تيارات ضد الدين حيث انه هناك خلط بين المدنية و العلمانية في حين انه حتى العلمانية ليست في اتجاه واحد هناك مدارس علمانية كثيرة حيث هناك مدرسة علمانية ضد تدخل الدين في السياسة بأي شكل من الأشكال و ليست ضد الدين و ضرب مثلا” النظام الفرنسي هي من الأنظمة الديمقراطية العلمانية و هناك أنظمة كثيرة أخرى بحيث لا ضرر لديها بوجود علاقة مع الدين كالنظام الأنجليزي بحيث ان ملكة بريطانيا هي الرئيس الروحي للكنيسة في بريطانيا و كذلك النظام الأمريكي الى حد ما , من هنا ليس كل نظام مدني نظام علماني الحادي  و أضاف ان فرصة وجود حزب علماني الحادي في الأردن شبه مستحيل فالشعب الأردني في مجمله شعب متدين , شعب محافظ و الدين له حيز كبير في حياتنا و هذا لا يعني ان نقف ضد دولة مدنية , فالدولة المدنية تحمي كل الأديان و لكن لا تسمح بتغول دين على اخر او بتغول فئة على أخرى, و استطرد معاليه بان الكثير من التخوفات التي طرحت عن الدولة المدنية في مجمله ممنهج و مدسوس من قبل قوى لا تريد للحياة الحزبية ان تنموا و لذلك تقوم بتصوير الدولة المدنية على انها ضد الدين , الأردن اليوم دولة مدنية و لسنا دولة دينية و لكن المشكلة تكمن باننا لسنا دولة ديمقراطية فالدولة المدنية غير الديمقراطية تسمح بالكثير من الأحيان بالسلطوية , لذا علينا ان ندعوا الى دولة مدنية ديمقراطية بحيث تقوم بتطبيق سيادة القانون على الجميع , تعمل على تطوير المؤسسات القضائية و التشريعية بحيث تكون على نفس القدر من التاثير كما السلطة التنفيذية و لا تسمح بتغول سلطة على أخرى و تقوم على حماية حرية الأفراد و المجموعات و تحمي الدين أيضا” و هذا التيار المدني الحقيقي الموجود بكافة بلاد العالم .

وفي معرض رد معاليه على تساؤل حول اين المشرق اليوم من إقامة دولة مدنية حقنا” لدماء شعوب , هذه الدول و حفاظا” على مقدراتها و هل ما زال الاستعمار يسيطر من اجل بث روح الفرقة و السيطرة على هذه البقعة من العالم، قال ان الاستعمار انتهى منذ ما يقارب الثمانين عاما” و لا نستطيع ان نقول بعد هذه الفترة بان الاستعمار ما زال مهيمن علينا و اننا متفرقون بسبب الاستعمار و باننا غير قادرون على تطوير حياة حزبية بسبب الاستعمار, خلال الثمانين عاما التي مرت استطاعت الدول المستقلة من قطع شوط كبير في مجال التعليم و تطوير قدراتها الأقتصادية  و لكن لم تقطع مجال طويل في موضوع الحقوق السياسية و التطوير السياسي لمؤسساتها و لذلك نجد في اغلب دول اقليمنا نجد انه لدينا مؤسسات, لدينا قضاء, لدينا برلمان و لدينا صحافة و لكن جميع هذه المؤسسات لا ترقى الى مستوى التأثير الذي تحظى به السلطة التنفيذية و لم ننجح في بناء ما يدعى بنظام الفصل و التوازن, الفصل بين السلطات و التوازن بينها بحيث لا يسمح لسلطة بالتغول على أخرى , لقد حققنا الاستقلال و لكن لم نحقق التنمية السياسية و قمنا بأطلاق العديد من الشعارات كتحرير فلسطين , الأسلام هو الحل و غير ذلك من الشعارات و لكن لم يتم ترجمة هذه الشعارات الى حقيقة و الى ديمقراطية تحفظ البلاد و تحفظ استقرارها و تساعد على ازدهارها و هذا هو التحدي الذي يواجه اقليمنا فاذا ما اردنا مواصلة الحديث عن خصوصية اردنية و خصوصية عربية و خصوصية مشرقية غير بقية الدول في العالم سنبقى على هذه الحالة المزرية و التي لا تعجب العدو قبل الصديق, لذلك المجتمع بأسره الأن بحاجة الى وقفة و بحاجة الى اسماع صوته للمسؤول بانه كفانا الاعتماد على الأدوات القديمة لأدامة السلم الأهلي في مجتمعاتنا , حيث كنا نعتمد على الأمن و على المال , المال القادم من النفط و الأمن ليس فقط في الأردن و لكن في اغلب الدول العربية , اليوم هذه الأدوات تخلخلت بعد الثورات العربية و بعد تدني سعر النفط و الذي ارتفع الأن بشكل اني على وقع الحرب الروسية الأوكرانية , لذا علينا من الأن و صاعدا” اذا اردنا ان نعالج المشاكل كمشاكل البطالة و مشاكل الدين و عجز الموازنة و التنمية التي تصل الى كافة الناس علينا اعتماد أدوات جديدة غير أدوات الأمن و المال علينا اعتماد أدوات التشاركية و المساواة بين كافة المواطنين, نظام اقتصادي لا يعتمد على الريع و لكن يعتمد على الأنتاجية و نظام سياسي يعتمد على تطوير مؤسسات قادرة على مراقبة بعضها البعض و قادرة على مواجهة الفساد و أي أمور قد تعرقل مسار التنمية , لذا علينا المعالجة الجدية لكافة هذه المواضيع و لا نبقى معتمدين على حجج لم تعد مقنعة لدى الكثيرين و بخاصة لدى الجيل الجديد.

فيما يتعلق بلبنان و سؤال طرح على معاليه اذا ما كان يتوقع ان يترشح في لبنان في الانتخابات المقبلة تحالف مدني يمكنه منافسة الاصطفاف الطائفي وأحزاب الزعامة الواحدة و مدى إمكانية نجاح هذا التحالف ما لو تم الترشح رد معاليه قائلا” ان ما يحدث في لبنان مأساة بكافة المعايير و نتيجة مباشرة للفساد الذي استشرى في كافة مفاصل الدولة و الذي اصبح ممكن لأن كافة الطوائف و كافة القوى السياسية تريد احتكار قطاعات اقتصادية معينة بحيث كل طائفة استحوذت على قطاع من القطاعات الأقتصادية في ظل غياب سيادة القانون و في غياب دولة قوية اصبح المواطن العادي يعتمد على الطائفة اكثر من اعتماده على الهوية الوطنية و على سيادة القانون و على دولته, و استطرد قائلا” ان المواطن اللبناني فقد معظم مصادر رزقه و فقد ودائعه و مدخراته و هو ما جعله يفقد الثقة بكافة القيادات من كافة الطوائف التي ساهمت بايصال الوضع الى ما هو عليه, و أضاف انه لا يعتقد بان هذا الوضع سوف يتغير جذريا” في وقت قريب لأن هذه الزعامات لا تزال تسيطر على مصادر المال و على اتباع طوائفها بشكل معين و لكن هناك بدايات مشجعة للغاية بحيث خلال الانتخابات السابقة شهدت بروز اشخاص لا ينتمون لأي تيارات او طوائف معينة حتى و ان كان عددهم محدود في البرلمان السابق و لكن هناك حركة قوية في لبنان من اجل تغيير المشهد و من اجل انتخاب قيادات جديدة, في حين لن تنجح هذه الحركة لتغيير المشهد بشكل جذري و لكنها سوف تنجح في إيصال عدد اكبر من مناصري الدولة الوطنية غير الطائفية و الوصول الى سدة البرلمان و هذا ما سوف يحتاج الى وقت طويل حتى يعود لبنان الى عافيته فنحن لم نفقد في لبنان فقط الدولة بل فقدنا مقام مشجعا” للتعددية حيث كان يحوي تعددية ثقافية, دينية و سياسية كبيرة جدا” و مصدر للكثير من العقول و الأبتكار و الأبداع الذي نهض بالمشرق حتى مع ما مر به من حروب الا انه قدم الكثير للعالم و امل معاليه ان يعود لبنان الى لعب هذا الدور حتى مع ان الطريق طويل و شاق. فيما يتعلق بتطوير المنظومة التربوية و التعليمية و كيف لنا ان ننعش الفكر المدني و الحزبي و السياسي في الجيل الجديد من خلال المناهج الدراسية قال معاليه ان مناهجنا و نظامنا التربوي بحاجة الى إعادة نظر جذرية, فالنظام التربوي في الأردن هو نظام تلقيني بحيث يقوم على التعليم من جانب واحد من الأستاذ للتلميذ و لا يسمح للتلميذ بالنقاش الجاد و لا يسمح بالاختلاف بالرأي و لا مع المعلم و لا يسمح بدراسة كتب غير المقررة بالمنهاج, نظام تربوي لا يشجع على التفكير النقضي و لا البحث من خلال تقبل الأراء الأخرى و احترامها و ادراك ان الحقيقة في الدنيا غالبا” ما تكون نسبية و ليست مطلقة كل هذه العوامل غير متوفرة في انظمتنا التربوية و أضاف بان كل المعايير التي تقيس هذه الأمور عالميا” نتائجنا لا تسر بحيث مستوى التعليم لدينا تحت المتوسط بمراحل, و اسف معاليه بان النظام التربوي تأثر بتحالف غير معلن بين القوى المحافظة المدنية و الدينية و هو ما أدى الى عدم تطوير هذه المناهج و لأعطاء الناس ما نريد ان نعطيه لهم دون تمحيص او دراية فهناك الكثير لم يتلقاها الطالب في المدرسة و لكن حصل عليها من خلال البحث خارج نطاق المنظومة التعليمية و بخاصة فيما يتعلق بالنظام و التاريخ الوطني لذا لا يجوز الأبقاء على النظام التربوي رهينة لكل من يريد ان يتهم من يريد اصلاح هذا النظام بانه يريد البعد عن العادات و التقاليد و هذا الكلام هو افتراء ضد من يريد الأصلاح بحيث من ينادون بالأصلاح التربوية هو العمل على تنشئة جيل قادر على التعامل ليس فقط مع سوق العمل و انما أيضا” مع تحديات الحياة, فسوق العمل يتغير باستمرار مع التطور الذي يحصل دائما” في العالم بحيث يجب تنشئة جيل قادر على التعامل مع هذا التطور و العمل على تطوير انفسهم حتى يستطيعوا التعامل مع التطور الهائل الذي يحصل في مجتمعاتنا, و استطرد معاليه قائلا” اننا كنا في الماضي نقوم على توظيف الناس بشكل مصطنع و هو ما أوصل الدولة الأردنية الى انها تدفع رواتب ل41% من القوى العاملة و هذا رقم يكاد يكون الأعلى في العالم لذا اذا ما اردنا الحد من توجه القوى العاملة من الذهاب للقطاع العام و ان يكونوا قادرين على العمل في القطاع الخاص يجب تهيئتهم غير ما نقوم به حاليا” و التطور التربوي هو احد اهم التحديات التي تواجه و ستواجه الأردن في المرحلة القادمة. اما فيما يتعلق بتفسير معاليه بأن نقيض الدولة المدنية ليست الدولة الدينية، بل الدولة السلطوية فأوضح معاليه بأن الدولة المدنية اذا لم تكن دولة ديمقراطية فهي دولة سلطوية بمعنى انها تسمح للقوى الحاكمة حتى و لو كانت قوى غير دينية تسمح لها بالاستئثار بالسلطة باعتبار بانه ليس هناك مؤسسات قضائية وتشريعية حقيقية تمنع مثل هذا الاستئثار و تعتمد على التبادل السلمي للسلطة من خلال صناديق الاقتراع فان لم تكن الدولة المدنية دولة ديمقراطية فهي دولة سلطوية, و أضاف معاليه باننا نريد الوصول الى دولة مدنية ديمقراطية و ضرب معاليه مثالا” قائما” اليوم تونس حيث استطاعت الوصول الى عقد اجتماعي جديد بين مكونات المجتمع التونسي المدنية و الدينية بحيث اصبح بالإمكان الاختلاف بالرأي و الاختلاف في الاتجاه ضمن قواعد معينة و دستور جديد يسمح بهذا الاختلاف ضمن قواعد و أسس, و استطرد قائلا” ان هذا ما نحتاج اليه فالتيار المدني لن يلغي التيار الديني و لن يلغي التيار الديني التيار المدني فما نحتاج اليه هو اطار يسمح بهذا الاختلاف و لكن بطرق سلمية و دون الاستئثار بالسلطة, و عقب قائلا” ان معظم الدول العربية كانت دول مدنية و لكن جميعها استئثرت بالسلطة لأنها لم تكن ديمقراطية و جلها كانت دول سلطوية و هو ما يمثل الدولة المدنية الغير ديمقراطية. و في رد معاليه على تساؤل اذا ما كان يرى في مخرجات لجنة تحديث المنظومة السياسية خطوة الى الامام في مجال التنمية السياسية في الأردن و اذا ما كانت البرامج تسبق بناء الاحزاب او العكس أجاب معاليه قائلا” انه يرى في مخرجات لجنة تحديث المنظومة السياسية خطوة الى الأمام و استطرد قائلا” بانه كان يود ان يرى المزيد من التوصيات حتى ابان صياغة الأجندة الوطنية كان يتمنى ان يرى المزيد و أضاف المهم ليس المخرجات بحد ذاتها بقدر ان يكون هناك الأرادة السياسية من خلال ترجمة هذه المخرجات الى خطة عمل حقيقية تسمح بتطوير الأحزاب بشكل عضوي, فالأحزاب لا يمكن تطويرها في غرف مغلقة فهي تطور بالتجربة و ليست بالنظريات فلا يمكن لنا ان ننتظر حتى يصبح الحزب ناضج و هو خارج المعترك السياسي حتى يقف و من ثم نقول له الأن نسمح لك بالعمل السياسي, ففي كل دول العالم الأحزاب تتطور و تنضج من خلال التجربة و بالغربلة التي تأتي من الناس و لا تأتي من الدولة و الناس قادرة على غربلة هذه الأحزاب لذلك البيئة التشريعية التي تسمح و تدعوا الى حياة حزبية نيابة يجب ان تكون متوفرة و الا سوف نبقى في اطار الانتخاب الفردي القائم على الفرد و هو ما عانينا منه و نعاني من ذلك, و أضاف معاليه باننا اليوم لا نستطيع ان نجد من يقول ان لدينا مجلس نواب قوي, قادر على مراقبة أداء السلطة التنفيذية و يمنع التجاوزات و الى غير ذلك , فنحن لن نستطيع ايجاد مجلس نواب قوي الا من خلال اطار حزبي و لا يمكن لهذا الأطار الحزبي ان يتشكل الا من خلال التجربة. ونوه الى ان مخرجات اللجنة دعت الى مدة عشر سنوات يتم خلالها انشاء وتطوير وغربلة الأحزاب وهي مبادرة جيدة ولكن ابدى معاليه تخوفه بأن يتم انشاء أحزاب كما هو الحال حاليا” بشكل هندسي و ليس بشكل عضوي، فالأحزاب الهندسية ليست هي الأحزاب المنشودة و ليست أحزاب ستنجح في النهاية في اقناع المواطن الأردني بانها أحزاب جادة و قادرة على محاكاة احتياجاتهم فاذا ما سمحنا للأحزاب بالتطوير العضوي فهذه الخطوة سوف تكون إيجابية. وعبر معاليه عن قلقه ما بعد مخرجات لجنة تطوير المنظومة السياسية وهو هل ستترجم فعليا” ام انه سوف يتم الالتفاف و الالتواء على هذه المخرجات من اجل الاستمرار بوضعنا الراهن الذي لا يسر احد. اما فيما يتعلق كيف يمكننا صياغة عقد اجتماعي مدني للدولة بحيث لا يتعارض من الشرائع السماوية و يكون الجميع تحت مظلة الدستور أجاب معاليه قائلا” ليس من الصعب اطلاقا” صياغة عقد اجتماعي لا يتعارض مع شريعة الله على الأرض, فهناك دول عديدة قائمة على عقد اجتماعي مدني و ضرب مثلا” حزب النهضة في تونس و هو من تمكن مع الأحزاب المدنية في تونس بالاتفاق على عقد اجتماعي جديد يحفظ لكافة الناس حقوقها, كذلك الحال في تركيا و ماليزيا و اندونيسيا كل هذه دول جمعت بين الأحزاب المدنية و الدينية و لم يمنع ذلك من الوصول الى عقود اجتماعية تتفق فيها التيارات الدينية و التيارات المدنية, و افترض معاليه ان موضوع التعارض بين الدولة المدنية و الدين يطلق بين الحين و الأخر حتى تصور الحياة الحزبية انها ضد الدين, فالأردن اليوم دولة مدنية و لدينا دستور ودستور محترم و لم يأخذ عليه بانه يتعارض مع الديانات السماوية و لكن يجب علينا الاعتراف بان هناك اراء و توجهات متعددة و وظيفة أي دستور او عقد اجتماعي جديد ان يحفظ اراء كافة أطياف المجتمع الواحد و ليس اراء فئة دون غيرها. و في معرض رد معاليه على تساؤل حول اين التعديلات الدستورية التي صيغت مؤخرا” و وافق عليها مجلس النواب الأردني من إقامة الدولة المدنية, علما” ان الدستور الأردني دستور 1952 يحمل في طياته الكثير مما يحقق إقامة الدولة المدنية و لكن هناك الكثير من مواد الدستور لا تطبق تحت تبرير ان العرف السائد على سبيل المثال ليس هناك ما يمنع من ان تتبوا السلطة التشريعية ضمن مواد الدستور امرأة او مواطن مسيحي و لكن العرف بحيث منذ ان تم تشريع دستور 1952 لم يكن هناك رئيس وزراء مسيحي رد معاليه قائلا” انه من المؤمنين بان المواطن مواطن او مواطنة لهم كافة الحقوق و عليهم كافة الواجبات بغض النظر عن دينهم او جنسهم او موقعهم الاجتماعي و فكرهم السياسي, و أضاف ان الدستور الأردني واضح في المادة السادسة بأن الأردنيين امام القانون سواء لا تمييز بينهم و ان اختلفوا في الدين او العرق او اللغة , و عقب معاليه بانه هو ممن ينادوا بإضافة الجنس ان كنا نريد حقيقة مواطنة متساوية يجب احترام المواطنة المتساوية في كافة المجالات بما في ذلك الجنس  و أضاف بان الميثاق الوطني الذي صدر عام 1991 و كان فيه ممثلين من كافة التيارات الفكرية و السياسية بما في ذلك الأخوان المسلمين و الشيوعيين اتفقوا على إضافة الجنس الى المادة السادسة من الدستور فاذا ما استطعنا الأتفاق وطنيا” على ذلك قبل 30 عام نستطيع ان نفعل ذلك اليوم مع وجود حجج كثيرة لدى البعض فيما يتعلق بالميراث و تجنيس أبناء الأردنيات و هنا عقب معاليه انه علينا التقدم خطوة للأمام من خلال عدم الخوض في موضوع الميراث لأنه امر ديني  و موضوع تجنيس أبناء الأردنيات قد يكون له بعد سياسي و يجب عدم الخوض فيه حاليا” و أضاف هل نستطيع وضع هذين الأمرين جانبا” و الأتفاق على إعطاء المرأة في الأردن حقوق متساوية في كافة الأمور الأخرى حتى لا نتذرع بحجج لمنع المرأة من تحقيق كافة حقوقها. و أضاف ان الدستور الأردني لا يمنع بان يكون رئيس الوزراء مواطنة او مواطن مسيحي و المادة الثانية التي تقول بانه دين الدولة هو الأسلام لا يمنع أي مواطن اردني من تبوأ أي منصب في الدولة الأردنية حسب المادة السادسة من الدستور. اما فيما يتعلق اذا ما كانت السلطات و الأحزاب و القيادات الحاكمة في المشرق سوف تسمح بالتحول من نظام حكم استبدادي تحكمه العقائدية و الأقلية و التفرد بالسلطة الى نظام حكم مدني يحكمها دستور و قانون يضمن الحريات الفردية و حرية المجتمع و يضمن العدالة و المساواة للجميع بحيث الجميع يمارس حرية المعتقد و الدين و الفكر. وطن السلطات القضائية والتشريعية مستقلة و للفرد حرية انتخاب من يراه مناسبا” لتمثيله و ليس ما يناسب السلطويين. رد معاليه بان القضية لا تتعلق باذا ما كانت ستسمح السلطات او لا تسمح فالتطور السياسي تطور تدريجي يجب ان ينبع من القاعدة و أضاف ان ما يصبوا اليه و يصبوا اليه الأردنيين هو الوصول الى مرحلة تصل فيها الأحزاب الى السلطة وفق برامج تنتخب على أساسها و بالتالي الأرادة الشعبية هي التي تضع الناس في السلطة و تخرجها من السلطة ان لم تكن على قدر ثقة الناس اثناء الحكم , فاذا ما تم ذلك فنستطيع التحول من نظام حكم استبدادي الى أنظمة حكم مدنية يحكمها دستور و قانون, و اعرب معاليه ان الوضع الراهن غير قابل للاستمرار ففي السابق كنا نعتمد على المعونات و المساعدات من مصادر متعددة و نعتمد على القوى الخشنة للأبقاء على السلم الأهلي هذه الأدوات اليوم لم تعد فاعلة فالمعونات انكمشت و حوالات العاملين في الخارج تناقصت و الأستثمارات في الأردن في تراجع و هو ما يجعلنا نقف و نقول انه حان الوقت للأعتماد على الذات ليس من خلال رفع الضرائب و لكن من خلال اشراك المواطن في عملية صنع القرار و اشراكه في البرنامج الأقتصادي و السياسي حتى يكون على ثقة بانه هناك بصيص ضوء في نهاية النفق. اما في معرض رده على تساؤل حول كيف يمكن للدولة المدنية ان تتجاوز الصراعات العرقية و الخلافات الطائفية التي فرضت نفسها على كافة الاصعدة و أصبح لها اليد العليا في كثير من تسيير أمور الدولة السياسية و الاقتصادية في كافة ارجاء منطقتنا العربية قال معاليه انه لا يريد التقليل من الصراعات العرقية و الطائفية و لكن لا اريد لها ان تكون عائق امام التطور فالتعددية الدينية في اقليمنا لم تكن في كثير من الأحيان مصدر قوة و ننظر اليها كمصدر ضعف نتج عنها صراعات دموية كما في العراق, في لبنان, في سوريا, في اليمن و في ليبيا و مع ذلك التعددية الطائفية او الدينية كانت مصدر قوة في بعض الأحيان و ضرب مثلا” لبنان الذي كان بؤرة للحروب الطائفية كان مصدر اشعاع في كثير من الأحيان بسبب التعددية الثقافية و الدينية التي يتمتع فيها. و أضاف اننا نصف انفسنا باننا مجتمع عشائري و لكن لماذا يكون المجتمع العشائري عائق امام تقدم المجتمع فنحن فخورين بالأنتماء لعشائرنا لكن ان تصبح العشيرة بديلا” عن الدولة فهذا لا يجوز و بأن يتم انتهاك سيادة القانون تحت مسمى الأحتماء بالعشيرة أيضا” لا يجوز , فالدولة لديها مسؤولية بتطبيق القانون على الجميع, فعندما يشعر المواطن بالمساواة بين كافة أطياف المجتمع و لا تمييز بين أي طرف على حساب طرف اخر بغض النظر عن أي مسوغ ديني, عشائري او اجتماعي عندها الناس سوف تحترم القانون و تطبقه و ضرب مثلا” الأمارات المتحدة العربية التي يسود فيها روح القانون بغض النظر عن أي اعتبارات اجتماعية او عرقية. اما فيما يتعلق بتساؤل حول استخدام الدين لأهداف توسعية سياسية و ليس لأسباب عقائدية,  روحانية و ايمانية رد معاليه قائلا” مؤكدا” ان الدين استخدم لغايات سياسية بحيث استخدم في كافة انحاء العالم لهذا من الضروري إيجاد دستور يحترم حقوق الناس جميعا” بغض النظر عن عقائدهم الدينية و استشهد بمقولة الرئيس فارس الخوري رئيس الوزراء السوري السابق ” الدين لله و الوطن للجميع” , و استطرد قائلا” بانه لا يوجد تعارض كون الأنسان متدينا”, محافظا” و مؤمنا” بشعائره الدينية و بين ان يحيا في مجتمع يحكمه دستور مدني و دستور وضعي تم وضعه من قبل البشر, فنحن لسنا دولة دينية و لم تقم دولة دينية في الأسلام الا مع ظهور الدولة الدينية في ايران و ولاية الفقيه و بغير هذه البدعة ليس هناك دولة دينية في الأسلام و لم يدعوا الأسلام يوما” اللى دولة دينية لذلك ليس هناك أي تعارض بين احترام المعتقدات و الشعائر الدينية و بين وجود دساتير وضعية و قوانين وضعية و هي ما يمكن تطويرها مع تطور المجتمعات. اما فيما يتعلق بدور المؤتمرات المتعلقة بحوار الأديان و دورها في التضامن الديني و التماسك الأجتماعي رد معاليه قائلا” ان هذه المؤتمرات لم تعالج صلب الموضوع و بقيت هذه المؤتمرات في اطار المجاملات التي لا تقدم و لا تؤخر, و أضاف نحن لسنا بحاجة ان نجامل بعضنا بعضا” نحن بحاجة الى ان نتفق على دور الدين في السياسة و في الحياة العامة و نتفق على أسس و قواعد و روابط لهذه الدولة و هو ما لم يتم حتى الأن   و استشهد معاليه برسالة عمان التي شارك في صياغتها اكثر من 200 شخصية دينية تمثل كافة الطوائف الإسلامية و التي خرجت برسالة عمان تنبذ العنف و الطائفية و تثبت بان كافة هذه الطوائف هي إسلامية بغض النظر عن مسمياتها و لكن على ارض الواقع لم نجد ترجمة لما صدر عن رسالة عمان فنجد بعض رجال الدين ما زالوا يتراشقون فيما بينهم النزعات الطائفية و عليه نقيس في حوار الأديان بين الطوائف المسيحية و الإسلامية و عليه نحن لا نسعى للمجاملات و انما نريد حوار حقيقي و جاد يضع نقاط الاختلاف على الطاولة و يضع أسس و قواعد لمثل هذا الاختلاف حتى ننتقل من حالة المجاملات الى مرحلة الحوار الجاد و اسف معاليه الى درجة الجهل بين اتباع الديانات كل منهم بدين الأخر. و في معرض رده على تساؤل حول انتهاء اغلب العقود الاجتماعية في المشرق و بان المواطنين اصبحوا في حل من هذا العقد الاجتماعي و يجب البحث عن عقد اجتماعي جديد للمرحلة القادمة يضمن للشعوب استقرارها و الحصول على اهم سبل العيش من امان اجتماعي, اقتصادي, تربوي, صحي و سياسي, قال معاليه ان العقود الأجتماعية اصبح لها معنى سلبي و بخاصة في الأردن فعندما نتكلم عن عقد اجتماعي فهذا العقد ليس فقط بين الحاكم و المحكوم و انما نتكلم عن عقد اجتماعي بين كافة مكونات المجتمع بحيث الجميع يرغب بالعيش في ظل مجتمع يحترم الحقوق و لا يتغول عليها, لذا من الضروري جدا” ان يكون هناك عقود اجتماعية تدرك ان المجتمع له مكونات و ان هناك اختلافات في هذه المكونات و تضع أسس و قواعد و اطر لهذه الأختلافات و كل يعيش كيفما شاء طالما لا يتعدى على الأخر, هذه هي العقود الأجتماعية التي نحن بحاجة اليها , نعم بحاجة الى عقود اجتماعية بين الحاكم و المحكوم و لكن أيضا” نحن بحاجة عقود اجتماعية بين مكونات المجتمع , و استطرد قائلا” ان الدولة ما زالت تصر بان لا يكون المواطن شريكا” باتخاذ القرار و هو ما أدى الى وجود خلل كبير يفرض علينا تطبيق قواعد جديدة تعمل على الأنتقال من أنظمة ريعية الى أنظمة إنتاجية اقتصاديا” إضافة الأنتقال سياسيا” من أنظمة لم يكن للمواطن دور حقيقي في صنع القرار الى أنظمة تشاركية و الى بناء مؤسسات قضائية و تشريعية.

و في رد على تساؤل حول القضية الفلسطينية و ما مدى إمكانية إقامة انشاء دولة مدنية موحدة بعيدا” عن الطائفية على ارض فلسطين تجمع بين اليهود و الفلسطينيين و ما إمكانية تسويق هذا الحل دوليا” و مدى قبوله من اليهود و الفلسطينيين رد معاليه قائلا” انه من المؤمنين تماما” بأن المستقبل في فلسطين سوف يعتمد على دولة واحدة ذات حقوق متساوية , و أضاف ان حل الدولتين في اعتقاده انتهى و هو من عمل عليه لفترة طويلة من الزمن و لكن لم يكن هناك إرادة سياسية حقيقية بالأنسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة و ليس هناك من إرادة دولية لأجبار المحتل على مثل هذا الأنسحاب و أضاف نحن نشهد اليوم نظام فصل عنصري في الأراضي الفلسطينية المحتلة و هو ما كان محرم في السابق الحديث عنه و لكن نجد اليوم العديد من المنظمات تنعت الأحتلال بانه نظام فصل عنصري و هذا الرأي اخذ بالتزايد عالميا” بمعنى ان لم يكن هناك حل للدولتين فالمجتمع الدولي لن يقبل بان يكون هناك نظام فصل عنصري , اليوم المكون الفلسطيني الذي يعيش في فلسطين اكثر من المكون اليهودي بحيث 7.4 مليون مواطن فلسطيني يعيش اليوم في فلسطين بينما 6.8 مليون يهودي و هو ما يعني انه مع تطور الوقت و ازدياد عدد الفلسطينيين سيصبح عدد الفلسطينيين يشكل 65% من اجمالي عدد السكان.

اما فيما يتعلق بالثقافة السياسية و كيف لنا ان ننهض ثقافيا” و فكريا” و وطنيا” بالحس السياسي لدى الشعوب بشكل عام و في الأردن بشكل خاص أجاب معاليه قائلا” انه هناك دور لوزارات الثقافة و هناك دور أيضا” للمجتمع بحيث يجب على المجتمع ان يكون واضحا” و ان يعلي الصوت من اجل تغيير الثقافة السائدة, الثقافة التلقينية و الثقافة التي لا تسمح باختلاف الراي , ليس هناك مجتمع في العالم تمكن من الأزدهار و التقدم دون ان يسمح بتعددية الأراء و الأختلاف حولها عنوان الجمود و الخمول و التقوقع هو عدم السماح لكافة الأراء بالظهور على الساحة, فنحن دائما قادرين على تخوين كل رأي مخالف و شيطنته, ثقافة الحوار لدينا ثقافة ضحلة للغاية و هذا يحتاج الى وقت للتغيير و لا يمكن ان يتم بين ليلة و ضحاها و نراهن على المجتمع ان يعلي صوته و ان لا ننتظر الوزارات ان تمنحنا هذه الثقافة , فالتغيير لن يتم الا من خلال المطالبة المثابرة و المستمرة. اما تبرير معاليه لماذا تم عرض نتائج  لجنة تحديث المنظومة السياسية على مجلس النواب بثلاث لجان في حين هناك العديد من اللجان و القرارات التي عمل عليها خلال العقود الثلاث الماضية بدءا” من لجنة الميثاق الوطني و التي قام بها و ادارها دولة السيد احمد عبيدات و من ثم لجنة الأجندة الوطنية التي قام معالي الدكتور مروان المعشر  بادارتها و موخرا” لجنة تحديث المنظومة السياسية بإدارة دولة السيد سمير الرفاعي و لماذا تم الأخذ بقرارات اللجنة الأخيرة في حين لم يتم بتوصيات لجنة الميثاق الوطني و توصيات لجنة الأجندة الوطنية التي قام على صياغتها 500 شخصية وطنية و فكرية و سياسية اردنية رد معاليه بأن لجنة الميثاق قامت بجهد جبار من اجل وضع عقد اجتماعي جديد و هو الذي قام بالأشراف عليه جلالة الملك حسين طيب الله ثراه حيث توافقت كافة القوى السياسية على اطار عام اقتصادي, سياسي و اجتماعي و لكن الميثاق الوطني الذي تم تطويره في مرحلة كان الأردن يخوض في مباحثات السلام و الدولة الأردنية في حينه اتخذت قرار بان السلام و الديمقراطية في حينه لا يتفقان و ان الأولوية للسلام و بالتالي لم تعرض توصيات لجنة الميثاق الوطني على مجلس الأمة و لو انها أدخلت في الدستور الأردني كانت أحدثت نقلة نوعية اما فيما يتعلق بالأجندة الوطنية كانت قد واجهت نفس مصير الميثاق الوطني حيث حصل نقاش حاد حول قانون الأنتخاب و التي كانت تنظر الدولة الى ان كسر حاجز الصوت الواحد و كانه قفزة في المجهول و كانه خطر على البلاد و هو ما قامت الدولة بالتراجع عنه بعد الربيع العربي لكن في حينه كان هذا الراي السائد و بالتالي لم تعرض التوصيات على مجلس الأمة , و استطرد معاليه قائلا” المهم اليوم ان لدينا عدد من التوصيات الجيدة و المهم ان تكون لدينا قناعة بالتقدم للأمام لأن المواطن فقد الثقة بكافة هذه اللجان و لكن علينا التفاؤل بإرادة القيادة السياسية باحداث تغيير هذه المرة.         

في نهاية النقاش تقدم رئيس نادي خريجي الجامعة الأمريكية بالقاهرة – الأردن من معالي الدكتور مروان المعشر بجزيل الشكر و عظيم الامتنان على اجاباته القيمة و شفافيته و على ما قدمه من معلومات قيمة.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى