“فساد السلطة الفلسطينية” بكواليس “مؤتمر النزاهة العربية ” في تونس

خلص المشاركون في  المؤتمر الوزاري الخامس للشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد إلى أن تعطل مسارات مكافحة الفساد وفي مقدمتها استرداد الأموال المنهوبة، ناجم عن غياب الإرادة السياسية الجدية التي يترجمها تعدد الهياكل بهدف إضعاف الهيكل الأصلي المعني بالملف على غرار الهيئات المستقلة، بالإضافة إلى عدم انخراط المسؤولين في المناصب الرفيعة في مجهود مكافحة الفساد وعدم تطبيق القانون والإفلات من العقاب”.

وسيصار إلى تضمين هذه القناعة في البيان الختامي للمؤتمر المنعقد حاليًا في تونس  تحت شعار “تفعيل آليات المساءلة للنهوض بالتنمية المستدامة في المنطقة العربية” الذي سيصدر اليوم الأربعاء.

وانعقد المؤتمر بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة وجامعة الدول العربية وبدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بمشاركة وزراء ورؤساء هيئات رقابية وقضائية ومسؤولين رسميين وقضاة وبرلمانيين وناشطين يمثلون 30 دولة ومنظمة مختصة منها 20 من المنطقة العربية

وكان موضوع استرداد الأموال المنهوبة وتحديدًا من السلطة الفلسطينية والعراق محورًا رئيسًا  للمتابعة ، وإن كان بشكل غير رسمي، من طرف المنظمات الدولية التي طالما أصدرت تقارير دورية في هذين الملفين

من المسؤول عن الفساد في السلطة الفلسطينية؟

وقال رئيس هيئة مكافحة الفساد في السلطة الفلسطينية رفيق النتشة، في رده على  تجدد موجة الاتهامات، المحلية والإقليمية والدولية ، للسلطة الفلسطينية وقيادتها بأنها هي التي ترعى الفساد، ان الاحتلال الإسرائيلي هو المصدر الأول للفساد في الأرض الفلسطينية المحتلة، حيث يقوم بحماية المهربين .

وكان تحقيق مطوَّل استمر 6 سنوات أجراه المسؤول في “جهاز المخابرات الفلسطينية” فهمي شبانة التميمي، وآخر أطلقه ائتلاف “أمان” من أجل النزاهة والشفافية تحدثا بتوسع رقمي عن هذه الملفات.

وآخر ما تمّ كشفه عن مظاهر الفساد في السلطة الفلسطينيّة ما سمّي بـ”وثائق بنما”، الّتي نشرت في 4 نيسان/أبريل الماضي، وأظهرت تورّط شخصيّات عالميّة بالتهرّب الضريبيّ وتبييض أموال، ومن الأسماء الفلسطينيّة الواردة فيها طارق عبّاس، نجل الرئيس الفلسطينيّ محمود عبّاس.

وقالت الوثائق إن نجل الرئيس الفلسطيني يملك شركة قابضة بشكل سريّ تتعدّى قيمتها المليون دولار في جزر فرجينيا، بالشراكة مع السلطة الفلسطينيّة.

كما ورد اسم نائب رئيس الوزراء الفلسطينيّ السابق المستقيل في العام 2015 ورئيس صندوق الاستثمار الفلسطينيّ محمّد مصطفى، من دون الكشف عن حجم الأموال الّتي تعامل بها، وتناولت الوثائق الشركة العربيّة الفلسطينيّة للاستثمار “أيبك”، وهي إحدى أكبر الشركات في فلسطين وتضمّ ما يتجاوز الـ1500 موظّف.

رئيس لجنة الرقابة في المجلس التشريعيّ الفلسطينيّ يحيى موسى  نقلت عنه “المونيتور” قوله إن “وثائق بنما كشفت المزيد من الحقائق عن فساد السلطة الفلسطينيّة، لكن في الحقيقة إنّ هذه السلطة تمنح بيئة مثاليّة لظهور الفساد، فهي ذات مهام أمنيّة لصالح إسرائيل، ومقابل أدائها لها يتغاضى المجتمع الدوليّ عن فسادها، فأصبح شريكًا لها في فسادها، ويغضّ الطرف عن الاحتكارات الاقتصاديّة للرئيس عبّاس وعائلته والمقرّبين منه، ويتركهم يتلاعبون في المساعدات الاقتصاديّة الآتية من الدول المانحة”.

وتزامن الكشف عن وثائق “بنما” مع نتائج استطلاع للرأي العام الفلسطينيّ أجراه المركز الفلسطينيّ للبحوث السياسيّة والمسحيّة في الضفّة الغربيّة،ونشره في 4 نيسان/أبريل، جاء فيه أنّ نسبة الفلسطينيّين الّذين يعتقدون بوجود فساد في السلطة الفلسطينيّة تبلغ 79%.

رفيق النتشة في كلمته بمؤتمر تونس ، قال إن هيئة مكافحة الفساد لها مطلق الحرية في العمل لمتابعة قضايا الفساد، وتستطيع أن تتابع كل القضايا مهما كان نوعها ومحاسبة أي مسؤول لأن الجميع تحت طائلة القانون.

وأشار إلى أن الفساد المستشري في المجتمعات العربية يقوم على أساس الظلم وعدم العدالة ولا وجود للديمقراطية، وأن هذه الأوضاع هي من أحد أسباب التطرف والإرهاب، وإذا أردنا القضاء على التطرف والارهاب فعلينا القضاء على الفساد .

وتابع “هناك تعاون كبير مع المملكة الاردنية الهاشمية الشقيقة، حيث استطعنا من خلال عدد من القضايا استعادة أموال من الفاسدين بعد أن سلمَنا الاردن المطلوبين في هذه القضايا .

وأوضح النتشة أن الهيئة أعدت قانونًا جديدًا يتعلق بحق الحصول على المعلومات، وأنه حاليًا قيد الدراسة في مجلس الوزراء الفلسطيني لكي يتم إقراره وإصداره .

مسؤوليات دولية جديدة على السلطة

وكان النتشه تعهد مؤخرًا بملاحقة الفاسدين أينما كانوا ومهما كانت الدول التي تحميهم، وإجبارهم على إعادة الأموال التي سرقوها من الشعب الفلسطيني.

وكشف أن الهيئة تنظر حاليًا في 20 ملفًا، لكنه رفض الكشف عن أسماء ومراكز الشخصيات وحجم الأموال المختلسة التي يجري إعداد ملفاتها.

وأضاف أن هيئته تدرس الصلاحيات الجديدة التي تضاف لفلسطين بعد رفع مكانتها إلى دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة، مؤكدًا وجود عقبات في تسليم بعض الفارين في بعض الدول “الشقيقة والصديقة”.

وكانت محكمة جرائم الفساد الفلسطينية أدانت المستشار الاقتصادي السابق للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات،  محمد رشيد و3 متهمين آخرين بالفساد وغسل الأموال، وحكمت عليهم بالسجن والغرامة المالية ورد الأموال المختلسة والتي تقارب 34 مليون دولار، فيما أعلن النتشة مؤخرًا عن ملفات أخرى تخص رشيد وبمبالغ أكبر من السابق.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى