غياب أسس المفاضلة بين المترشحين لرئاسة الجامعات

غياب أسس المفاضلة بين المترشحين لرئاسة الجامعات يضع شكوكا حول مصداقية التنافس

أ . د أنيس الخصاونة
يراقب الوسط الأكاديمي باهتمام شديد إجراءات مجلس التعليم العالي المتصلة بتعيين ثلاثة رؤساء للجامعات الرسمية التي تم إعفاء رؤسائها السابقين من مواقعهم على ضوء نتائج تقييم أدائهم.وفي الوقت الذي تفاءل العاملون في الجامعات بولوج وزارة التعليم العالي في إتباع إجراءات جديدة وشفافة في مساءلة الرؤساء عن أدائهم وسلوكياتهم ومساهماتهم في رفعة جامعاتهم ، فإن هنالك قلق متزايد حول مدى شفافية وحيادية تعيين رؤساء جامعات جدد إذ أن تشكيل لجان محترمة تضم شخوص لهم سمعة وسيرة حسنة لا يضمن اختيار رؤساء فاعلين لهذه الجامعات. إن اقتصار الإعلان على شروط التقدم لإشغال موقع رئيس جامعة لا يعني بأي حال من الأحوال أن المفاضلة ستكون دقيقة وحيادية وعادلة.الشروط الستة المعلنة من قبل وزارة التعليم العالي هي شروط عامة ،كأن يقال بأن على المتقدم لهذه الوظيفة أن يتمتع بسيرة حسنة وسمعة أكاديمية مرموقة، فيا ترى كيف يمكن قياس ذلك وكيف يمكن ترجمة السمعة المرموقة إلى نقاط محسوبة خصوصا وأنه من الممكن أن تؤدي الزيادة أو النقصان في مجموع العلامات إلى اختيار أو عدم اختيار مترشح بعينه؟من جانب آخر لا نعلم كيف ستقوم اللجنة بتقييم القدرات والمهارات القيادية التي يتمتع بها المترشح لرئاسة الجامعة ومن الذي سيحكم على ذلك وما هي الآلية التي يمكن أن تستخدم للوقوف على القدرات القيادية؟
نعتقد بأن توفر مقتضيات الشفافية والوضوح في إجراءات وأسس المفاضلة مهم جدا لأغراض تحقيق المصداقية في عملية التعيين. كثير من الأصدقاء والزملاء وربما منهم كاتب هذا المقال يترددون في الترشح لإشغال هذه الوظيفة بسبب ضبابية أسس المفاضلة وعدم الإفصاح، مما يعطي اللجنة المختصة بالمفاضلة والتنسيب برؤساء الجامعات الجدد سلطة تقديرية كبيرة يمكن أن تتدخل فيها اعتبارات شخصية وعلاقات اجتماعية، ناهيك عن التأثيرات الأهم والأبرز للسلطات السياسية والأمنية التي يعتقد بأنها ستشكل العامل الحاسم في المفاضلة بين المتقدمين!
إن الهواجس المتصلة بالاعتبارات السياسية والأمنية تجعل كثير من العاملين في قطاع التعليم العالي ينظرون بعين من الريبة إلى مدى استناد تعيين رؤساء الجامعات إلى الأسس الفنية والعلمية المعلنة بغض النظر عن مدى تأكيدها على السجل البحثي والمهني للمترشح وكذلك قدراته القيادية . عمل رئيس الجامعة عمل أكاديمي بحت والرئيس يتولى قيادة الإدارة الأكاديمية لمجتمع أكاديمي تعليمي وفق أسس ومقومات مهنية معروفة فلماذا تقحم رغبات وميول سلطات سياسية وأمنية في تعيين هكذا مواقع؟وهل اختيار وتعيين رؤساء جامعات وفق اعتبارات سياسية أو أمنية فيه خدمة للوطن ومؤسسات التعليم العالي؟
إن ترشح بعض أعضاء مجلس التعليم العالي لرئاسة الجامعات يضع شكوكا إضافية حول مدى حيادية وشفافية عملية التعيين برمتها، إذ أن أعضاء مجلس التعليم العالي الذين سترفع لهم التنسيبات، والتي قد يكون من ضمنها بعض زملائهم في المجلس(حتى لو استقالوا قبل التنسيب بهم) ستكون مواقفهم متأثرة إيجابيا أو سلبيا بزملائهم السابقين في المجلس خصوصا وأن انفكاكهم من عضوية المجلس لم يمضي عليها سوى بضعة أيام أو أسابيع.
نعتقد بأن الجهد الذي تبذله وزارة التعليم العالي لإرساء عمل مؤسسي ممنهج وذا مصداقية يقتضي أن تنبري الوزارة إلى الإجابة على هذه الأسئلة، وردم الثغرات والفجوات والتأكيد بأن عملية تعيين رؤساء الجامعات تخضع لأسس فنية وأكاديمية فقط ،وأن تكون معايير وأسس المفاضلة معلنة للجميع. إن الخبرات والتجارب السابقة في تعيين رؤساء الجامعات وفق معايير مفصلة تفصيلا دقيقا على قياس بعض الأفراد أودت بنا وبجامعاتنا لما أودت إليه من تردي وشبهات فساد وارتفاع في المديونية وانخفاض في جودة مخرجات التعليم العالي.كما نود التأكيد هنا بأن مجالس الأمناء كانت شريكة مباشرة في تردي الأوضاع في جامعاتنا، وأن بعض قيادات مجالس الأمناء كانت دائمة الدفاع عن رؤساء الجامعات الذين أمعنوا في الانشغال بتحقيق مكاسب ذاتيه ،وتركوا الجامعات وإدارتها للصف الثاني والثالث من الشخوص الذين يفتقرون ليس فقط للقدرات والكفاءات القيادية ولكن للعزيمة وربما التفاني والإخلاص في العمل….

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى