العودة الى أبوة الدولة الأردنية..الواقع والمُنتظر..؟

العودة الى أبوة الدولة الأردنية..الواقع والمُنتظر..؟
أ.دحسين محادين

( 1)
قبل شهر ونيف تقريبا وصلت عدوى الكورونا للأردن كتحدِ خارجي وفد الينا، حيث بادرت كافة اذرع دولتنا كمظلة دستورية وسيادية أبوية لكل المواطنيين من القطاعين الخاص والعام ؛ إذ قامت بالتحرك وقائيا وعلاجيا للحيلولة دون انتشار فايروس كورونا اللامرئري طبيا ؛ وان كانت أثاره الفتاكة ملموسة من قِبل اهلنا عبر قلة من عدد الوفيات ؛مقابل زيادة في حالات المصابين المصابين والقليلة ايضا ؛ مقارنة بغيرنا من الدول العربية والعالمية التي هي أثرى منا ماليا؛ وتأثيرات في الاقتصاد العالمي والأكثر سكان. وللأمانة العلمية هنا؛ لم تكن اطلاقا تلك الدول ؛أسبق واجرأ أو حتى نجاحاً أكثر منا كدولة اردنية،خصوصا بعد أن نجحنا في التقاط اللحظة التاريخية للدفاع عن رأسمالنا الاجتماعي والحضاري الاساس”الانسان”؛ وبغض النظر عن الكلف المالية العالية لذلك؛ وبالتزامن مع هذه الريادة الأردنية بالذات ؛حظي بلدنا في مكانة دولية مرموقة باعتراف دول العالم لقدرته اللافتة في محاصرة هذا الوباء؛ والذي يُشبه التفاعل المتسلسل كما يسمونه أهل الفيزياء ؛ اي خطورة أن ينقل العدوى فرد ما إلى آخر وبصورة متصاعدة 8,4,2 وهكذا لأسمح الله.
(2)
علميا؛ لقد جاءت هذه الجائحة/ الصدمة إلى مجتمعنا الاردني؛ ونحن في مجتمع كان متأثرا بالنمط الغربي المعولم في الحياة؛ كالحريات الفردية المبالغ فيها و المنفلته احيانا والتي أساء بعضنا ممارستها، وأنتشار أنماط الاستهلاك المظهري لدى الأفراد والأسر والحكومات في كل المناسبات، ولا ننسى ايضا استمرار تورّم جُل القطاع الخاص؛ بأرباحه الجشعة نتيجة لسيرّنا كمجتمع نامِ بتنفيذ الخصخصة بصورة متسارعة خدمة للقطاع الخاص، دون أن نوفر للعمال والشرائح الفقيرة التي سُرحت غطاءً اقتصاديا متدرجا؛ مساندا لصندوق المعونة الوطنية مثلا، أو حتى توفير تدريب متنامِ للفئات الهشة اقتصاديا وانتاجيا؛ كي يكونوا قادرين فعلا على المنافسة في سوق عمل اصبح، بلا قلب أو عواطف كتعبير إجرائي عن الاهداف العليا للقطاع خاص في العالم ،وهي القائلة بالربح اولا؛ وفي ذات الوقت بقيت نظرة الاردنيين بجذورهم البدوية الريفية/النزاهة للحداثة نظرة غير منصفة للأعمال المهنية وأهمية الالتحاق بها خصوصا من قبل غير الدارسين اكاديميا.
(3)
لعل الاصعب تنمويا إضافة لكل ما سبق هو ما أصاب منظومة قيم العمل الأردنية التاريخية عبر عقود هو؛ ان المكانة الاجتماعية والمالية للعاملين في القطاع الخاص منذ منتصف تسعينات القرن الماضي كواقع نتج عن سيادة الخصخصة ومصاحباتها معا، هي مكانته الاعلى والأكثر طموحا ورغبة للالتحاق به كقطاع خاص لدى الاردنيين مقارنة بمكانة العاملين في القطاع العام الوظائف رغم تقلصها بأستثناء القطاع العسكري المقدرة اردنيا على الدوام.
( 4)
بعد وصول الجائحة وما نتج عنها من تعطل عام جراء قرارات الحجر الصحي حفاظا على الاردنيين،فقد تعطلت فرص عيش الشرائح الفقيرة والهشة من الحرفين والكسبة من جهة؛ومن الجهة المقابلة سعى القطاع الخاص عموما والذي لطالما جنى الارباح ما قبل الكورونا من جهد العاملين فيه سعى إلى التخلي عن دعمهم او وتحمل رواتب هؤلاء المنتجين تاريخيا، فكان قانون الدفاع الرسمي جدار الصد الحياتي المنحاز لهؤلاء الاردنيين عبر تحمل الدولة مهمة التوفير المتدرج لأسباب عيش العاملين واسرهم ولو بالحد الأدنى؛ خصوصا وأن أعدادا غير قليلة منهم لم تكن مسجلة بالضمان الاجتماعي لأسباب عديدة.

اخيرا مع ملاحظة امتناع الكثيرين من شركات القطاع الخاص، والأفراد الاثرياء ، والمتهربون من دفع الضرائب المستحقة عليهم للآن عن ضرورة تبرعهم لصناديق الدعم الوطنية للمتضررين جراء هذه الأزمة الطارئة للأسف، فلا يد من التذكير هنا بأن؛اهلنا بانتظار اتخاذ الإجراءات القانونية الملحة في ظل فعالية قانون الدفاع مع هؤلاء المتقاعسين عن مساندة أهلنا، وامتناع اولئك الغافلين عن دعم ورفد مشاريع ومبادرات تكافل أبناء اردننا الاغر كقيمة دينية وإنسانية عليا لاسيما الشرائح الأكثر تضررا من هذه العدوى المرضية والاجتماعية معا.
اخيرا..
وباجتهادي رصدا وتحليل؛ لقد مثلت عملية العودة إلى مرجعية الدولة الوطنية”قانون الدفاع كأنموذج استثنائي لادارة الازمة” تعبيرا إجرائيا بليغا وسريعا لافتا؛ للمتابعين والباحثين وللمواطنيين ودول العالم معا، عن مرونة ودينامية العقل المتقدم للدولة الاردنية قيادة؛ واجهزة مدنية وعسكرية مدعمة بوعي وتفهم أغلب المواطنيين للحفاظ على تماسك إنسانية وطننا وأهلنا الطيبون فيه؛ وهذا ما شكل ارتقاءً بليغا يُشاد فيه عربيا وعالميا خلال فترة قصيرة، ونحن معتزون به رغم الأوجاع المصاحبة لهذا التحدي العالمي ايضا..ونحن المؤمنون ايضا بقدراتنا المتنامية على هزيمو الجائحة.
المجد للأردن ولكل اليقظين والمُضححين من أجلنا كمواطنين في كل عناوين الوفاء والإباء للوطن ومنجزاته.
*عميد كلية العلوم الاجتماعية-جامعة مؤتة.
* عضو مجلس محافظة الكرك”اللامركزية “.

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى