غايات رُكْن الحجّ وأهدافه
#الحج موسم عظيم بعد موسم شهر رمضان المبارك… يطل الركن الخامس على #المسلمين في نهاية كل عام هجري، يتوّج فيه المسلم صالح أعماله، ويرجو فيه رحمة الله. يقول تعالى: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) [الحج:27].
أول غاية من غايات الحج هي تحقيق تقوى الله تعالى في القلب، وهي غاية أساس في كل عبادة: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة:21].
وإذا كانت عمارة القلب بالتقوى من أكبر غايات الحج؛ لزم أن يُحضر الحاج قلبه قدر استطاعته عند كل موقف، من حين الإحرام إلى نهاية الحج أثناء طواف الوداع، ويجتهد على حفظ لسانه وجوارحه، وَيستدعي معاني كُلِّ ركنٍ من أركان الحج، لعلَّ القلب يرق، والعقل يدرك!.
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: ((مَن حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ، ولَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَومِ ولَدَتْهُ أُمُّهُ)) فَريضةُ الحجِّ هي الرُّكنُ الخامسُ مِن أركانِ الإسلامِ، وهي الفَريضةُ التي تَستوجِبُ مُفارَقةَ المَألوفاتِ والعاداتِ استجابةً لرَبِّ العالَمينَ، وقد وَعَدَ اللهُ تعالَى مَن أدَّاها بحقِّها بأعظَمِ الجَزاءِ.
وفي هذا الحَديثِ يُبيِّنُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَن حَجَّ للهِ تعالى مُبتغيًا وجْهَه بلا رِياءٍ ولا سُمعةٍ، فلَم يَرفُث، بمعنى: فلم يَفعَلْ شَيئًا مِن الجِماعِ أو مُقدِّماتِه، وقيل: الرَّفَثُ اسمٌ للفُحشِ مِن القولِ، ولَم يَفسُقْ، أي: ولَم يَرتكِبْ إثمًا أو مُخالَفةً شَرعيَّةً -صَغيرةً أو كَبيرةً- تُخرِجُه عَن طاعةِ اللهِ تعالَى، وإنَّما صرَّحَ بنَفْيِ الفِسقِ في الحجِّ، مع كَونِه مَمنوعًا في كلِّ حالٍ، وفي كلِّ حِينٍ؛ لزِيادةِ التَّقبيحِ والتَّشنيعِ، ولزِيادةِ تَأكيدِ النَّهيِ عنه في الحجِّ، وللتَّنبيهِ على أنَّ الحجَّ أبعَدُ الأعمالِ عن الفِسقِ. فمَن فَعَلَ ذلك عادَ بعدَ حَجِّه نَقيًّا مِن خَطاياهُ كما يَخرُجُ المولودُ مِن بطْنِ أُمِّه، أو كأنَّه خَرَجَ حِيَنئذٍ مِن بَطْنِ أُمِّه، ليس عليه خَطيئةٌ ولا ذَنْبٌ.
ومن المعاني التي نستلهمها في الحج وأركانه: التسليمُ والانقياد إلى شرع الله، ففي الحج يستحضر المسلم معنى الانقياد، ويمارس ذلك الانقياد واقعاً حسيّاً، وبشيء من المشقة؛ عن رضا من النفس، ولو كان المسلم في حياته منقادا لله تعالى في كل شأن من شؤونه كما يكون في مشاعر الحج لكان لحياته وعبادته طعم آخر.
فإنّ تنقّل الحجاج بين المشاعر ما بين طواف وسعي ومبيت في منى ووقوف بعرفة ومبيت بمزدلفة ورمي للجمار وحلقٍ ونحرٍ، كلّها دروس عملية في تربية الأمة على قبول شرع الله، والتسليم لأحكامه بكل انشراح صدر، وطمأنينة قلب.
ألا ترون هذا واضحا لمّا دعا إبراهيم الخليل وابنه إسماعيل -عليهما الصلاة والسلام- وهما يرفعان القواعد من البيت؟ قالا: (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) [البقرة:128].
واجعلنا مسلميْن لك، أي: مستسلمين لشرعك، خاضعين لأحكامك، ولو كان فيها نوعُ مشقة، بل لو لم ندرك الحكمة من ورائها أحيانا، فهذا هو مقتضى التسليم والتعبد للخالق الواحد الأحد.
استمعوا إلى الفاروق -رضي الله عنه- يستلم الحجر الأسود ويستحضر التسليم لله ورسوله في تقبيله ويقول: ((والله إنِّي أعْلَمُ أنَّكَ حَجَرٌ، لا تَضُرُّ ولَا تَنْفَعُ، ولَوْلَا أنِّي رَأَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُقَبِّلُكَ ما قَبَّلْتُكَ.)) أخرجه البخاري. إذاً، فالتسليم لأحكام الله تعالى، والخضوع لشرعه، معنى واضح جدا من معاني الحج.
الحَجَرُ الأسوَدُ حَجَرٌ كرِيمٌ، أنزَلَه اللهُ سُبحانه وتعالَى مِنَ الجنَّةِ، فكان يُقبِّلُه النبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم؛ واتِّباعًا لهَدْيِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم نُقبِّلُه ونَستلِمُه ونُشيرُ إليه، وإنْ كان حَجَرًا لا يَضُرُّ ولا يَنفَعُ. وفي هذا الحَديثِ بَيانٌ لتَسليمِ الصَّحابةِ وشِدَّةِ إيمانِهم؛ فيُخبِرُ التَّابِعيُّ عابِسُ بنُ رَبيعةَ أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه كانَ يُقَبِّلُ الحَجَرَ الأسوَد. وذلك لرُؤيَتِه النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُقبِّلُه، ولَولا ذَلِكَ ما قَبَّلَه عُمَرُ رَضيَ اللهُ عنه؛ لِعلمِه أنَّه حَجَرٌ لا يَضُرُّ ولا يَنفَعُ بذاتِه، وإنَّما النَّفعُ بالثَّوابِ الذي يَحصُلُ بِامتِثالِ أمرِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والاستِنانِ بتَقبيلِه؛ وهذا لأجْلِ أنَّ اللهَ تعالَى فضَّلَ بعضَ الأحجارِ على بعضٍ، وبعضَ البِقاعِ على بعضٍ، وبعضَ اللَّيالي والأيامِ على بعضٍ، وإنَّما شُرِعَ تَقبيلُ الحَجَرِ إكرامًا وإعظامًا لحَقِّه، ولِيُعلَمَ بالمُشاهَدةِ مَن يُطيعُ في الأمرِ والنَّهيِ، وذلك شَبيهٌ بقصَّةِ إبليسَ حيثُ أُمِرَ بالسُّجودِ لآدمَ عليه السَّلامُ.
ومن المعاني أن شعيرة الحج قائمة على تحقيق توحيد العبادة لله وحده لا شريك له، قال -عز وجل-: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا) [الحج:26]، أولا: لا تشرك بي شيئا، قدّم ذلك، (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) [الحج:26].
ولذا أهلّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالتوحيد عند الميقات لتكرار نفي الشرك: “لا شريك لك”، عبارة تلو عبارة، قال وكرّر: “لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك” أخرجه مسلم.
بل إنّ الحاج إذا أنهى طوافه حول الكعبة شُرع له أن يصلي ركعتين يقرأ فيهما بعد الفاتحة بسورتي “الكافرون” و”الإخلاص”؛ تأكيدا للتوحيد، ونفيا للشرك، كما ثبت ذلك عنه صلي الله عليه وسلم في حديث جابر فيما أخرجه مسلم. وهكذا يفعل الحاج بعد انتهائه من الركعتين وصعوده الصفا يستقبل القبلة، ويبدأ بالتهليل الذي هو عنوان التوحيد. هكذا فعل -صلى الله عليه وسلم- لما رقا على الصفا حتى رأى البيت، فاستقبل القبلة، فوحّد الله وكبره قائلا: “لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده”.
وترى التوحيد معلنا به في ذروة الحج في يوم عرفة، فخير الدعاء دعاء يوم عرفة، قال -صلى الله عليه وسلم-: “أفضل ما قلت أنا والنبيون عشية عرفة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير” أخرجه مالك.
وفي صباح العيد يكرِّر الحجاج التكبير والتهليل: “الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد”.
فتوحيد الله مَعْلَم واضح من معالم الحج؛ ولذلك فإن الذي يحج وهو يرفع شعارات الشرك قبل الحج وأثناء الحج وبعده فيستغيث بغير الله، يستغيث بالأولياء، ويعلق التمائم، هذا بعيد جدا عن روح الحج؛ بل عن روح الإسلام كله، فالإسلام الشامل الإيمان هو توحيد الله بالعبادة.
وأي عبادة أوضح وأصرح من عبادة الدعاء؟ بل “إن الدعاء هو العبادة”، كما صح في الحديث، قال تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) [غافر:60]، فالحج شعيرة تعزز التوحيد وتنفي الشرك، والذي لا يدرك هذا إما جاهل أو مكابر.
ومن معاني الحج تعظيمُ شعائر الله تعالى، قال عز وجل: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) [الحج:32]، وتعظيم شعائر الله يعني تعظيمه هو -جل جلاله-، وهو من أهم ما يحتاج أن يتذكره المسلم في مثل هذه المواسم، لاسيما في هذا الزمان الذي ظهر فيه ما يناقض تعظيم الله تعالى من الاستخفاف والاستهزاء بالعديد من السنن.
وحرمات الله كشعائره يجب أن تعظم؛ ولذلك بعد ذلك التأذين بالحج قال -سبحانه-: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ * ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ) [الحج:29-30].
الحرمات جمعُ حُرمة، وهو ما يجب احترامه، واعتبار الشيء ذا حرمة كناية عن تحريم الدخول عليه، أو الدخول فيه، والمقصود عدم انتهاك ما حرم الله انتهاكه بمخالفة أمره؛ لأن هذا مخالف للتعظيم، فتعظيم الله لا يقف عند حد الزعم والوهم فحسب، تعظيم الله تعالى يعني تعظيم شعائره وحرماته، فلينظر كل واحد منا مدى تعظيه لربه بهذا القياس. أسأل الله أن يهدينا بهداه.
إن شعيرة الحج تعني تجديد العهد مع الله تعالى، قال تعالى: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ * ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) [الحج:27-29].
فإذا استشعر الحاج أنه بقدومه الأراضي المقدسة ووقوفه في المشاعر يجدد عهده مع الله تعالى والتوكل عليه وحده، ويدرك أن الأمر كله لله، وأنه -كما قال سبحانه-: (وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ) [هود:123]، وأن ما يجرى على الأمة من متغيرات إنما هو بتدبير الله وحكمته.
فما أحوج الأمة لدعاء ملايين المسلمين الوافدين على الله تعالى، المخبتين الخاضعين، إذا اجتمعوا على صعيد عرفات، ورفعوا أيديهم بأن يقدر للأمة الخير، وأن يكشف غمتها، وأن يجعل لها من أمرها رشدا! ما أحوج الأمة إلى ذلك!.
ومن معاني الحج أن الإسلام قادر على جمْع الناس بالملايين، فالحج يجمع المسلمين بمختلف أعراقهم وألوانهم ولغاتهم، جمعهم الله تعالى على دينه، وآواهم على شرعه، فلم تجمعهم نعرات ولا عنصريات ولا جنسيات، وإنما جمعهم هذا الدين، وألف بينهم هذا الإيمان، وفي ذلك تأكيد على أن هذه الأمة لا يؤلفها إلا الإسلام، ولا يجمع شتاتها إلا الإيمان، فهو دين الوحدة والتعاون والتضامن: (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [الأنفال:63].
ومن معاني الحج التدريب على ضبط النفس، وقصرها على الخير والخلق الحسن، يقول تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) [البقرة:197]. لا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج. سبحان الله! انظر كيف يحرص الإسلام على الأخلاق! كيف يربط بينها وبين العبادات؛ بل بينها وبين أركان الإسلام!.
إن العبادتين من أركان الإسلام اللتين يتلبس بهما المسلم أثناء مباشرته لحياته اليومية هما الحج والصوم، ففي الحج يدخل الحاج في النسك ويبقى أياما متلبسا بالعبادة من يوم التروية إلى عرفة إلى العيد إلى التحلل الأصغر والأكبر، إلى نهاية أيام التشريق، كل هذه الأيام وهو في نسكه، فأمَره الله تعالى خلال هذه الأيام المباركات التي يتعامل فيها مع الناس ويواجه فيها الكثير أن يحفظ أخلاقه ويضبط سلوكه: لا رفثَ ولا فسوقَ ولا جدالَ في الحج.
والصوم كذلك، يبقى الصائم متلبسا بالصيام طوال النهار ولمدة شهر كامل؛ ولذلك طالبه الإسلام أن يضبط أخلاقه خلال ذلك الشهر، لعل فيه تدريبا له ينفعه على ضبط سلوكه، وأخلاقه في سائر الشهور. صح في البخاري وغيره أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: “إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم”. فأيام الحج مدرسة أخلاق، كما هو شأن شهر رمضان.
الحج إذا كان مكتملا خاليا من الرفث والفسق رجع الحاج طاهرا من الذنوب كيوم ولدته أمه، ففي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة قال -صلى الله عليه وسلم-: “مَن حَج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه”، نسأل الله من فضله.
وصح في الجامع الصحيح من حديث أبي هريرة، قال -صلى الله عليه وسلم-: “والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة”.
فعلى مَن عزم على الحج أن يعزم كذلك أن يكون بعد الحج أكثر طاعة وورعا، وليستقم على الطاعة، ولا يضيع ما بناه. يقول الحسن البصري في صاحب الحج المبرور: أن يرجع زاهدا في الدنيا، راغبا في الآخرة.
أيام العشر الأول من ذي الحجة غنيمة عظيمة لمن أدرك بركتها، في السنن من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام -يعني أيام العشر-“، قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: “ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء”.
إن من تأمَّل قصةَ هذا البيت العتيق وما مرَّ به عبر القرون والعصور، وهو شامخُ البُنيان، ثابتُ الأركان، بدأ في وادٍ غير ذي زرعٍ، لا ماءٌ به ولا شجَرٌ ولا شيءٌ، خلاءٌ بلقَع، ليس به أنيسٌ ولا جليسٌ، ونراه اليوم بيتًا معمورًا، لا تمرُّ لحظةٌ إلا وفيه طائفٌ أو راكعٌ أو ساجدٌ.
بلدٌ كان لا يقصدُه القاصِد إلا ووصيَّته مكتوبةٌ عنده؛ لأن شدَّ الرَّحل إليه مظِنَّةٌ من مظانِّ الهلاك؛ إما تيهًا، أو جوعًا وعطشًا، أو قطعًا للطريق، وربما كان يُقال عنه قديمًا: الذاهبُ إليه في عِداد المفقود، والعائدُ منه كالمولود؛ لبُعد المسافة، ووعورة الطريق، وقلَّة الزاد والرَّاحِلة.
وقد أشارَ إليه المولَى بقوله: (وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ) [النحل: 7]. قال المُفسِّرون: “هي مكة”.
وتتوالَى نعمُ المولَى -سبحانه- على عباده، فيخلُق ما لم يكونوا يعلمون به ولا يحتسِبون، فيُذلِّلُ لهم رَكوبَ ثبَج الهواء والبحار والبراري، ويُؤمِّنُ لهم الطريق، ويُنعِمُ على عباده بالمَركب الرَّخِيِّ، والرزقِ الهنِيِّ، والمسكن السلِيِّ، ويُكرِم عبادًا حمَّلَهم خدمةَ الحرمين الشريفين ليُفيضُوا فيه مما أفاءَ الله عليهم، يُسخِّرون نعمةَ الله خدمةً لوفود بيته الحرام، في صورةٍ لو ذُكِرت لأسلافنا لوُصِف راويها بالخَبال، (وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا) [إبراهيم: 34].
ومع ذلكم كلِّه -عباد الله- فإن السفرَ قطعةٌ من العذاب، وورود المناسِك بأركان الحجِّ وواجباته وسُننه لم يأتِ في شريعتنا الغرَّاء في دائرة الترفُّه أو التنعُّم، كلا؛ بل إن الحجَّ عبادةٌ تميَّزَت باشتراك الجهد البدنيِّ والماليِّ فيه، ومهما بلَغَت وسائلُ الراحة والترفُّه مبلغَها في هذا العصر فلن يُعفِيَ أحدًا من التفَث والشَّعَث والمشقَّة؛ إذ المناسِك إنما هي امتحانٌ للمرء المُسلم أيصبِرُ أم يضجر.
وما مُنِع الحاجُّ مما كان حلالاً عليه قبل الإحرام إلا لحكمةٍ يعلمُها -سبحانه-، تُشعِرُ الناسِك بالنَّصَب والوَصَب والمشقَّة في ذات الله -سبحانه-، وإلا فما معنى المنع من قصِّ الشعر وتقليم الأظافر والطِّيب ولُبس المخيط، والخِطبة والنِّكاح، ومُعاشَرة الزوجة، إن لم يكن من أجل استِحضار نعمة الله على العبد حالَ الترفُّه وترادُف النعم. وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لعائشة -رضي الله عنها-: “إنما لكِ من الأجر على قدر نصَبكِ ونفقَتِك”. (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) [الحج: 29].
وحينما يمتنِعُ الحاجُّ والمُعتمِر عما حرَّمَه الله عليه حالَ النُّسُك -وهي كلُّها من وسائل الترفُّه- ليرسُخُ في أفئدتِهم مبدأُ الوقوف عند حدود الله، والسمع والطاعة له فيما أباح وفيما حرَّم، لا يُجادِلون في حُرمة ذلك، ويتلقَّونَه بعين الرِّضا، والتعبُّد للواحد القهَّار الذي منعَهم من مُزاولة ومُلابَسة ما نهاهم عنه، فيُدرِكون أن الحُكمَ لله وحده، والأمرَ لله وحده، وأنه لا معبودَ بحقٍّ إلا الله.
إذ لك -أيها المسلم- أن تُجادِل كلَّ من منعَك حقَّك، أو أراد أن يُجرِّدَك من ثيابك، أو يمنع عنك زوجَتك، أو يمنعَك من قصِّ شعرك وتقليم ظُفرك إلا الله -سبحانه-؛ فإنه لا يُسألُ عما يفعل وهم يُسألون.
وبمثل هذا تُصقَل النفوسُ المؤمنة من خلال توثيق الصِّلَة بالله في الحجِّ، وتجديد الولاء له بالتوحيد في صيغة التلبية: لبَّيك اللهم لبَّيك، لبَّيك لا شريكَ لك لبَّيك، إن الحمدَ والنعمةَ لك والمُلك، لا شريك لك، وفي صيغة التهليل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له المُلك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، وفي صيغة التكبير: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، عند الإحرام، وفي عرفة، وعند رمي الجِمار.
وكأنَّ ذلك التوحيد علامةٌ على أن من أراد أن يغفِر الله له فليُوحِّده حقَّ توحيده، وليجعل الأمرَ كلَّه لله خلقًا وعبادةً، وأمرًا ونهيًا، لا مُبدِّل لكلمات الله، ولن تجِد من دونه مُلتحدًا. ولهذا كان جزاءُ من أقام شعائر التوحيد في الحجِّ ولم يرفُث ولم يفسُق أن يرجِع كيوم ولدَتْه أمُّه، كما صحَّ الخبرُ بذلكم عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وإذا كان الباري -سبحانه- قد جعلَ اجتِنابَ الكبائر سببًا في تكفير الذنوب، كما في قوله تعالى: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا) [النساء: 31]، فإن تركَ الشرك بالله -أكبر كان أو أصغر- وإقامة التوحيد من بابِ أولَى، (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) [البقرة: 197].
فاعلموا حُجَّاج بيت الله الحرام أن من مقاصِد الحجِّ: إقامةَ ذكر الله بالتوحيد؛ فتارةً يكون بالتلبية، وتارةً يكون بالتهليل، وتارةً يكون بالتكبير، وكلُّها أذكارٌ تُؤكِّدُ انفرادَ الله في رُبُوبيَّته وألوهيَّته وأسمائه وصفاته.
وهكذا تظلُّ جُموع الحَجيج تجأرُ بذكر الله، لها هديرٌ لا ينقطِع، يُستحبُّ لهم ذلك كلُّه حال القيام والقعود والمشي والركوب، والاضطجاع والنزول والسير، للمُحدِث والجُنُب والحائض، في الليل والنهار، وعند الأسحار، وفي أدبار الصلوات؛ فقد سُئل النبي -صلى الله عليه وسلم-: أيُّ الحجِّ أفضلُ؟! فقال: “العَجُّ والثَّجُّ”. رواه الترمذي. والعَجُّ: هو رفعُ الصوت بالتلبية. والثَّجُّ: هو نحرُ البُدْن.
ومما يدلُّ على ذلكم، وأن أعمال الحج معمورةٌ بذِكر الله: أن الله -سبحانه- حينما ذكرَ رميَ الجِمار في كتابه العزيز أتَى بلفظِ الذِّكر؛ حيث قال: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ) [البقرة: 203].
وفي السعي يقِفُ النبي -صلى الله عليه وسلم- على الصفا ثم وحَّد اللهَ وكبَّرَه، وقال: “لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له المُلك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجزَ وعدَه، ونصرَ عبدَه، وهزمَ الأحزابَ وحده”.
ومن هنا يستحضِرُ كلُّ مؤمنٍ مُوحِّدٍ أن الله سيُنجِزُ وعدَه لمن وعَد، وأنه لا يفُلُّ كيدَ عدُوِّهم ويُفرِّقُ شملَهم إلا هو -سبحانه-، فهو القاهرُ فوق عباده، وهو على كل شيء قدير، وأن النصرَ من عند الله ينصُر من يشاء وهو العزيزُ الرحيمُ، وأما العباد فلا حول لهم ولا طَول إن لم يكن لهم نصرٌ من الله وفتحٌ قريبٌ، (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ) [آل عمران: 126، 127].
ولعلَّ من اللطائف في كون أن النبي -صلى الله عليه وسلم- اختارَ موضعَ الصفا والمروة ليذكُر فيه نعمةَ النصر وإنجازَ الوعد: أنه هو الموضع التي كانت تقطعُه هاجَر أم إسماعيل -عليهما السلام- تبحثُ فيه عن الفَرَج وكشف الكُربة، تبحثُ عن الماء لابنِها الرَّضيع، فيكشِفُ الله غُمَّتَها، ويُفرِّجُ كُربتَها.
ومن اللطائف أيضًا: أنه -صلى الله عليه وسلم- حينما ضُيِّق عليه في مكة وأُخرِج منها، وقفَ بالحزورة -قيل: إنها عند الصفا-، فقال -صلى الله عليه وسلم-: “واللهِ إنكِ لخيرُ أرض الله، وأحبُّ أرض الله إلى الله، ولولا أني أُخرجتُ منكِ ما خرجتُ”. رواه أحمد.
فحريٌّ بكل حاجٍّ أن يستلهِمَ هذه العِبَر والعِظات، وأن يستحضِر وهو يقِفُ على الصفا والمروة ما كان يقولُه -صلى الله عليه وسلم-، مُعطَّرًا بالفأل الحسن، وتغيُّر الحال من الضعف إلى القوة، ومن الاضطهاد إلى الصبر.
هذا هو الحجُّ، يبدأُ بالذكر، ويتوسَّطه الذكر، ويُختَتم بالذكر: (فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ * وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ) [البقرة: 200- 202].
وأُذكِّرُ نفسي وإياكم بهذه الوصايا: حُجَّاج بيت الله الحرام: الإسلامُ هو الحِصنُ الحصين، والإيمانُ هو الدِّرعُ المتين، والعِزَّةُ في ظلِّ هذا الدين، كما قال عمرُ بن الخطاب -رضي الله عنه-: “نحن كنا أذلَّ قومٍ، فأعزَّنا الله بالإسلام، فمهما نطلبُ العِزَّةَ بغيره أذلَّنا الله”.
فالشكرُ لله على ما حبانا من نعمةِ الإسلام، والتوفيق للحجِّ إلى بيته الحرام، الشُّكرُ -وإن قلَّ- ثمنٌ لكلِّ نوالٍ وإن جلَّ، فإذا لم يشكُر المرءُ ربَّه فقد عرَّضَ النعمةَ للزَّوال، وأعلى مقامات الشُّكر: الاستِجابةُ لله وللرسول، والمُبادرة إلى الطاعات وفعل الخيرات؛ فإن نفسَ المُؤمن لا تستكين، وهمَّتُه لا تلين حتى ينالَ الأجرَ الجزيل، وكلما سكَنَت نفسُه أحدثَ لها نشاطًا وقال لها: يا نفسُ: أبشِري؛ فقد قرُب المنزل، ودنا اللقاء، فلا تنقطِعي في الطريق دون الوُصول، فيُحالُ بينك وبين منازلِ الأحِبَّة.
حرِيٌّ بالعاقلِ أن يكون مُراقِبًا لربِّه، مُحاسِبًا لنفسه، مُتدبِّرًا عاقِبَته، مُحافِظًا على الصلاة مع الجماعة، مُعلِّقًا قلبَه بالمساجِد، تالِيًا كتابَ الله.
أيها المسلمون، حُجَّاج بيت الله الحرام: لقد تنوَّعت في هذا العصر الشهوات، وترادَفَت الشُّبُهات، وهذا يتطلَّبُ أن يكون المُؤمنُ قويًّا في عقيدته وإيمانه وسُلوكه، قويًّا في إيمانه بالقضاء والقدَر، قويًّا في بدنه وفِكره وقلَمه، قويًّا في علمه واقتِصاده وصناعته، قال -صلى الله عليه وسلم-: “المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خيرٌ”. رواه مسلم.
قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: “إنما أُنزِل القُرآن فقرَأناه وعلِمنا فيما أُنزِل، وإنه سيكونُ أقوامٌ يقرؤون القُرآنَ ولا يدرُون فيما أُنزِل، فيكون لكلِّ قومٍ فيه رأي، فإذا كان كذلك اختلَفوا”؛ أي: أنهم اختلَفوا بسبب الجهل.
قال الله تعالى: ((وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) [الأنفال: 46]، وقال تعالى: ((فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [الأنفال: 1].
وقال -صلى الله عليه وسلم-: “إن الشيطانَ قد أيِسَ أن يعبُد المُصلُّون في جزيرة العربِ، ولكن في التحريش بينهم”، وقال -صلى الله عليه وسلم-: “لا ترجِعوا بعدي كُفَّارًا يضرِبُ بعضُكم رِقابَ بعضٍ”.
ودورُنا: العملُ على وحدة الأمة ونبذِ الاختِلاف، وتعميق أواصِر العلاقة بين المُسلمين.
لقد آنَ الأوانُ لأمة الإسلام أن تتسنَّمَ ذُرَى الرُّقِيِّ، فهي خيرُ أمةٍ أُخرِجَت للناس، والعالَمُ اليوم ينشُدُ مُنقِذًا، ويعيشُ فراغًا، وواجبُنا نشرُ الدين والدعوة إلى الله؛ فأمَّتُنا صاحبَةُ رسالةٍ، وحامِلةُ دعوةٍ، واجبُنا أن نُبلِّغَ دينَ الله، ونُظهِرَه بالعمل بالقُدوةِ الحسنة، والأُسوةِ الصالحةِ؛ لنُعيدَ للإسلام أمجادَه، ونُعطِّرَ تاريخَه. إن صلاحَ المُؤمن هو أبلغُ خُطبةٍ تدعُو الناسَ إلى الإيمان. قال الأوزاعيُّ -رحمه الله-: “إن المُؤمنَ يقول قليلاً ويعملُ كثيرًا، وإن المُنافِقَ يقول كثيرًا ويعملُ قليلاً”. يقول الحسنُ البصريُّ -رحمه الله-: “عِظِ الناسَ بفعلِك، ولا تعِظْهم بقولِك”.