عُدةُ النصر “الدعاء والإستجابة” / نبيل الكوفحي

عُدةُ النصر
الدعاء والاستجابة (٦)

نبيل الكوفحي


الدعاء مطلوب بكل أحوال العبد، فهو عبادة يحبها الله، اذ يمثل اقرار الانسان بتوحيد الالوهية الذي يمثل مع توحيد الربوبية والصفات والاسماء معنى الايمان بالله. يقول تعالى ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ).
الحاجة للدعاء في حال الضيق والكرب مرتبطة بالانسان، لشعوره بالضعف وقلة الحيلة، قوله سبحانه ( وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه )، وقد وجهنا سبحانه وتعالى لذلك بقوله (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض) وجعل عاقبته انه يُمكّن المؤمنين في الأرض وليس فقط كشف الضر.

في معركة بدر الكبرى، كانت ” موازين القوى” مختلة لصالح المشركين، لكن الدعاء كان حاضرا عند الرسول صلى الله عليه وسلم الذي دعا كثيرا وكان مما قاله ( اللهم إنك إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض ) وكذلك عند المسلمين، وكانت الاستجابة كما جاء في سورة الانفال ( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ).
يقول كثيرون ؛ ندعوا ولا يستجاب لنا، ان لقبول الدعاء شروطاً؛ منها صلاح الحال وحضور القلب واليقين بأن الله قادر على الاجابة والالحاح فيه وتحري الاوقات والاحوال المستحبة. ان الاستجابة فضل منه سبحانه، ولا بد ان نستمر بالدعاء سواء حصلت الاجابة بسرعة او لا، كيف لا وهو القائل ( ادعوني استجب لكم) وإذا تأخرت فلحكمة يعلمها ولا نعلمها، والقران الكريم كان واضحا بقوله ( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص ‏من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين).

في سورة الانبياء التي تسمى بسورة الاستجابة لكثرة ما جاء فيها من استجابة لدعاء الانبياء عليهم السلام، جاءت كلمة ” فاستجبنا” بحرف العطف ” فاء” للدلالة على سرعة الاستجابة، واضح من سياق الايات جميعها انهم كانوا في حالة ضيق واحداث كبيرة، كما في قوله سبحانه بحق سيدنا يونس عليه السلام وهو في بطن الحوت ( فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين)، ويتكرر الحال ( وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ. فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ )

إن أهلنا في غزة بحاجة لدعائنا؛ في صلواتنا وخلواتنا وفي الاوقات المستحب فيها الدعاء، فالمؤمنون كالجسد الواحد، وهذا أضعف الايمان. وبأي حال فنحن نؤجر على ذلك، بالتأكيد ليس هذا وحده يكفي لاستحقاق النصر، لكن دوامه من علامات الايمان.

ما احوجنا ان نتعلم الادب مع الله بالدعاء كما فعله الانبياء ونستمر به ( ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً) لعل الله يكشف الكرب وينصر أهلنا في غزة.
والى مقال اخر ان شاء الله

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى