عوني الرجوب يكتب حول تكريم نسرين طافش.. أسئلة حول الرسالة والدلالة والمعنى ؟!!

#سواليف

كتب .. #عوني_الرجوب

في خطوة أثارت الكثير من اللغط و الجدل والتساؤلات على شبكات التواصل الاجتماعي تم #تكريم #الفنانه_نسرين_طافش من قبل مؤتمر المنتدى العالمي للتواصل الاجتماعي بجائزة ” #المحتوى_العربي الأكثر انتشاراً عبر الإنترنت”(..) ، هذه الخطوه التي قوبلت بتصفيق من البعض ، وواجهت نقدا لاذعا من شرائح اخرى اعتبرت ان التكريم يمثل حرفا للحقيقة وضياعا لبوصلة التقدير .

وفي وقتٍ يتعرض فيه #الأردن لجملةٍ من التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والامنية التي تعصف بوطنٍ لا يزال يناضل من أجل البقاء في طليعة الدول الأصيلة المتماسكة، يقوم البعض بتسخير المشهد العام لتكريم شخصيات – مع تقديرنا الشديد لها – تشتغل في قطاعات غير حيوية وغير مؤثرة ، متجاهلين #المؤثرين و #المؤثرات في مختلف المجالات الحيوية والهامة ممن يساهمون فعلا في بناء الحاضر ورسم معالم المستقبل .

إن تكريم صانعة محتوى ترفيهي في منتدى للتواصل الاجتماعي في حقبة الابادة والمحرقة والموت الذي يعصف باشقائنا في #غزة و #فلسطين هو مؤشر خطير على #انحراف_البوصلة ، وتغليب الشكل على المضمون ، وسمو المادة على القيمة وهو امر لا يجوز ان يكون هدفا بحد ذاته .

هذا ليس وقته ..

هل يظن من خططوا لهذا التكريم أن الأردنيين منشغلون بمثل هذا الكلام الفارغ ؟ هل يدركون حجم الأوجاع التي تعيشها العائلات الأردنية وهي تكافح لأجل توفير لقمة العيش؟

في ظل الظروف الراهنة، والأزمات المتفاقمة، والأعباء الملقاة على كاهل المواطن، يبدو أن القائمين على هذا النوع من المبادرات يعيشون في عالم موازٍ، بعيد تمامًا عن نبض الشعب ومعاناته.

الأردن اليوم لا يحتاج إلى المزيد من الزيف والتلميع الفارغ، بل إلى أفعال جادة تعيد الثقة للمواطن وتنهض بالأمة.

الأردن الذي عرفناه على مر التاريخ لم يكن يومًا وطنًا يلهث خلف بريق الشهرة متخليا عن كينونته وخصوصيته ومكامن تفرده .

كيف يُعقل أن يتم تجاهل جميع صناع وصانعات المحتوى في كل القطاعات الحيوية المهمة على شبكات التواصل الاجتماعي واختيار صانعة محتوى ترفيهي لهذا التكريم ،ماذا عن المبدعين الحقيقيين الذين يسعون جاهدين لتعزيز مكانة الأردن ورفعته؟ الملاحظة لا تخص الفنانة طافش ابدا ، المشكلة قطاعية ، فلقد كان على المنظمين ان يركزوا على دلالات التكريم واهمية الاختيارات في حقبة تحتاج منا لمراجعات واعادة ضبط للاولويات.

كيف يمكن لهذا التكريم أن يكون أولوية ، ويكون عنوانا بينما شبابنا يعانون البطالة، وأسرنا ترزح تحت ضغوط الحياة الهائلة ، وهؤلاء الشباب يبحثون عن قدوات وقيادات ونماذج يمكن ان تحدث فرقا وتترك اثرا ايجابية في حاضرهم ومستقبلهم !!

ان التبرير الذي قدّمه منظمو التكريم كان “التأثير الإيجابي وبناء الذات”، وهنا دعونا نسأل: ما هو هذا التأثير؟ وهل يُقاس بناء الذات برواج الاسم على مواقع التواصل الاجتماعي؟

ما نراه اليوم ليس بناء للذات بل هو مس بالهوية والهاء عن القضايا الرئيسية ..

كيف يمكن اعتبار هذه الخطوة “ريادة”، عن اي ريادة تتحدثون ؟!!

صراع القدوات: من يستحق التكريم في هذا الزمن؟

الأردنيون يعرفون جيدًا من هم قدواتهم. هم الأمهات اللواتي يربين أجيالًا على الأخلاق والقيم، هم الأحرار الذين ضحوا من أجل كلمة حق، هم المعتقلون الذين دفعوا ثمنًا غاليًا لأنهم رفضوا الصمت على فساد أو انحراف.

لكن أن يُترك هؤلاء وينشغل المسؤولون بتكريم ما يطفو على السطح ، فهذا هو “الكيل بمكيال أعوج” وهو تحديدا ما يرهق الأردنيين ويقتل فيهم الأمل بمستقبل أفضل.

إن تنظيم مثل هذا التكريم في هذه الفترة العصيبة غير قابل للفهم ، ولا يمكن هضمه الا في سياق التورط المباشر في تزييف الوعي وضرب اعدادات المجتمع ومسطرته المعيارية ، صحيح ان هناك الكثير من التكريمات المدروسة والمخطط لها جيدا ولكن على المنظمين ان يتحملوا كامل المسؤولية عن خياراتهم جميعا ، الناس تراقب وتقيم وتحاكم بطريقتها ووفق معاييرها ..

لقد ملّ الأردنيون من الازدواجية في المعايير، لن يقبل الأردنيون أبدًا أن تتحول مؤسساتهم إلى أدوات تُستخدم لتلميع أسماء لا تعبر بشكل حقيقي وموضوعي عن اولوياتهم .

الأردن أكبر من هؤلاء

الأردن سيبقى شامخًا بقيمه، بأمهاته وآبائه، بشبابه الذين يعرفون معنى النضال من أجل الكرامة. أما هذه التكريمات الفارغة، فهي زوبعة في فنجان لن تغير شيئًا من حقيقة أن الأردن أكبر من كل هؤلاء جميعا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى