ماذا يحدث في غزّة؟

#سواليف

ماذا يحدث في غزّة؟

إعداد: سليم النجار- وداد أبوشنب

” مقدِّمة”

مقالات ذات صلة

مفردة “السؤال” وحدها تحيل إلى الحرية المطلقة في تقليب الأفكار على وجوهها، ربّما هدمها من الأساس والبناء على أنقاضها، كما أنَّها من أسس مواجهة #المجازر و #حرب_الإبادة التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني في غزّة والضّفّة، من قِبَل الاحتلال الاسرائيلي٠

في هذا الملف نلتقي بعدد من الكُتّاب العرب الذين يُقدِّمون لنا رؤاهم حول ماذا يحدث في غزّة؟

وما يستدعي الدرس والتمحيص والنقاش والجدال والنقد، لأنّ الأشياء تحيا بالدرس وإعادة الفهم، وتموت بالحفظ والتلقين٠

محمد ناصر العطوان من الكويت يكتب لنا من زاويته “ماذا يحدث غزة”؟

ماذا يمكن للإنسان العربي المسلم أن يكتب عن #فلسطين؟

محمد ناصر العطوان/الكويت

1-الهوية، الموروث، القضية:

غير كونها كانت وما زالت هي طائر الفينيق الأسطوري الذي كلما أذن بالرحيل حتى سخرت له الحياة، حياة لا تكاد تنفض حتى تتجدّد، تختفي من المناهج التعليمية فتظهر على شريط الأخبار، تحاصرك بالأمل كما يحاصرها #الصهاينة بالظلم، كنبات يتسلّق على شجرة أصابها الظل.. فظلت تتسلق بحثا عن الشمس.

إن ما استقرت عليه نفسي وأهلي وأصدقائي وكثير من الشباب الذين أعرفهم أن فلسطين هي امتداد هوية شكلت تراكميا بناء على هدم، ولا أدري حقيقة ما إذا كنت ستعرف ما أقصده بكلمة بناء على هدم.. ولكنها عبارة شعرت بصدقها حيث تختصر مشوار طويل إلى آخر المقال.

القدس هي موطن كل الذين ضاعت اوطانهم، وسلبت منهم إمكانياتهم وما كان يمكن أن يكونوه.. وموطن المستحقين الذين لم ينالوا حقهم، إنها وصلة السماء بالأرض عبر الديانات الثلاث المتجاورة لإثبات أن الأديان أكبر من معتنقيها الذين طغوا في البلاد، إنها الأرض مقابل السلام وامتداد النفط مقابل الدواء.

إنها إعلان دولة من الملح المصفى الذي لا يتجرعه إلا السكان الأصليون بقرار مِمَن لا يملك لمن لا يستحق تحت غطاء وحماية ممن لا يستحيي في ظل توجه للتطبيع ممن أضاع الطريق!

لطالما كانت وما زالت فلسطين حاضرة بجبروت من يدبكون الأرض فيسببون ضجيجا ثائرا يوقظ “بعل” التاريخ النائم ويوقظنا عبر التعاطي مع أخبارها سلوكا وانفعالا أرض تلقي بثقلها على منابر خطب الجمعة وملتقيات أصدقاء حقوق الإنسان دائما فلسطين حاضرة كتسجيل حضور في الصف الأول فالإسلامي والليبرالي قد يتنازعون فيما بينهم ويأخذ أحدهم بلحية الأخر في رحلة بين العقل والنقل، والسنة والشيعة قد يتنازعون في الخلافة والإمامة ويأخذ أحدهم بعمامة الآخر في رحلة بين التاريخ والرواية، ولكنهما في القضية الفلسطينية ليسا كذلك.. فطوال عمرها لم تكن “قضية” قابلة للمناقشة.. لقد كانت “القضية” على إطلاقها.. وعندما أردنا أن ننساها، تذكرناها في المسرح الساخر ب”الكضية”!

2-هناك الكثير مما يمكن كتابته عن القضية!

وما الذي يمكن أن أكتبه عن.. القضية!!

هل أكتب فأقول (وادعا يا قدس) ثم أصب جام غضبي على الحكام المسلمين وأقدم مرثية حزينة عن حالنا كعرب وكمسلمين ثم أشير إلى زوال المجتمع الإسرائيلي عضويا من الداخل دون تدخل منا.. أم لعلي أقول ما هو الجديد فيما يحدث.. وأن فلسطين محتلة الأوان حرب مثل هذه لن تكسب إسرائيل سوى شرعية لا تنقصها لكي تضع يدها متى ما شاءت وأينما شاءت وعلى من شاءت، وأنه قبل أن تضيع القدس منا قد ضاعت منا أشياء كثيرة أخرى ولكن لا.. لن أكتب بهذا الاتجاه أيضا ليس لأنه غير صحيح ولكن لأنه شبح من السلبية يحاصر كل أمل تبقى فينا.

إذا فمن الممكن أن نجلس مع بعضنا ونتفق على مشتركات عامة مثل إدانة العالم وحضارة البنوك الرأسمالية التي تمثلها الإدارة الأمريكية التي واجهتها هي حزب الحمير والأفيال وبايدن بتكشيرته نحونا لنثبت أنها خالفت القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وأن أمريكا لم تضرب القوانين الدولية عرض الحائط فقط، ولكنها ضربت العالم الإسلامي في عرض قفاه حتى استنفذت قواه.. فهل أنت بحاجة إلى من يذكرك بشيء مثل هذا؟

لا.. لن أكتب في هذه الاتجاهات لأنها تأخذنا لمساحات سكين النقد فيها لا يقطع سوى لحمنا نحن.

مسكينة هذه الأمة التي لا تتعلم من أخطائها وتستعجل جني الثمار قبل موسم الحصاد ولا تمتلك النفس الطويل مع الله وتستعجل النزول من الجبل -في كل مرة- لجمع الغنائم بينما العدو يلتف عليها.

لقد دمرت مدينتي هيروشيما وناكازاكي عام ١٩٤٥ برسالة أرسلها أينشتاين إلى روزفلت عام ١٩٣٩ يخبره فيها أن النازيين يسعون لامتلاك سلاح نووي انطلاقا من اكتشافاته العلمية، مما جعل روزفلت يزرع قنبلة في أواخر الثلاثينات فجرها ترومان في منتصف الأربعينات!

وهذا يعني أن مفاعيل الحركة لا تظهر نتائجها فوريا، فما حدث عام ١٩٤٨م في فلسطين هو نتاج مؤتمر بازل عام ١٨٩٧م، وإعلان القدس عاصمة لإسرائيل هو نتاج عام ١٩٩٠م وتبعاته، أما نتاج ثورات الربيع العربي والتي تحوّلت لخريف دموي فمن المفترض أن تظهر نتائجه فيما بعد الاستفاقة من الخسارة الثقيلة لعدد من الدول العربية الكبرى، وأما نغمة التطبيع مع إسرائيل والتي يؤديها مطربين فاشلين فلن تظهر نتائجها على مسامعنا اليوم.. بل في الغد.

3- #طوفان_الأقصى :

لقد اشعلت هذه الحرب “طوفان الأقصى” جذوة أطفأتها المناهج التعليمية والسياسات التطبيعية منذ زمن، فنتائجها ليست اليوم وليست في الغد.. بل في يوم ما نتربصه جميعا.

الجيل الجديد، جيل الإنترنت والتفاعل الإلكتروني، الذين ولدوا عام 1990، أثبتت التجارب أنهم يهتمون بالنزاهة وأنها سمة أساسية من سمات هذا الجيل، يُقدر هذا الجيل النزاهة ويأبه بالأخلاق والصدق ومراعاة مشاعر الأخرين والشفافية والوفاء بالتزاماته، ويتحلى بقدر هائل من التسامح.

يمكنهم أن يميزوا بين “الأشخاص، المناصب، المشاهير، والدول” الذين يقولون شيئاً ويفعلون شيئا أخر، وبمقدورهم استخدام الإنترنت لمعرفة ذلك، وشبكات التواصل للنشر وإخبار أصدقائهم عن أي انتهاك يكتشفونه.

وفق الأرقام العالمية فإن نسبة مشاركة هذا الجيل في الأعمال التطوعية نسبة غير مسبوقة، فهم يتطوعون لخدمة القضايا المدنية وللأكثر احتياجاً.

قد يُسارع هذا الجيل إلى الإدانة الأخلاقية، ولكنه يُسارع إلى العفو إذا ما ظهرت له بوادر وعلامات على التصحيح، ويمكن لهم أن يقاطعوا منتجات لأنها تلوث البيئة، أو شركات تسيء معاملة موظفيها أو قياديا يقول شيئا ويفعل شيئاً أخر، أو منتجات الكيان الصهيوني كلما قتل أكثر.

لا شيء أكثر حقاً من أن أختم بأن الله غالب على أمره.. والفلسطينيون هم الظاهرون على صهيون.. وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله.. أبتر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى