عليّ الطلاق أنتو الحرامية

عليّ الطلاق أنتو الحرامية
م. عبد الكريم أبو زنيمة

يحكى أنه قد حدثت مجموعة من السرقات في إحدى القرى، تكررت السرقات ودارت الشبهات حول اثنين من أبناء القرية هما فنيخر وفنخور لكن لم تتوفر لدى من سُرقت بيوتهم أية أدلة مادية ضدهم، لذلك لم توجّه ضدهم أي اتهامات! ولكن أخيرًا طفح الكيل بأبو مشاري الذي سُرق بيته، وكعادة العرب في تلك الايام لجأ إلى القاضي العشائري في تلك المنطقة وادعى عليهم متهمًا إياهم بالسرقات، وبدوره حدد القاضي موعداً للبت في موضوع الدعوة وطلب من المدعي والمدَعى عليهم الحضور بالوقت المحدد. حضر أطراف الدعوة وحشد من الأهالي الذين كانوا يشيرون أيضًا بأصابع الاتهام لنفس الأشخاص، جلس أبو مشاري أمام القاضي الذي طلب منه عد حجته (تقديم بيّناته)، بدأ بتعداد السرقات وحجمها وجاهد بتقديم الأدلة والبراهين ليثبت عليهم الحجة لكنه لم يقدم دليلاً مادياً واحداً يدينهم به! فكانت كل أقواله مجرد شبهات تدور حول المتهمين! سأله القاضي وهل لديك ما تضيفه يا أبو مشاري؟ فأجابه: اعدل حجتي يا قاضينا بعد سماع ردهم، القاضي: اجلس مكانك، وطلب من المتهمين الجلوس أمامه وسألهم ما هو ردكم على قول ابو مشاري؟ أجابه أحدهم: على ماذا نرد؟ أبو مشاري قليل دين ويتهمنا ويشوه سمعتنا بدون أي دليل! حاول القاضي استدراجهم بالحديث عله يصل إلى دليل يدينهم به لكنهم كانوا أكثر ثباتًا وأقوى حجة، وهنا لم يبقى لدى القاضي إلا أن يلزمهم بحلف اليمين سيرًا على قاعدة “البيّنة على من ادعى واليمين على من أنكر” أما الأول فأقسم بأنه لم يطأ لأبو مشاري أرض ولم يكشف له عرض! أما الثاني فأقسم بأن يداه لم تلمس لا حبال ولا مال ولا أي رزق لعيال أبو مشاري، حاول بعض الحضور التدخل لصالح أبو مشاري! لكن رد فعل المتهمين كان حاداً: “إذا انتو وأبو مشاري همل ومو قادرين تحموا حالكو..واذا الحرامية تصول وتجول بدياركو وما انتوا قادرين توقفوهم عند حدهم ..اليوم تنسرقو بنصاص الليالي لكن بكره ومن شاربي هذا غير تتقشطو الظهر الحمرا!” تدخل القاضي وأسكت الجميع وسأل أبو مشاري: تريد تعدل حجتك بعد يمينهم: أجاب أبو مشاري -والحقد بادٍ عليه- نعم أعدلها وجلس مرة ثانية أمام القاضي وصاح موجهاً حديثه للصوص: عليّ الطلاق بالثلاث انتو الحرامية وانتو اللي سرقتو ونهبتو البلد وكل الناس عارفه ومتاكدة بس لمين نشكي!
ما أكبر الشبه بين الأمس واليوم! كل المسروقات أمامنا نراها قصوراً وفلل وشاليهات ومزارع .. أموالنا المنهوبة نراها تطير في السماء وتجوب طرقاتنا بأحدث موديلات السيارات..شركاتنا ومؤسسساتنا التي بيعت نراها أرصدة في البنوك الأجنبية..أموالنا نراها رواتب فلكية وامتيازات وهبات وأُعطيات ومكافئات وشراء ذمم…مقابل كل حفرة وهبوط في طرقاتنا نجد بنفس حجمها أموالاً تتكدس في جيوب وأرصدة الرشاة والمرتشين و..وو.. وكما ذهب فنيخر وفنخور بسرقاتهما حيث كان أحدهما يحمل الآخر عند السرقة فأننا لن نجد اليوم ولن نعرف لماذا وكيف ذهبت ثلاثة مليارات دولار لملاذاتٍ آمنة!!!

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى