عبود المهموم / احمد المثاني

عبود المهموم

.. جلس منهكا على الرصيف مثل جملة معترضة ،، بهذه الهيأة التي عبثت بها السنون .. و أثقلها السعي وراء لقمة عيشه ، و لم يسلم من تحالفات الأمراض التي اجتاحته .. الضغط العالي .. و السكري .. و اهتراء في القصبات الهوائية ..
جلس على رصيف المدينة التي نامت على وقع الكؤوس المترعة ، و الضحكات المجنونة ، و ألوان واجهات المقاهي المترفة .. و نوادي الليل الغارق بالشهوات المجنونة ..
جلس ساهم الطرف و هو يمسك بعصا المكنسة التي عبثا يحاول بها تنظيف بقايا ضمائر تساقطت .. و مروءات جف فيها ماء الكرامة .. وراح يبلل لفافة التبغ و هو يسعل و يشعل سيجارته من نار حرمانه !! و كان ينفث همه ممزوجا بنفثات الدخان .. و جال بفكره كيف سيجمع ثمن ملابس العيد لابنه الذي أقعده الشلل .. كم علبة من هذه المشروبات التي يرمي بها المارون سيجمع .. ?
و ما الوقت الانسب لنبش حاويات المترفين .. قبل أن يسبقه إليها ” النباشون ” الجدد ??

يا لله كم أحلام الفقراء و المتعبين متواضعة !!
مازال يذكر حين حالفه الحظ ذات مرة .. و وجد كيسا مملوءا بألعاب كبر عنها اولاد النعمة ، فألقوها في الحاوية .. كانت ليلة فرح حين عاد بها مثل صيد ثمين .. و زاد فرحة ابنه حبات ” العوامة ” الي اوصى أباه بها ..

أيتها المدينة ، لقد تغير وجهك : شوارعك و ساحاتك و عمرانك .. و كذلك تغير ضميرك !!
فأصبحت تضيقين الخناق على البسطاء و المتعبين و هم يكنسون أوزارك .. و قمامتك المتزايدة
و صرت مرتعا للسماسرة و مرتادي علب الليل ، و ناهبي الاموال القذرة .. لقد اضعت وجهك يوم أن هجرك الشرفاء من أبنائك .. و يوم أن ادرت ظهرك لمن بناك و و ضع لبناتك الأولى ..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى