إنسان أنا ابن قرية / خالد عياصرة

إنسان أنا ابن قرية
اريد أن أعيش دون هاتف ارضي او خلوي,
بلا فيسبوك وتويتر, بلا لاب توب أو ايباد.

أن أعود لتربية الدجاج, ومراقبة الديك وهو يسيطر على الخم, فيخرج متبخترا كل صباح.

أن أذهب إلى أرض ولدي صباحا لاصطاد العصافير, وقبل ذلك انبش الارض, بحثا عن دودة, اضعها, طعم لهن.

أن اشتم رائحة الخيار المزروع في اراضينا من بعيد, امازال له رائحة ؟

مقالات ذات صلة

أن أراقب امي وهي تعجن, وتخبز ونحن نتقاتل حولها.

أن أرى نساء الحي وهن يتجمعن, حول فرن التنور, إذ يجلسن لممارسة هوايتهن, اليومية بمنتهى البراءة.

أن أعود لؤؤية الكراسي الحجرية, في شارع المسجد القديم, حيث الرجال, وهم يتعاطون الحياة, وشيئا من دخان الهيشي, امازالت الحجارة في مكانها؟

أن أرى الهجيني, والقربة والشبيبة, وهي ترقص في افراحنا.

أن أرى امي إذ تحمل صحنا من طبخة ساخنة, لتقدمها إلى جارتها, البعيدة, والتي ترفض أن تعيد الصحن إلا محملا من باب رد الجميل.

أريد أن أرى شبابنا, تصحو باكرا, لأداء صلاة الفجر, ومن ثم الذهاب للعبة كرة القدم.

ان ارى غاباتنا, وقد حميت اشجارها, واراضينا, وقد زيد منتوجها.

أن أعود إلى ارض ولدي في الصباح, لقطف, حبات الآجاص والتفاح, وأشعل مشكلة مع أبناء عمومتي, للفوز برحلة إلى عمان.

إن اصعد إلى باص قريتي, فاجلس على مقعد, في زاويته, وما أن يصعد رجل كبير بالسن, أو امراة, أو فتاة, حتى ادعوهم, للجلوس مكاني.

أن احاول مجددا الصعود إلى أعلى شجرة الجوز, دون خوف أو وجل, أمازلت إلى الان تخافها ؟

أن اقترب من عين الماء, ومنها اصنع, ابريقا من الشاي, له نكهة وطعم ورائحة.

أن ارافق, أبناء وبنات عمي في رحلة الذهاب والإياب الى الاراضي… يا ترى أين ذهب كل هؤلاء ؟

أن أعود إلى أيامي , حيث انتظر الساعة الثالثة, لمتابعة مسلسلات, الكرتون, من اسألوا لبيبة, وساسوكي, والرحالة الصغير, وتوم سوير, إلى مسلسل السهرة, وقبله النشرات, الاخبارية, والاقتصادية, والجوية. وافلام القناة الثانية خصوصا السيارة العجيبة ومايكل!

أريد أن استعيد شعوري, بامتي, فأحزن على حال فلسطين, لكم يكن يثيرنا حينها مشكل عابرة للاحزان, عداها, أما الان فكل البلاد كحالها, نمر على الاحتلال, والقتل, والتشريد, واللجوء والدماء والإجساد المتساقطة, من الجوع, من الرصاص من الظلم, مرور الكرام.

أريد أن أعود إلى زمني, حتى أرى, طالبات الجامعات, وقد لبسن, ما يستر روحهن, قبل اجسادهن, و طالبات, المدارس وقد ازدانت رؤوسهن ب ” الشبر” الأبيض والأحمر.

إلى ذلك الزمن الذي كان الناس في يومياتهم, يتعاونون, على كل شيء من الافراح,إلى الاتراح, ومن قطف الزيتون, إلى الحصاد.

أريد أن أعود إلى طبيعتي دون تعقيدات, دون الوان, أعود إلى انسانيتي, التي شوهتها, الحضارة.

تلك الحضارة التي شرخت, المفاهيم, واستبدلتها, بأخرى مشوهة, أخذت بصورتها, السلبية, فانتجت, مسخا مرعبا.

باختصار أريد أن أعود ما افتقده من انسانيتي الحقيقية التس لم تشوهها الحضارة, باسم الديمقراطية, والليبرالية, والراسمالية, والشيوعية, والاشتراكية, والتكنولوجيا والتقنية. فقط انسان على الفطرة, يشعر بالاخرين, ويشعرون به. فأنا يا أصدقاء مجرد ابن قرية.

‫#‏خالدعياصرة‬

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى