طلاسم الشيطان

د. سعيد المومني

طلاسم الشيطان
د. سعيد المومني

عُقلة بعد أن تخرج من الجامعة بسنوات وتنقله في معظم المهن من ( عاطل ومُعَطل وبطّال )، قرر أن يمتهن الزراعة بوصفها مهنة الأنبياء والأكثر أمناً بين كل المهن. ذات يوم بعد أن جالس ” الشيطان ” آخر الليل إتفقا على زراعة العنب كونها الفاكهة الأكثر طلباً و الأفضل للزراعة، وعليه أبرما عقداً ينظم العلاقة المستقبلية بينهما .

على هذا الاتفاق زرعا عنباً وطنياً بجودة عالية حتى يتقبله عشاق العنب، و قام عُقلة ببيعه بسعر تنافسي في السوق و حسب إمكانيات المحرومين، اللذين إقترض بعضهم العنب من عُقلة بضمانة ( لما يفرجها الله )، ولكن كان ” الشيطان ” يعصر ويخمر العنب ويحولها الى ” نبيذ ” يسر الشاربين، فأختلط الحابل بالنابل وتعرضت المزرعة للهجوم من الناس و فُرض حظر على منتجات عُقلة، الذي لم يرتكب ذنباً سوى ذنب شريكه ” الشيطان “، و عليه أُغلق المشروع .

ندم عُقلة على هذه الفعلة و أقنع شريكه ” الشيطان ” بالكف عن هذه الأعمال الخطيرة الشنيعة، و إتفقا على زراعة الموز بعد أن سمعا طفلاً فقيراً يسأل أباه عن هذا الشيء الذي لم يتذوقه و لم يراه قط، كما أنه لا يمكن تحويله الى نبيذ. وقام عُقلة ببيع الموز في أفقر الأحياء و بأبخس الأسعار، فيما كان يقوم ” الشيطان ” بتوزيع قشور الموز على الطرقات المؤدية الى مراكز القرار، فركبتها كثير من الشخصيات وتحولوا الى مُّلاك لقصور في أرقى الأحياء، ومنهم من أصبح محللاً سياسي على القنوات والبرامج السياسية ومنهم من تحول الى كاتب يومي أو أسبوعي في الصحف الرسمية، فظهرت طبقة جديدة بثياب جديدة وعادات وأخلاق وثوابت جديدة.

بعد أن يأس عُقلة من شريكه ” الشيطان ” قرر فَض الشراكة يائساً من مهنة الزراعة، فيما إستمر ” الشيطان ” في توزيع قشور الموز : فهذا يفتح مصرفاً !! وهذا ينشىء شركات !! وهذا يرأس حزباً !! وهذا رئيساً لهيئة مستقلة !! وهذا يرأس صندوقاً استثمارياً !! وهذا يصبح رئيساً مجلس إدارة !! وهذا وزيراً !! و هذا سفيراً !! وهذا شيخ عشيرة !! وهذا صاحب عمامة !! وتكالبت الأطراف لشراء هذا النوع من قشور الموز ” الوطني “، فيما كان عُقلة قد عاد الى مهنته القديمة التسول. لكنهم عندما قرروا حل مشكلات الوطن من مديونية وفساد آملين بمستقبل أفضل للوطن، ذهبوا لفك طلاسم الشيطان فوجدوا النصيحة التالية : عليكم بقتل عُقلة !!

اظهر المزيد

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى